الموضوع: الحجاب !
عرض مشاركة واحدة
قديم 10/07/2005   #2
شب و شيخ الشباب Tarek007
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ Tarek007
Tarek007 is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
Damascus
مشاركات:
3,584

افتراضي


سورية... الحجاب يصعد .. بقلم : شعبان عبود

مثلها مثل العديد من الدول العربية، تجتاح سورية منذ سنوات قليلة وعلى نطاق واسع عودة لمظاهر التدين، ولا تقتصر هذه المظاهر على طائفة اسلامية دون غيرها، بل تشترك الأقليات الدينية في التعبير عن هذه المظاهر, صحيح ان سورية ورغم وجود حزب «علماني» يحكمها منذ أربعة عقود، تعتبر بلدا اسلاميا وتنتمي بشكل طبيعي لمحيطها المشرقي، الا انها وعبر تاريخها قلما عرفت مظاهر التشدد والتطرف، ما عدا حقبة نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي، حين شهدت صراعا مسلحا بين جماعة الاخوان المسلمين والسلطة، لكن تلك الأحداث لم تعكس في ذلك الوقت خلافا دينيا بين الجماعة الأصولية المتشددة والنظام العلماني المنفتح، بقدر ما عكست صراعا سياسيا اتخذ شكلا مسلحا وقفت وراءه رغبة الجماعة في الوصول الى السلطة بأي طريقة.
غير انه ومنذ انهيار النموذج السوفياتي أوائل تسعينات القرن الماضي، وقبله صعود الثورة الاسلامية في ايران، مقترنا بترهل البعث السوري في السلطة وتضخم ظاهرة الفساد التي ترافقت بدورها مع انحلال في النظام القيمي والأخلاقي عند مفاصل وكوادر مهمة في المؤسسات الحكومية، كل ذلك أدى الى تنام منقطع النظير لمظاهر التدين والانغلاق عند السوريين الذي تم التعبير عنه بالاهتمام من جديد بالحجاب وانتشاره على نطاق واسع.
واذا كانت دمشق وحلب وحماة قد مثلت ولعقود طويلة مركز ثقل الاسلام التقليدي المحافظ ومدت الكثير من الأحزاب الدينية بغالبية كوادرها وقواعدها النشطة والفاعلة، فإنه ولأول مرة في سورية صار من الممكن رؤية نماذج لرجال ونساء في الأرياف والمدن السورية البعيدة والنائية (دير الزور، درعا، الرقة، الحسكة، ادلب) متدينون بشكل غريب عن المظاهر المتعارف عليها، لقد صار طبيعيا ان تصادف في تلك المحافظات رجالا مكحلي العينين وحليقي الشوارب وشعر الرأس ومطلقي اللحى ويرتدون أثوابا متواضعة قصيرة تمتد لأسفل الركبة بقليل, وليس بالضرورة ان تعكس هذه المظاهر تسييسا للدين بقدر ما تعكس رفضا للواقع القائم وانغلاقا على المجتمع رغم عدم وجود بعض المطالبين بطبع السياسة بطابع الدين.
لا يبدو ان حزب البعث الحاكم ومن حوله بقية الأحزاب القومية والناصرية والماركسية المنضوية في الجبهة الوطنية التقدمية معادون كثيرا لما يجري في المجتمع، بل على العكس تماما، فكل المظاهر تقول ان السلطات تحاول استغلال هذه الصحوة لحشد تأييد حولها في «مواجهة التهديدات الأميركية والاسرائىلية»، ولا أدل على ذلك من محاولة الانصات من النافذة لذلك الكم الكبير من الخطب المبعثرة في الأثير التي يتلوها أئمة الجوامع على الجمهور الغفير، الذي صار يتردد على الجوامع ويجهد للحصول على مجرد مكان بين أقرانه المؤمنين, كلها خطابات تتوعد لأميركا واسرائىل وتدعو لنصرة المجاهدين في كل مكان مثلما مطلوب منها ان تدعو لرئيس الجمهورية بأن «يحفظ الله خطاه ويسددها لما هو خير المسلمين» ولا يقتصر التردد على الجوامع على الرجال فقط، فالكثير من الأسر السورية صارت ترسل بناتها ونساءها لحضور الدروس الدينية حتى صار من الممكن رؤية الأم تتقدم بناتها وكناتها مسرعة لحضور درس الشيخ «فلان» يوم كذا الساعة كدا.
