[yass]

- II -

"كلّ شيء نسبيٌ يا سيدتي, ففي حين أقفز أنا سعادةً عندما يُسمح لي بالركض تحت الشمس مرّة في الشهر و أعيش باقي الأيام و أنا أنتظر يوم اللعب, لا همّ لكم , أنتم الكبار, إلا البكاء و الشكوى من كلّ شيء, رغم أنكم تمتلكون كلّ شيء... انظروا قليلاً لما حولكم". هذا ما قاله طفلٌ في الثامنة من عمره و مصابٌ باللوكيميا و يتلقى العلاج في المشفى الجامعي عندما سمع رئيسة ممرضات القسم تشكو ضغط العمل عليها بسبب غياب زميلتين عن العمل لأسباب صحّية.
حدث هذا منذ عشرة أيام تقريباً, و رواه لي أحد الأطباء المقيمين يوم أمس... و عند سماعي للقصة فهمت سبب تغيير رئيسة ممرضات القسم لون شعرها و تسريحته, و ابتسامتها التي لا تفارقها طوال اليوم... بعدما اعتدناها عابسةً أزلية...

..

قال أحدهم يوماً أن من يخاف الحرّية لا يستحقها, و أرى في هذا الكلام غلطاً كبيراً كالقول بأن الطفل العليل لا يستحق العلاج لأنه يخاف الحُقن.

..

يقولُ مثلٌ إنكليزي أنه لو نظّف كلّ واحدٍ منّا أمام بيته لأصبح الشارع نظيفاً, و هذا كلامٌ صحيحٌ و جميل, لكنني أعتقد أيضاً أنه لو نظّف كلّ واحدٍ فينا داخل بيته لكان الشارع حتماً نظيفاً بشكل دائم.

..

بئس من يشتم الذّل و يمارس الإذلال في الوقت ذاته, فهو كمن يحرق القمح و يشتكي غلاء الخبز.
و ما أكثر النوعين..

..

كتبَ من بليغ القصائد في عشق الشمس الكثير رغم أنه لم يشعر بدفء الفؤاد طيلة حياته..
كاذبٌ صديقنا؟ أم حكيمٌ؟








Yass