الموضوع: شظايا شعرية
عرض مشاركة واحدة
قديم 17/04/2005   #15
عاشق من فلسطين
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ عاشق من فلسطين
عاشق من فلسطين is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
حيث هناك ظلم ... هناك وطني..
مشاركات:
4,992

إرسال خطاب MSN إلى عاشق من فلسطين إرسال خطاب Yahoo إلى عاشق من فلسطين
افتراضي وقفة مع الشاعر البحريني قاسم حداد ... 2


ديوان الدم الثاني للشاعر قاسم البحريني ( كاملا") وهو عبارة عن ستة قصائد رائعة

1- قصيدة الدم الثاني

أنت . وهل يجهلك العاشق . أنت
تغسلين اللغة المزهوة اللون. هنا لغم
.وفي خديك أو في العطش الشمسي خيط
تنشرين اللغة المألوفة الغريبة
هل بيننا جسر من الخوف
استرح يا لهب الموت الذي يغزو غبار الوطن
الأول . تأتين من الأزرق حتى آخر الأرض
لتدنو طفلة مستعرة
كخدود الشجرة
اطلعوا من خضرة اليأس
فهذا الوطن الأنثى وأنتم
أنت
هل يعرفك العاشق أم يجهلك العسكر
هل يلتقيان
بين جلد الجسد المسحوب من آخرة الماء
وبين الشهداء
وأنا - أنتظر الوقت لكي يدخل في الوقت
وطير يحمل الأطفال في ريش من الطين - هنا
جالس ليست يدي صارية تعلو ولا كفي شرار
انه الليل الذي حو لني غصنا من النوم إلى الماء
فصار الماء نار
كيف لا يطلع هذا الوهم من نافذتي
كيف لا نافذة ت فتح في النوم ولا ريح تجي
كيف لا أعرف لا أعرف
تجلس الصرخة الآن بين الحدائق
تستصرخ الموت أو تستغيث
من الجرح بالرمح
لا تتركوا الصوت يمضي بعيدا وأنتم هنا
انها الصرخة المستعارة من نكهة القتل
لا تتركوها
سيبقى الجنون لنا راية
وتقبين أنت
وأنت التي ود عتني كثيرا ولكنها لا ت سافر
وأنت التي حو لتني قصائد خوف
ولكنها علمتني أ غامر
-وأنت
:أنا أذكر الآن - قلت
لم لا تبقى معي
لم لا أبقى معك
لم لا نبقى معا؟
ولكنها عذ بتني

خذيني إلى ضفتيك المحاصرتين
أخاصرك ثم نرقص
كي تمطر الأرض أسلحة
والحدائق نفتحها للمصابين بالعشق
هاتي . خذيني . هو الحب هذا السؤال
كما اللغم يصعقنا كل يوم جميل
وفي دهشة الخوف أجلس . أستنطق الوقت
لا وقت للكلمات المعارة من جدول الصمت
لا وقت للكلمات
لكني خذوا قدمي سوف تمشي على كل لغم
وتنسف كل الخرائط لكن خذوني
حو لني العشق شيئا من النار
شيئا من الماء
هل تسأل النار عن مائي الأول
أم يسأل البرق عن معطف الخوف
ندخل كالماء في الأرض أو نتداخل
نستوطن القبلة الخائفة
عادة نلتقي في الحروب المستهامة
بالنوم
أو في نهاياتها العاصفة
إذا حولتك السجون انتقالا من اللون
قل هذه حربنا الخاطفة
ليس في الحب نصف
جنوني عصف وأنت اجتياح
وهذا الوطن
حو لوه إلى عسل خاثر بالجريمة والحب رمز
سأعرف كيف أحاصر صوت ك عشقا
أ حوله أغنيات لأطفالنا المقبلين
فمن حمرة البحر يأتي مناخ الشجر
ومن خضرة الأرض تطلع رائحة الرعب فينا
لنخلع خوفا ونصنع للعالم الخوف منا
تعالي هنا سيد العشق أسطورة للعذاب
تعالي سيعرفك العاشقون المعارون للنار
يعرفك الناهضون من النوم
يعرفك التائهون

