نعم لعلي عندما تأملت انعكاسي , تعست قليلا.. أوربما كثيرا... لا أدري
و لماذا قد تهمني هذه المرآه ..في حين أني لطالما لم أشعر بوجودها ,,
لم أشعر بها لأنك جعلت من عينيك مرآتي .., فكلما نظرت بهما لأرى انعكاسي أشعر كأني أميرة من روايات الخيال ..
دوما كنت تنظر إلي وكأني الوحيدة التي تراها..
نعم أذكر كيف التقينا في تلك الرحلة .. كيف أحاطتني عينيك من كل اتجاه لم تترك لي حيزا كي أنظر إليه ..
أذكر كم مشينا وكم ملت الأرصفة من خطواتنا ونحن ما مللنا ..
كم تكلمنا .. كم ضحكنا ..
كيف حاربنا لنكون معا .., كيف فقرنا معا .. واغتنينا معا .. أذكر أنك شريك حياتي
ولا أنسى كم تشجارنا .. وكم امتنعنا عن الكلام ..,وكيف عدنا بعد أن تعبنا مكابرة الأشواق..
ومهما نسيت لا أنسى يديك..
يدك التي كانت بيدي حين التقينا.. حين مسحت شعري بها
حين حبلت بابننا ..
يدك التي مافارقتني ..عند انجابي له..
يدك التي شدّت على يدي عند وفاة أحبائي ..التي مسحت دمعتي ..
أبا ساهر .. لطالما عشقتك أنت وكان عشقي لعينيك ويديك عشقا منفصلا ..
والآن حين يتحدثون عن أكبر النعم التي قد تمنح للإنسان ..
يخطر ببالي اثنتين ...
الأولى تلك التي تسمح للمرء بأن يكلم نفسه في سره دون أن يسمعه أحد ..
فلو سمع أحد كلماتي عنك .. لاتهمني بالجنون والجهل ..فلقد تجاوزت الخمسين ولازلت أتحدث عن الحب وأطيل الوصف والتأمل ..
لكنت وصفت بالمراهقة ..
ولكنت ما عتبت ..لأنهم لا يدرون أن المرأة في الخمسين أشد حاجة للحب والحنان من فتاة العشرين..
لأنهم يعتبرون أن المرأة في هذه اعمر أم تطبخ وتعمل ولكن لا تملك احتياجات ومشاعر
وأنت من علمتني حين أواجه الصعاب ألا أعتب على الجاهلين ..
أبا ساهر .. وحدك تعلم أن المرأة في عمري تبدأ بالذبول و الانكسار.. وتحتاج الرعاية أكثر وأكثر ..
وحدك تعلم أن النعمة الأخرى التي أحتاجها
هي نعمة النسيان .. التي أرجو أن تساعدني كي أنسى ذلك اليوم الذي فقدتك فيه ..وفقدت مرآة عينيك
ذلك اليوم الذي أفجعني وجعلني وحيدة وشائبة.. مع مرآة الحمام..
تمت..