عرض مشاركة واحدة
قديم 03/02/2009   #3
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


وفق جورج لوميتر، الذي تأثر به جبران أيما تأثر، ينطلق الكون في تمدد سريع بعيد ولادته بهنيهة، ثم لا يلبث أن يغدو ضحية المواجهة بين فعل التجاذب الثقالي المتبادل الشامل من جهة، وبين أثر التنابذ المعزو إلى التعديل الذي أجراه آينشتاين على معادلاته من جهة أخرى، كان آينشتاين قد فعل ما فعل كي يكبح تمدد الكون ويعود به إلى صورة اشتقت في لحظات زائلة، إنها مواجهة يفرضها الكون ذاته، إذ ذاك يدلف الكون من بوابة ضيقة تدفعه إلى إرهاص من تمدد بطيء لا يتحرر الكون من براثنه إلا بحلول لحظة الآن، اللحظة الجبرانية الراهنة إنها لحظة فاصلة في كونيات لوميتر يعود الكون بعدها إلى التمدد السريع مدفوعاً هذه المرة بزخم التنابذ الذي يحقق انتصاراً باهراً على التجاذب لحظة الآن، إن لحظة الآن من الزمن هي حالة وجودية ظاهراتية صرفة، إنها الخافية الواعية التي تخلقها الأنا، إنها استشعار الأنا لأناها بامتياز، ويا للأسف، يغشى البصر بعيد لحظة الآن، فيفقد الناظر تدريجياً إدراكه للكون، ذلك أن التنابذ يسبقه متجاوزاً إياه أبداً. كذا يستخدم ابن آدم أقدس ما في الكون لتعميم شرور الكون، إنه الموت يقرره الإنسان بنفسه، إنه خدر الرمز نقنع به بعيداً عن جمال المرموز إنه التجيير إلى الذات المقتبسة والجبن عن لقاء الذات المعنوية الخفية المفعمة بالأحلام المترفعة عن شرائع الإنسان وتعاليمه. إن كانت الكونيات الفيزيائية منظومات من رموز نسجتها الأنا لتعلل الأنا ما تراه الأنا عجزاً واستحالة يتمثلان بالانقطاع في السيالة الزمانية المكانية وبنقاط الانفصام التي تحتل كل حيز في السيالة، فإن الكونيات الجبرانية تبحر بعيداً إلى ما وراء نقاط الانفصام باحثة عن أصل وطبيعة الرمز والتعلل والرؤية والعجز والاستحالة، أوليس القصد من الوجود أن يطمح الإنسان إلى ما وراء الوجود، وكما تطرح الكونيات الفيزيائية موضوعاتها، تخط الكونيات الجبرانية بدورها موضوعاتها الخاصة، أيها الكون العاقل، المحجوب بظواهر الكائنات، الموجود بالكائنات وفي الكائنات وللكائنات، أنت تسمعني لأنك حاضري ذاتي، وإنك تراني لأنك بصيرة كل شيء حي، ألقي في روحي بذرة من بذور حكمتك لتنبت نصبة في غابتك وتعطي ثمراً من ثمارك، فأنا وأنتم لا ولن نقدر على تحديد الفكر والعاطفة ولكننا نعرف أنهما من الأوليات الأزلية الأبدية، فكل ما في الوجود كائن فيك وبك ولك. كل ما في الوجود كائن في باطنك وكل ما في باطنك موجود في الوجود، وليس هناك من حد فاصل بين أقرب الأشياء وأقصاها أو بين أعلاها وأخفضها أو بين أصغرها وأعظمها، ففي قطرة الماء الواحدة جميع أسرار البحار وفي ذرة واحدة جميع عناصر الأرض، وفي حركة واحدة من حركات الفكر كل ما في العالم من حركات وأنظمة، أكدت الموضوعات الجبرانية على أزلية وأبدية الحياة باعتبارها ظاهرة، نحن الشيء الذي لا نهاية لصغره ولا نهاية لكبره. إن الموضوعات الجبرانية محدودة في تعدادها، لكنها ليست محدودة فيما تذهب إليه، أما الموضوعات الأخرى فهي محدودة المبنى والمعنى، نعود إلى كتاب الموضوعات الكونية الجبرانية لنقلب صفحاته، وما لا شكل له ينشد أبداً أن يكون ذا شكل، حتى السديم الذي لا يعد يود أن يتحول إلى شموس وأقمار، أو ليس الجهاد في الطبيعة شوق عدم النظام إلى النظام، الإنسان الكوني هو في جهة منه قلق وملل وتردد، في ناحية أخرى هو وعي ومعرفة، وفي ناحية أخيرة هو حلم وعوالم جديدة لم يبلورها بعد، ثم أنظر متأملاً بما