أنا شهوة الهدم
كل السلاطين أحذية للغزاة
:تساءلت
هذا مضيق يبرز خنا بين فخذيه
أم يستبينا؟
أنا أول البحر هل يبدأ البحر فيكم
وأنت
بلادي نوافذ ها للبكاء
وأبوابها للعساكر مفتوحة كالسماء
وأنت ي غازلك الشاعر الوهج
والشاعر الرهج
لكنك تجفلينز
قد قلت - ولتحمل الريح صوتي
هنا المهرجانات قائمة
كي تسمي للون لونين
للقوس عائلة كالقزح
وتمسح في الجرح طعم الفرح
وقد قلت :
مابين خط البياض وخط السواد
خصومة
نحن الطفولة للأرض أنت الأمومة
واللون سيدة مصطفاة من البحر
لا تتركوا العيد يأخذنكم غفلة
انه الحزن
هذا النبي الجديد
فلا العيد عيد ولا المهرجان الفجائي برق
ولا الصولجان
فقد علمتني البلاد الغريبة ايقاعها
أخذت من يدي مائي الأول المستريب
وأعطتني ماءا لأسرار ها
انها الآن تصغي لنا
علنا نستحيل النبوءة والانبياء
نصير خرابا يحول هذي الخرائب
حقلا وبيت
نحر ض هذا السواد على الأبيض النائم الآن في العين
نستصرخ المرأة كي تحضن اليوم عشاقها
والطقس كي نحضر العرس والمستحيل
ونستقبل الرعب في الصدر حبا
ولا نستقيل
أنت اذن
ترسلين الاشارات والرمز للغائبين عن الحلم
تستفردين بقلبي
فنمتد بين القصيدة والقبر فاكهة للبكاء
فكيف ألملم قافيتي من فناء البلاد الأليفة
وأكتب كي يقرأ الهدم جذر السكون
وكيف أغادر تاريخك الدموي المسور
بالشجر الانثوي
إ نهم يعرفون
فالخبز لا يشبه الخبز والصوت لا يشبه الفم
وهذي اللغات التي أرهقوها ستخذل أطفالنا
في الصباح
فكل الدفاتر وحشية كالجنود المعارين
للعرس والمهرجان
ولكنهم يهرفون
وأنت ولست وحيدا
فجيش الهجوم معي
في الأصابع والكتف والقدمين اللتين تصيغان
للغم صوتا
وللصوت دم

تعالي
تعالوا هنا لغة لا تخاف
وأرض ست شهر نصلا رهيفا وتسكن في الغيم
قبل الشتاء
تحاوركم
إنه العنف قابلة للولاد ة
تسألكم نزهة في السؤال
توزع أسمالها ثرة في الدخول
وتغلق فخدين جنا بوقت الخروج
لتفتح دفتر عشاقها الضائعين
ولست وحيدا

وقفت بين شعرة الحب وأول القراءة
كانت يدي صديقة العشاق كنت الشجر الخجول
وكان مائي طفلة الحقول
تمشي ويمشي خلفها البكاء
وكلما قرأت في حب يصير سيدي
وكل شكل أول البراءة

