الموضوع: حوارات
عرض مشاركة واحدة
قديم 31/12/2007   #112
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


هدفك من الكتابة بشكل عام.

- الكتابة هي خروج عما يجب أن تكون عليه، هي الحرية المطلقة لأن تعيد تفاصيل الحياة كما تشتهي ربما تقع أسير الواقع أثناء السرد لكنك تترك جزء منك يحلق خارج السرب، وفي هذا تهريب بذور أمانيك في جهة لا تصلها دويبات الأرض أو الحشرات المتطفلة. والكتابة ليست عملا روتينيا بحيث تدعي أنها تحقق لك المردود المالي والاجتماعي هي عشق ومطارحة هوى، فهل رأيت إنسانا يمل من مطارحة عشيقته لوعاجه كلما صدأ في الأزقة الملتوية والتي تلتهمه كجزور علق على خطاف جزار يعرف كيف يفصل اللحم عن العظم.

*بالرغم من انك دللت كثيرا إلا إن (القرية، الطفولة الصعبة، المرض، الألم) قواعد قويه ساهمت في صناعة الكاتب عبده خال. ما مدى تأثير الظروف والبيئة التي نشأت بها في كتاباتك وهل صحيح بأنك تستمد أحداث قصصك من ماضيك؟

- نحن نرتحل عبر الأزمنة وكأننا نرتحل عبر مدن، نحبها ونعشقها إلا أن رحلتنا بها ما هي إلا رحلة (ترانزيت) علينا أن نستنشق ونرى كل ما تسمح به اللحظة، ورحيلنا عبر هذه المدن ربما يجعلنا أكثر تقلبا في الأمزجة وفي الاعتقادات وفي القناعات. والماضي كالطفولة نحن له ولا نعرف كيف تعلمنا المشي وغادرناه لكنه يبقى كالرحلات التي تعكرت في بعض موانئها وكلما أوشكت الرحلة على الانتهاء اشتقنا لكل اللحظات التي عبرتنا.
ليس هناك ألم في الماضي.
تصدق هذه الجملة كلما ابتعدنا عنه كثيرا، فكل اللحظات تعجن في ذاكرتك وتفوح برائحة الحنين.. نحن نحن للجرح القديم، ألا تجدين من ينتشي أمامك وهو يريك جرحا غائرا في جسده، نشوته تأتي من لحظة التذكر لتلك الحادثة، يتذكرها بفرح غامر كطفل يرغب في إعادة تلعثم الكلمات على لسانه.. ألا نتغنى جميعا بلثغة الأطفال.. هل أقول لك أني لم أكتب الماضي بعد، فمخزن هذا الماضي لا يزال مليء بالشخصيات التي أحلم بأن أخرجها لكي ترقص في واقعنا..

* متى تكتب وهل هناك طقوس معينه تتبعها قبل أو أثناء الكتابة؟

- كتابة الرواية تحديدا تبدأ من مغازلة عذرية، ثمة شخصية تطوف في مخيلتي وتغيب.. تغيب كفتاة عاشقة وخجولة، أشعر بها تخترق دمي، وظل انتظرها حتى تغرق في داخلي تماما، ساعتها نتطارح العشق في أي وقت تشاء أو أشاء.

*تتشح رواياتك بالسواد وأحيانا أكثر من ذلك.. المرض.. التخلف.. الإيمان المطلق بالخرافات وخصوصا في " الموت يمر من هنا " وقد كانت مفاجأة حقيقية بالنسبة لي أن اعرف بان هذه الأمور تحدث فعلا في الواقع وفي زمن قريب جداً وربما لازالت تحدث حتى ألان خصوصا فيما يتعلق بالوثنية أو ما يشبه الوثنية. وأود معرفة شيء سمعته لو سمحت لي وهو انك عشت تجربه مريرة من تجارب الموت يمر من هنا.

- العقل البشري ينهض بمنجزاته في جزء من الأرض ويتباطأ في جزء أخر، هذا التباطؤ هو نوع من الحافظة التي يسرب إليها العقل تجاربه الأولى، هناك نقاط تظل معتمة، والعقل في حاجة لإبقائها في الجزء المعتم.. كي ينمو الغموض والوحشية والجمال الذي يهتكه العلم بضوئه الباهر، والبشرية إذ استسلمت للإضاءة الباهرة تحرق، لذلك أنا أؤمن أننا بقايا أساطير، تظهر جيناتنا الأولى من سلوك أو لفظة، أو أزياء، أو فكرة..
وأمراض العقل الأولى تظهر حينما نترك الذاكرة الحافظة تمنحنا قليلا من لزوجته لنفرك بهما عجينا له نكهة الحكاية الأولى التي كانت تفسر كل عواصف الطبيعة حينما كان العقل أعزل من أي نظرية تمكنه من خلق التفسيرات الفيزيائية لحدوث ظواهر الطبيعة.
وعندما تكون الكتابة الروائية تدور في فلك المكان الأول عليها أن تستعير أدوات العقل الأول، وهذا ليس احتقار لبدائية العقل البشري بل أرى أن تلك البدايات كانت أكثر حرية في صياغة الكون بما يتلاءم مع المساحات الشاسعة من الحرية المطلقة.. ومن هنا تأتي صياغة الرواية متفلتة مما يجب.. هي الحجر الذي يفلق أكبر الأنهار..

* لست مع تفسير الكاتب لكتاباته ولكنني مضطرة لطرح هذا السؤال ماذا تريد أن تقول في (الطين)؟

- لو كنت راغبا في شرح ماذا كنت أريد من تلك الرواية لكنت كتبت مقالة في ليلة واحدة ووفرت على نفسي تعب أربع سنوات متواصلة في كتابتها.. أنا كتبتها كجنون بشري ربما اعترى مخيلتي البدائية وتفسيرها للكون وفق ذاكرة تنطلق من عجينة الماضي والحاضر بكل منجزاته العلمية من نظريات مثبتة وغير مثبتة، أرادت تلك الذاكرة تمزيق كل الكون وإعادة التفكير فيه مرة أخرى وفق جنوح العقل نحو الثورة على عقل ساد بتعليمنا بنظريات غدت كأوتاد الجبال لتسمر مخيلتنا وفق نظريات تراكمات في تفسيرها لما يحيط بها.. وكانت الطين معول سعيت به لهد الكون كاملا.. هو نوع من الجنون.. ألم تسمعي أن مجنونا هم بتحطيم اهرامات الجيزة، أظن أنهم لو تركوه لفعلها.. وفي كتابتي للطين لم يتبعني أحد، فهددت ذلك الكون القائم في مخيلتكم بفعل النظريات المتراكمة.

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03892 seconds with 11 queries