عرض مشاركة واحدة
قديم 24/12/2007   #1
شب و شيخ الشباب ayhamm26
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ ayhamm26
ayhamm26 is offline
 
نورنا ب:
Oct 2007
مشاركات:
1,200

افتراضي الساكت عن الحقّ


طبيعي تماماً، وجزء لا يتجزأ من الوظيفة والمثوبة، أن يهرع بعض المعلّقين السوريين (بيادق الأجهزة الأمنية، إذْ ليتهم كانوا أبواق إعلام النظام!)، ممتهني الظهور علي الفضائيات العربية في لبوس رؤساء مراكز أبحاث وخبراء معطيات ستراتيجية، إلي اتهام نشطاء المجلس الوطني لـ إعلان دمشق بالعمالة للولايات المتحدة. هؤلاء يعودون القهقري إلي خطاب السنة الأولي من عهد نظام بشار الأسد، حين أعلن وزير الإعلام الأسبق عدنان عمران أنّ ناشطي ربيع دمشق يقبضون الفلوس من السفارات الأجنبية؛ وزاد في الطنبور نغماًً وزير الدفاع السابق مصطفي طلاس، الذي صرّح أنه يملك وثائق خطية عن عمالة هؤلاء!
وليس طبيعياً تماماً، حتي إذا كان قد انقلب إلي عرف وعادة وسلوك ونهج، أن تسكت عن حملة الاعتقالات الأخيرة، فضلاً عن حملات التخوين، غالبية ساحقة من أعضاء الأحزاب المتحالفة مع النظام، وبينها حزبان ما يزالان يزعمان هوية شيوعية؛ وغالبية أخري ساحقة من المستقلين أو المحسوبين علي تيارات فكرية وسياسية قومية أو يسارية أو ليبرالية أو إسلامية، غير حزبية، ممّن ينبغي أن تهزّ ضمائرهم أية حملة اعتقالات تكمّ الأفواه وتقمع الرأي الآخر. وباستثناء بيان يتيم، ولكنه شجاع ومشرّف، وقّعته 42 امرأة سورية في استنكار اعتقال فداء أكرم الحوراني رئيسة المجلس الوطني لـ إعلان دمشق ، لم يصدر أيّ موقف آخر يحرّك المياه الراكدة في هذه القطاعات السياسية والثقافية السورية.
وليس طبيعياً، ثالثاً، بل هو مدعاة استنكار أقصي، أن تسكت عن الحملة فئات أخري من النشطاء الذين سبق لهم خوض غمار العمل الوطني العامّ، المعارض تحديداً، في هيئات ولجان ومنتديات شتي، خلال ربيع دمشق وبعده، بل تعرّض بعضهم لضغوط مباشرة بينها الاعتقال أو الإستدعاء. صحيح أنّ المرء يمكن ـ بل يجب، في الواقع ـ أن يختلف مع خطّ إعلان دمشق الفكري أو السياسي، أو أن يختلف مع هذا أو ذاك من أحزاب وقوي وتيارات المعارضة السورية، حول مسائل صغيرة وكبيرة، وحول التكتيك والستراتيجية، وحول كلّ أمر وأيّ أمر. ولكن... هل يجوز لأي اختلاف أن يحوّل البعض إلي ساكتين عن الحقّ، ينتهي صمتهم إلي صالح السلطة القامعة ذاتها التي سبق للساكتين إياهم أن ساهموا في مواجهتها علي نحو أو آخر؟
ورابعاً، كيف يمكن أن يكون طبيعياً صمت قطاعات واسعة من السوريين في الخارج، وبينهم عدد كبير من المثقفين والكتّاب والصحافيين والأكاديميين، إزاء حملة اعتقالات شرسة تستهدف ناشطات ونشطاء يناضلون من أجل سورية أفضل، مستقلة حرّة ديمقراطية متماسكة منيعة؟ وفي نهاية المطاف، أليس وطناً علي هذه الشاكلة هو جوهر حلم السوريين في مغترباتهم، أو هكذا ينبغي أن يكون في ضمائر أناس أقاموا في الغرب وتذوّقوا طعم الحرية والحقّ والكرامة؟ وكيف يبدو طبيعياً، بعد السكوت، أن يكون لبعض هؤلاء قسط في لعبة التخوين ذاتها التي تديرها السلطة، عن طريق آخر غير ذاك الذي تسلكه السلطة بالطبع، يُعلي أخلاقيات صوفية عن الثوابت الوطنية، ولكنه ينتهي إلي الغاية الختامية ذاتها: التشكيك في وطنية المطالبين بالتغيير الديمقراطي؟