هكذا ولوقت طويل وبعد ان كانت المدارس الابتدائية والاعدادية والثانوية العامة، تعج بالمئات من الطالبات والطلاب بشكل مختلط، بعيدا عن مظاهر الفصل بين الجنسين، صار من الممكن اليوم رؤية تلميذات صغيرات في الصفوف الابتدائية والاعدادية يرتدين الحجاب بطريقة محتشمة جدا، حجاب موضوع بعناية لا يسمح بهروب شعرة واحدة من رأس الطفلة، حجاب يعكس ما تريده الأسرة السورية القلقة أكثر مما يناسب وجه طفلة صغيرة.
ومنذ أيام أخبرتني مديرة المدرسة الابتدائية التي يتعلم فيها ابني، ان رجلا أتاها يطلب منها متوسلا فصل طفلته ذات الأعوام السبعة عن زملائها من الاطفال في المقعد الدراسي، لقد ترجاها ذلك الرجل ان تضع بجانب ابنته اطفالا اناثا وليس ذكورا,,, هذه الطفلة تضع الحجاب امتثالا لرغبة والدها!
وتعبر هذه الظاهرة عن نفسها دون ضجيج مع السلطات، مثلما هي السلطات تغض الطرف عنها متحاشية اتخاذ قرارات واضحة بهذا الشأن رغم «علمانية» حزب البعث الذي يبدو انه يدرك ما يتمتع به الاسلام من جاذبية، وخاصة بين الطبقات المتوسطة والفقيرة، لكن ألا تعلم السلطات ان أكثر من 80 في المئة من السوريين ينتمون لتلك الشرائح الاجتماعية؟ كذلك فإن لغياب الحياة السياسية وتغييب الأحزاب السورية متضافرا مع صعود ظاهرة الفساد في أجهزة الدولة ومؤسساتها الذي ترافق مع انهيار متدرج في نظام القيم والأخلاق، قد ساهم بدوره في انتعاش التدين، وقد ساهم أخيرا السقوط السريع لنظام البعث في العراق الشبيه، من حيث بنية الهياكل القائمة وآليات العمل، مما هو قائم في سورية، في تعزيز مظاهر التدين الذي انعكس بدوره بزيادة كبيرة في ارتياد الجوامع وزيادة عدد المحجبات.
صحيح ان السلطات استطاعت تجيير هذه المظاهر وحشدها لمواجهة حملة الضغوط الأميركية، الا ان نتائج هذه السياسة يبدو انها لن تتوقف عند نهاية الحملة بقدر ما ستسمح للمتدينين في المستقبل بالتعبير أكثر عن أنفسهم وفلسفتهم ورؤيتهم للحياة كلما سنحت لهم الفرصة.
وتنتشر مظاهر التدين كثيرا بين الشباب وخاصة منهم الذين يعيشون أوضاعا اقتصادية غير مستقرة ويقضون جل أوقاتهم في البحث عن فرصة عمل, وكما هو معروف فإن البطالة تتركز بين الشباب، وتبلغ نسبة البطالة في الفئة العمرية 15-24 عاماً حوالي 70 في المئة، وتتركز عند الأميين وخريجي المدارس الابتدائية والاعدادية، وهم غالبا أشباه أميين، اذ تبلغ نسبة هاتين الفئتين 82,4 في المئة من حجم العاطلين عن العمل, الأمر الذي يعني على المدى الطويل استقطاب الدين المزيد من الشباب اليائسين المستعدين أكثر من أي وقت مضى للهروب خلفا واللجوء الى «الله».



الرأي العام

عـــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــايــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة






زورو موقع الدومري :
http://aldomari.blogspot.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03781 seconds with 11 queries