[yass]

لو ألقينا نظرة تاريخية سريعة على مختلف الدول "العربية" لوجدنا أنها , عبر تاريخها الحديث كدول, مرتبطة فكريا بشخصية زعيم ما , قد يكون رئيسا للجمهورية أو أميرا أو ملكا أو سلطانا... اختلفت التسميات و المعنى واحد .
نرى في كل دولة عربية قائد ملهم و تاريخي , شجاع و مخلص , و نرى أيضا شعبه غارقا في الجهل و التخلف و الفقر . يا ترى , ماهو المسبب؟ هل القائد سبب للتخلف ؟ أم أن التخلف سبب لوجود القائد ؟ في الحقيقة أعتقد أننا ندور في حلقة , كلاهما سبب للآخر.

في علم الاجتماع , و منذ أيام ابن خلدون , تم التسليم بأنه : كلما كان الشعب أكثر تخلفا و جهلا , و كلما كانت ظروفه أصعب , كلما كانت حاجته للـ "مهدي المنتظر و المخلص " أكبر .
شعوب الدول العربية متخلفة فكريا , وهذا ما استغله مختلف القادة الذين وصلوا تباعا للحكم بفضل انقلابات عسكرية أو طرق أخرى للتربع على العرش السياسي و الفكري , و لينصبوا أنفسهم أولياء أمور الشعوب الطفلة في وعيها السياسي , و عملوا على السعي لأن لا تصل هذه الشعوب لمرحلة البلوغ.

القائد يستغل هذا الجهل , بل و يرسخه , تراه يتغنى بالقومية العربية , و بنفس الوقت يتحالف مع أعداء العروبة ... هذه التناقضات طبيعية في العالم العربي... ومن الطبيعي أن يهلل له الشعب و أن يصفق , فهو بهالته الالهية التي رسمت حوله , و ذكاءه الخارق للعادة , من المفروض أنه "يعرف ما يفعل" .

من الأمور الأخرى التي يستغلها القائد "الملهم" هي تخلف الوضع الاقتصادي الذي يرسخه بنفسه , فالمواطن الذي يتعب و يكدح طوال النهار و جزءا من الليل, لا وقت لديه للتفكير في سياسة وطنه .

هذا القائد العظيم يحاول كذلك خلق حالة من الخوف و الترقب , فأعداء الوطن يتربصون به من جميع الجهات , ووحده هو القادر على وقفهم و حماية البلاد , فهو البطل المخلص .

المستبد استغل الجهل و التخلف للوصول الى الحكم , وهو يحافظ عليهما بكل الوسائل الممكنة, لأنهما أفضل الضمانات لاستمرار حكمه , تعتيم الاعلام , تكريس الفقر , و تثبيت الخوف غاياته الثمينة .

الحل؟؟!! الحل ليس بيد شخص أو اثنين أو حتى عشرة , الحل بيد الشعب بجميع فئاته, و أنا أفكر بالحل , أتذكر مقطعا من أحد أفلامي المفضلة (الدكتور جيفاغو) حين يأتي رسول الى الجبهة ليعلن سقوط القيصر و دخول لينين في العاصمة... سأل أحد الجنود : ومن هو لينين؟ أهو القيصر الجديد ؟ فرد عليه أحدهم بقسوة: لا يا أحمق...لا قياصرة بعد اليوم...

لينين بعدها لم يكن قيصرا, لكنه اصبح ديكتاتورا...نعود للبداية, تغيرت التسميات و المعنى واحد...

على الشعب ان أراد التطور أن ينزع فكرة القائد الملهم الذي ينجز و يعطي , صاحب القرارات التاريخية و الاستثنائية دائما , عليه نزع هذه الفكرة الى الابد , يجب أن يكون كل أفراد الشعب قوادا , لكن لا أحد منهم ملهما , يجب على الشعب أن يضع في فكره أن الرئيس هو خادم الشعب و ليس سيدهم , ان عمل خيرا , فهو يؤدي واجبه , لا يستحق على ذلك الثناء و الشكر,و ان أخطأ, فعلى الشعب محاسبته .




yass