وراء البحر، فأرى الفضاء غير المتناهي بكل ما فيه من العوالم السابحة والكواكب اللامعة والشموس والأقمار والسيارات وما بينها من الدوافع والجواذب المسالمة المتنازعة المتولدة المتحولة المتماسكة بناموس لا حد له ولا مدى الخاضعة لشرع كلي ليس لبدئه ابتداء ولا لنهايته نهاية، ما هو ذلك الشرع، إنها ما تعجز كل الأبجديات عن رسمه وبيانه، لو رصفت رموز كل الأبجديات بكل صيغها الممكنة لما استطاعت أن تدنو من الحقيقة أبداً، ليست الحقيقة أبعد مما يستطيع الخيال بلوغه وحسب، إنها أكثر خيالية مما يقدر الخيال أن يتخيل، والخيال أداتنا الوحيدة في المعرفة، إنه حقيقة لم تتحجر بعد، وإن التصور معرفة أسمى من أن تتقيد بسلاسل المقايسس وأعلى وأرحب من أن تسجن بأقفاص الألفاظ. الخيال هو يقظة في أعماق النفس فمن يعرفها لا يستطيع إظهارها بالكلام ومن لم يعرفها لا ولن يدرك أسرارها، نحن نرافق الخيال وأيدي الخيال أنزلت المعرفة من دائرة النور الأعلى. إن الحقائق العظيمة الفائقة الطبيعة لا تنقل من بشري لآخر بواسطة الكلام البشري المتعارف عليه، لكنها تختار السكينة بين النفوس، إن أعطيت النفس الصمت لاقتحمت غمرات الليل، والنفوس هي العوالم، هي الأكوان، إن لكل عالمه، بشكل أدق، إن الوجود بالتعريف تجارب متعددة تتجسد في أكوان تأتي وتذهب من ثم كما أتت دون إذن أو توقع، تلك الأكوان هي نحن، وهي جبران، وهي آخرون قد تكون فاجعة أن يذوي كون ويضمحل ويختفي، كما نحسب أن الكون جبران قد فعل، وأن الكون آينشتاين قد فعل، بينما الكون بحاجة ماسة إلى كل أكوانه، إن جبران وآينشتاين ودستويفسكي قد اندثروا وغابوا لكنهم باقون ما بقيت الحياة، إن رسالتهم ما زالت على الدرب، لكنها ستصل وإن وصلت يجب أن تفض، إن على الوجوه أن تخلع الأقنعة لخظة فض الرسالة وإن على الأعين أن تحملق فيها باحثة عن المعنى عبر طياتها. إن كل وجه من الوجوه هو لا شيء، كونه يتألف من ذرات مادية قوامها الفراغ والهندسة، والفراغ والهندسة مجرد مفهومين، لكنه الوجه تعريف غير المعرف، لذا ترك الإنسان التاريخي الوجه بدون كساء، وعمد إلى الثياب يغطي بها باقي ألأجزاء جسمه، من هنا كانت الأهمية القصوى للاشيء للوجه، إن الوجه هو الأنا عندما تستجر شهادة تعريف لها من السوى، ترى الأنا مجموع إنيات متخالفة في السوى، إنه أمر جواني تنكره الأنا إذ تخلد إلى ذاتها، هكذا تفقد الأنا أي تعريف لها، حتى الوجه الذي خلفته تعجز عن رؤيته، النبي فقط يخرج من الأزمة بدفع أناه نحو الكمال، إذ ذاك يمد النبي أناه شاعراً أنه هو الفضاء ولا حد له، وهو هو البحر بدون شواطئ وأنه النار المتأججة دوماً، والنور الساطع أبداً والرياح إذا هبت أو إذا سكنت والسحب إذا برقت وأرعدت وأمطرت والجداول إذا ترنمت أو ناحت، والأشجار إذا أزهرت في الربيع أو تجردت في الخريف والكون بأسره إن تجلى أو اختفى، وماذا إن اختفى الكون، ماذا إن أوصدت على حين غرة نافذة الأنا إلى الكون، نافذة المطلق إلى المطلق، إنها النافذة الوحيدة المطلقة دون النوافذ الأخرى، ذلك أن المطلق لا يستشعر النوافذ الأخرى إلا إن أطل من نافذته، من وجهه، إن المطلق على جهل مطبق بعلة وجود النوافذ الأخرى، إن النوافذ الأخرى عديمة الجدوى، إن أي نافذة منها ليست إلا طيفاً، شبيهاً، مثلاً، ولعلها ند. هل أنتِ أيتها الأرض المسؤولة عن تثقيب الفراغ بكل تلك الوجوه، بكل تلك النوافذ، بينما أنا المطلق هويتي وجهي، نافذتي، ولا أحتاج إلى تعريف.

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04688 seconds with 11 queries