وقفت عند الرأس كان نزهة , وعرس
دخلت من يعرفني
إ سم من الأ سماء
أمتد من سورة ياسين إلى طفولة الأشياء
أبتكر الآية من أولها ياوطني المراق
كنت نهرا وشمس
تصعد فوق الهمس
كيف استحال صوتك الر اعد كالهجوم
بحيرة يغرقها الوجوم
ولست وحدي إنها النجوم
والكوكب الداخل في بكورة الهموم
والشجر الناعس فوق صدرها والعوسج المسموم
والوردة الضاحكة النهدين
والقلب في العينين
أنت وهذا الو له الشاهق والقصائد
بين حروف الرفض والقبول
تأصلي : كأنني الأرض التي تجوع للحقول
كأنك الغرسة أو كأنك الأ صول
هل صعب
وهل ضاقت بنا الأرض
هنا في القلب متسع تعالي
ماؤك الدموي تاريخي
يجيء الحب من شفتين زاهبتين
هل صعب
وهل بوابة للعشق ما ضحكت سوى للبحر
تسمعنا
وقبلتك الأخيرة دهشة في الخوف
ها زنزانتي تسع الفضاء
وليس صعب أن نكون
فأنت في جهة ستأخذ شكلها السري من لغتي
وتدخل في قميص الكون كوكبة وتخرج في جنوني
راية للهجم
أو للهدم
لا تستعطف الجلاد لا يأخذها الشرطي
من مذبحة الشارع
أنت جهتي الأخرى
طوى راحتيه على الحزن
تعود أن يحفظ الحزن سرا تعو ده الحزن
تحسس جرحا على الصدر ي سمونه القلب
قال للماء :
غير رداءك
خذ لون وجهي والبس قميصي
واصبح دمي
يا أيها الماء غاد ر فمي
واحتملني
قال للماء
ضيعت مني دما في الهواء
وقد كانت الأرض مشتاقة للدماء
وقد كانت الأرض مشتاقة
وقد كانت الأرض
قلت
من ينقذ الماء من لونه
يستحيل حريقا يحول هذي الحديقة حربا
فيا أيها الصمت يا أيها الخوف يا أنبياء الخصومة
مابين نهر الغزاة ونهر الغر ق
نزهة الأ صدقاء الذين يموتون حبا
ويستنجدون من الصوت بالصمت
لا يقرأون سوى الذاكرة
ويا أصدقاء الأنوثة هل تعرفون الغواية
بين البداية في الحلم والآخرة
انها المرأة المستقاة من الجرح محمولة كالرماح
وملجومة كالرياح
استفزوا الأقاليم كي تنهض الأرض من نومها
واستعيروا من البرق زو ادة للرحيل
وجيئوا من الصيف والسيف والقبلة الساهرة
هي الآن مرتاحة في ضميري
تراوح بين الدماء وبين المياه
تعالي دما آخرا سوف يقرأه الأنبياء
وينسجه الغيم بيتا لنا
انه الطقس يسرق أزياءه من بلادي
ويغوى
لنا الرمز يمشي على فوهة كي يفجر ما لا يقال

اذن هكذا تكتبون الطريق المؤدي إلى الظل
فوق الطريق المؤدي إلى الخاصرة
أيعرف هذا الشهيق المؤجل لوني
تداخلت في وله العنف جيئوا
إذا استوت الأرض كو رتها بغتة وانشطرت على صدرها
ليس غير الجنون الذي يلبس الحقل خوفا
وليس سوى شجر الغزو في الوجه
والشمس طاقية للعصافير
هل كل يوم يدوس علينا يؤجلنا للدخول
اذن سوف ندخل من حيث لا يدخل الآخرون
وأنت معي كوكب في الهجوم
سيقتلنا العصف
لكن سيغرق أعداؤنا في الوجوم
أحاول معرفة الجهة الواقفة
فأكتشف الوصل بيني وبين الرماد
وبيني وبين الفساد المؤسس في الدم
كيف أحول أعصابنا لهجة راعفة
وأسأل
هل جمرة القبر أنا أم ثلجة الحياة
هل أول الأرض أنا أم آخر المياه - وهل إلهي
حاكم أم انني إله

فتدخل الغزالة المحاصرة
في الأفق الشمسي والدهشة والمغامرة
وتبحر المراكب المسو رة
بالحلم الوحشي حبا واللغات الكافرة