وليعذرني الصديق منير العكش، المثقف والناقد وصاحب الدراسات الحصيفة في المسائل الأمريكية، إذا كنت ـ من باب أنّ الأقربين أولي بالعتب ـ سأضربه مثالاً علي طراز في نصب الفزّاعات ينتهي إلي شرعنة الديماغوجية ذاتها التي تمارسها أبواق النظام. وكان قد وقّع رسالة، في أواخر تشرين الأول (أكتوبر) 2005، مع كمال خلف الطويل ومنذر سليمان وزياد الحافظ وفوزي الأسمر ومحمد دلبح (أعضاء المؤتمر القومي العربي في الولايات المتحدة) موجهة إلي زملائهم أعضاء المؤتمر ذاته، المنتمين للمعارضة السورية، في مناسبة البيان التأسيسي لـ إعلان دمشق . الرسالة تلك أعربت عن القلق و التوجس لأنّ البيان يتجاهل الأخطار المدمرة التي يتعرّض لها الوطن السوري دولة وشعباً وعروبة ، كما حذّرت الزملاء من أمريكا لأنه يخطيء من يظن أنّ غاية استهداف النظام السوري هي الإتيان بنظام ديمقراطي ليبرالي يخرج البلاد من قفص الإستبداد إلي معارج الحرية .
والحال أنّ الرسالة انطوت علي إهانة بالغة حين افترضت أنّ إعلان دمشق يرهن التغيير بالخارج، لأنّ الغالبية الساحقة من أهل الإعلان آنذاك كما اليوم، لم يكونوا البتة من رهط المؤمنين بأية ديمقراطية أمريكية تأتي علي ظهر دبابة غازية، بل العكس كان الصحيح علي الدوام. وهم، من جانب ثانٍ، يدركون جيداً أنّ الولايات المتحدة لم تستهدف نظام الحركة التصحيحة أبداً، لا في عهد الأسد الأب ولا في وراثة الأسد الابن، وهي اليوم أيضاً لا تستهدفه... إلا إذا كانت جعجعة اللفظ حاملة طائرات، وطنين الكلام قاذفة B52! ما يضيف الجرح علي الإهانة أنّ أياً من الموقّعين علي الرسالة القومية العربية، وأرجو أنني هنا أجهل كلّ الحقيقة، لم يكتب سطراً واحداً في استنكار اعتقال زملاء له، علي رأسهم فداء أكرم الحوراني (بعضهم، منذر سليمان، لم يجد غضاضة في اعتقال ميشيل كيلو!)...
وبين ما هو طبيعي تماماً، وما هو غير طبيعي أبداً، ثمة ذلك الثابت الكبير: الشرف الوطني الذي يأتلق علي جباه عارف دليلة، ميشيل كيلو، أنور البني، كمال اللبواني، فائق المير، أكرم البني، غسان النجار، أحمد طعمة، جبر الشوفي، فداء أكرم الحوراني، علي العبد الله، وليد البني، ياسر العيتي، وجميع معتقلي الرأي والضمير في سورية الصابرة.


صبحي حديدي-القدس العربي

الرابط http://www.alquds.co.uk/index.asp?fn...??&storytitlec=

آخر تعديل COSTA يوم 27/12/2007 في 12:09. السبب: تعديل الخط
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03169 seconds with 11 queries