تعالوا إذن غيروا شكل أجسادكم
ثم صيغوا الخرائط كي تضحك الأرض
كي يدخل الرقم في الحرف والوطن الطفل
في الأصل
ينتشر الوعد كالرعد والحزن سيدنا
فيالذة الفضح , لا شيء يفصل بين الوساوس
والصوت غير البكاء
ولا شيء يبكي سوى العورة النائمة
هو الخشب المر والرحلة الواقفة
ونافذتان على الكون
واحدة تعرفين اختياراتها الشائكة
وواحدة تعرفون السطوع الطفولي في الماء والسر
اخلعوني من القيد كي تنصبوني على القوس
لا يدخل الضوء إلا العصافير في الفجر
والمهرة الخائفة

هي الأرض لغم رهيف كحلم الطفولة
لو تستحيل الطفولة نافذة للكلام
لكنا قريبين كالفاجعة
وكنا علانية في الحدائق نستصرخ العشق
والحزن سيدنا
ثم أسمع رائحة الثورة الزاحفة
غيروا شكل أسمائكم
غيروا الشعر والخبز والعشب لكن
دعوني أغني دمي مرة قبل موتي
دعون أوقع تاريخي المستهام ارتعاشا
بصوتي
لكم صوتكم
وهي صوتي
أنت ورائحة الثورة الطفلة الوجه أنت
غيروا شكل أطفالكم
غير الصوت ايقاعه في دمائي تغيرت








2- قصيدة قصيدة غنغرينا . وأول الماء حلم


لو يسطع الرعب في راحتي و يمشي .
دوار يخض حنين الشهادة والبدء
مازلت في أول الموت
هذا تراب النبيين في ساعدي
سرير الطفولة يهتز
لكنه لا ينام.

وطن واحد. حولوني إلى قبعات وكوفية
إلى خوذة يغادرها كل يوم شهيد
وأدخل
سيدة الليل لا تفتحي نهدك الآن
سيدتي في مدار الفصول التي عذبت قيدها
اغلقي فجوة الصيف
لو يسطع الرعب
سيدتي
كل موت يشيل الغبار عن الأرض
والأرض محمولة في جبيني
هل أستعير اللغات المريضة كي أوضح الهمس.

لقد أرهقتني المحطات والحرب واقفة وحدها
أرهقتني المحطات والرعب واعدني في المساء
هنا المحطات مرهقة . غادرتني الغصون وأخبارها
واستل نوم العصور انحداراته واصطفاني على النعش
منذ احتلمنا على الأرض ما فارقتنا القبور
قبور تحكم أطرافها في الحياة
قبور تمد الجسور إلى الحلم
والقبر قاطرتي
والجيوش التي يهزم الجوع أحلامها الشائكة
أنا الوطن العربي الذي كان أغنية في الرماد
الذي صيرته الرياح احتضاراً توقعه اللغة الضاحكة
بخار يحوله الصمت أرجوحة للكلام
ودهراً من الدم يمتد في سور هذي الخريطة :
أفريقيا لهب مستثار
ونار الغصون التي تكتب الشعر مثل الهواء
أفريقيا
لماذا الكلام
يمتد نهراً من الدم . هذي الخريطة :
في كل أرض لي الآن عاصمة للخجل ، وعاصمة للبكاء
هو النيل دمع وماء الفرات دم واشتهاء
وتاريخ يافا المجفف يترك قاعات حظر التحول
من مومياء ، إلى أنبياء
لماذا البكاء
يمتد نهراً من الدم ، هذى الخريطة :
خليج من النوم والعاصفة
استداروا يغطون أطرافها بالعباءات
يستفردون بها نقطة نقطة .

حلم جامح يكسر الوقت ، والمجلس الآن منعقد
حلم يتحول من أول العمر حتى احتضار القتيل
والشرطة الآن منذورة كي تضبط الوقت فوق المعاصم
حلم تهجيته
ح ل م
في طرف الحلم قبر :
لقد كان سلطان نجمة صبح فصار في طرف الحلم قبراً
: إذا مر لغم على بابكم في المساء وغنى ، فهذا محمد في طرف القبر .
حلم : أنا الطرف الثالث للحلم. ماء يسير ويختصر الموت والمهرجان.

سأفصل مابين عصر الوقوف وبيني
لي الآن حرية في الرحيل
لغاتي ذائبة وحدها في الهواء
إذا شئت أدخل من فجوة الليل أو أستقيل

حوانيت توزع مرض الحزن والنوم. ومصحات بحجم السأم المرابط تنشر سلالة الشرطي والصلاة والشفق واحتقان الأمل في الوريد . وتحتل الغفلة جيلاً بلا أسئلة.

أنا خندق عمقته السؤالات والشك أن الطفولة ماء
وأن النخيل طريق إلى الماء .


وطن ! ؟
هذا انتظار مجرم
هل يخرج التمثال من أحجاره السوداء. هذا وطن
قولوا
لماذا ؟
كيف ؟
من أين ؟
إلى أين ؟
رجوع نحو كهف الله . من يأخذكم للتيه
هذي جثث تجلس فوق الحكم
والتاريخ في زنزانة البنك
وفي صمت الملايين التي تركع باسم الثورة الراقصة الآن على الحبل
وأخبار الملوك
تخرجون الآن من أكفانكم
حجر النوم إله. وتغنون لعيد القتل
تبكون تصلون من الهجرة حتى حرب تشرين التي حولها
الناطق باسم الخلفاء متحفاً
وقبيل الموت تنثالون كالرمل
هنا مستنقع الرغبة في زيف الفتوحات التي تصقل أبواب السجون.
شهي زهوك الطازج الرائق الآن ، مفتوحة النهد لا يحمل السيف دون انفجار الوقيعة ما بين أحداقك المستحيلات أشجار صحو وبين البكاء
شهي ،
والورد يبدأ عند الصباح بقامته الفارعة
والشمس مرتاحة
عكازها النخل ، والماء يسأل :
هل أدخل الآن جرح السماء
وأخرج من فتق كل السلاطين ؟
الماء يسأل الماء.

لو يسطع الرعب في راحتي ويمشي
ليعرف ماء السؤال احتمالاته الساهرة
ليرحل في وردة الليل سهواً . ونسمع في نشرة الطقس
عرس الأقاليم كي لا يموت الجياع على كاهلي
فيخضر قاع السماء
وتمشي الفصول إلى الماء حاملة قيدها
لو الرعب شكل يحدده الوقت
لو الرعب وقت له شكل خارطة
لاستحالت نوافذها شرفة للقاء
أنا الوطن العربي الذي جرحته الحروب الحكومية الختم
مازالت الأرض مفطورة بالسكوت
ومازال في خدها الوشم لغزاً يسمونه القدس
عرساً يسمونه كربلاء .


وطن
هذا اختمار شجر عاشره الدم
سباقات إلى الذبح تسمى فرحاً
والشعب في نهد بلا قاع
ولا رائحة الراحة تجتاح غصون الأرض
والأرض غبار .
جسد ،
تعب الماضي يغطي نفق الحلم ولا ندخل في الحرف
سوى لهث يموت
وطن . شاهدة القبر أنا
من هنا قتل وموت سيد يأتي وباب يغلق الأرض
على سكانها
من هنا شجر يأخذ شكل الجثث المصقولة الأطراف
والنوم الذي يشبه قتل الأنبياء
جسد مهترئ تزرق جدران المسافات بلا أذن
ويبقى عفناً للذكريات
ونفاق القبلات المستريبة
وعلامات من اللون الرمادي المقوى
بين رمز الجسد الأول للحلم وبين الشعراء
افتحي نهدك يا سيدتي للماء كي تغتسلي
ويظل الكون مزهواً لأن الكلمات
حولتها الثورة المفتعلة
كفناً للأسئلة .

الماء السري الذي يشبه البرق لا يمر من البرلمان ولا تكتبه السماء
الماء : هو بحر من هناك نهر من هنا وخليج يأخذ شكل الوقت .

يا وردة الليل يا لونها المستباح
يغطون أحداقك العاشقات برمز من الطين
يسمونك الحلم
والليل دهر قصير يغير عنوانه في الصباح
يا وردة الليل
غيرت كل اتجاهات هذي الحروف
تعالي من الطرف البكر
كل الدروب القديمة ملغومة
لي وحدي حرية في الرحيل إلى مدن الماء
والسر في جسد بارد
هل تسألون القتيل عن الرمز ؟

وحدي

تعالي شتاء له شهوة العرس . هذي الحديقة جبانة
والقصائد نعش وكل الشهود يقولون
أن الجريمة واضحة كالدخان
وأنت هنا وردة الليل متهم صدرك المستهام
ومزدانة بالرؤوس الفدائية أكتافهم
والقضاة يحنون أطرافهم بالدماء
قطرة قطرة
انه الدم العربي انبجاس من الوهم
يركض
يرسم
يلبس ثوب الحضور ويدخل نار الغرابة
ما بين عنق الكتابة والسأم
ليس أمام القتيل سوى الموت
يخرج من هذا التفسخ جسد
يبدأ في التفسخ .
الوطن يتكئ على الشهداء
يفتح باب ويغلق .
تطل نافذة وتسقط
لا أحد يدخل لا أحد يخرج
فتبدأ الرائحة .

دم عربي على ضوئه يدخل العسكر البيت يستدفئون
وطن عبد
والحرب مرهونة باللغات التي صقلتها الطفولة
جبانة كل درب تقود إلى حلمنا الأبدي
ساعة الحائط الآن تجهل وقت انتصاراتنا

لا يدخل الحرب إلا شريد
ويخرج في خوذة فارغة

ولا تعرف الساعة موعدنا الدموي
انه ضائع بين حبر المراسيم والصرخة الغارقة
دم عربي
أيسطع رعب على راحتي ويمشي
دواراً تموتون في رعشة الحلم

هذا سرير الطفولة يهتز لكنه لا ينام
فيا سيد الموت يا وردة الليل يا كل احتضاراتنا
لي الآن حرية في الرحيل
ولي لغة استقيها من الماء أبكي على صدرها
أرهقتني محطات أشعاركم
وحيد على زنبق الماء وقت يسمى

ق ا س م

قوس إلى سحر أمجادكم
افتحي نهدك
إنني أول الماء
موتي نبي يغادر قرآنه
ثم يغلق باب السماء
افتحي نهدك
أول الماء والماء يسأل

.أغسطس 1974











3- قصيدة نكهة الرعد


فجأة صار انتصاري خشباً في النعش ، صار النعش باب
وتساءلت عن الموت / هل الريح طريق ، والتراب
كيف .. ؟ / هذا شجر الدهشة في ثوبي
( هاجرت الثياب)
قلت من أين دمائي ؟
صوت هذا الشارع المزدان بالصحو ، وبالعنف
وغادرت الغياب
وأنا في أول الحلم / استحلنا غضباً
سرنا وصرنا صرخة في غابة النوم
ابتدأنا في نهايات الوقوف
تذكرون ،
قلت هذي الرئة الأخرى لهم ، هذا الرماد
تحته قنبلة موقوتة ، هل تذكرون ؟
أعرف الإيقاع ، أستنفر ، أعطي ، وأنا حلم العيون
( علمتني لغة البرق
دخول العصف والرقص
وأعطتني الحنين )
أعطني ساعدك الدامي ، أنا الطفل
وأنت الحلمة الملتهبة
شعبي المرتعش الملدوغ من كل الجهات
أعطني كل أغاني ، وأعطيك اللغات الهاربة
يا زمان الضحك والجوع أتينا
رافقتنا الجهة المختصرة
وحديث الشجرة
نحن من فاكهة الرعد وغصن الشمس ، نحن الثمرة
( أسأل الأرض ولكن السماء
سقطت وانكسرت ، صارت دماء)
يمطر الظل نحيباً في ضلوعي ، والبيوت
فرح في أول العمر / جلسنا في جدار الوردة الحمراء
غازلنا تواريخ القيامة
وتبادلنا حمامة
ريشها اللون الذي لا ينتهي
بيتها في آخر الصيف ، وحد السيف بيتي
إشتعلنا
( كذب العراف في القصر
وجاء الرعد في كوخ على ملح الخليج)
نحن في عشق العذارى والغصون
يا زمان القتلة
شارد من زهر الوالي وتقويم الخليفة
- هل تراقصنا وكنا جهلة ؟
كنت لا أقرأ غير الرمل ، لا أعرف لوني
أعذريني ، خائف من لغة الحزن عليك
إشتعلنا
عندنا نافذة للخوف / عندي لغة النار
وصوتي رحلة متصلة
ينبغي أن نرقص الآن على الإيقاع
أعطوا صوتكم صوتي ، ونادوني إلى العزف
تعالوا
ينبغي أن نحسن الرقص على رسم القصور الزائلة .
ألبس الشمس / اغتربنا عنك يا أخبارنا / هل عانقوني ؟
فجأة أصبحت في الحلم / ولي غصن العصافير
وعندي كلمة السر
ترجلنا عن الجسر القديم
دخلت أطرافنا في الضوء
وارتاحت / قتلنا مرة أخرى بلا جرم
وأعطوا لحمنا للطير ( هل رافقتموني ؟)
وليكن قيدي سجاني جنوني
خشباً للدفء ، هذي حلبة الرقص / ومن باب الجنون
تدخل الثورة أسمالاً وأطفالاً / لدينا كلمة في السر
أنتم
ولنكن سوسة هذا العصر / هذي المهزلة
ارفضوا أن يضحك الطفل من الحزن
اخرجوا يا فرحة مفتعلة
( هل ستعطينا مخاضات الغراب
قمراً أو قنبلة ؟)
حين صارت يدنا الجسر - عبرنا
واخترعنا لهجة يعرفها التاريخ / أصغوا
يكتب التاريخ صوتاً / لهب صوتي /
اتصلنا بجذور الغيم /
شادوا من عظام الناس أقفالاً / تطاولنا /
ترى هل أ سكنونا الوردة المنفردة
والزوايا الباردة ؟
قلت : لما يجيء الوقت ، وجاء الوقت .. جاء

تكدسوا في المداخل . اعتقلوا . اغتالوا. صدرت مراسيم الخوف .
واتكأ الحكم على مقصلة. من يرتق الفتوق الكثيرة ؟

عندنا خاتمة الرحلة / أمشي
معي الريح وعصف الجوع / أمشي
جهتي قافية يكتبها الجمع ، يغني لحنها الأطفال تمشي معنا الريح
/ هل الدهشة في ثوبي / هل في شجر العشق تجمعنا
/ وهل في ورق الورد

( اشتعلنا
علنا نستغفر الرغبة في الرقص ولغم الموت
هل ... ؟ )

أبريل 1972












4- قصيدة وقت الحلم الأول



من يعطي هذا الوقت الواقف صوته
قولوا
من يأخذ عن هذا الغصن الطالع موته ؟
من منكم يا أبناء النوم الساطع يخرج من دائرة الصوم
ويرج حياد الماء علانية ويفارق صمته ؟
أنتم يا رئة الله المائلة اللون
يا زمن الحلم الراجع خلف رماد الكون
هل يعرف هذا الحجر الجالس ما بين الكتفين
حدود الحلم الأول ؟
يا حجر الماء الأول
سأقول الليلة حملي الآخر
يا أبناء الحلم الأول
يا منشغلين بغزل قميص الحلم الأول
فضوا سيرة أبنائي
ودعوا صوتي المكسور يقول :

هذا الوقت المصلوب على صدري وقت مجنون
وأنا منتشر كالعطر الأخرس من خمس سنين
وقت جامح
غطوه بصبر الحلم الأول
وانفتح الجرح الأول
تساقط أغصان الشمس على الماء
وترسل أوراق الليل نشيج الأسماء
يترجل حبر الرغبة في الصوت الصارخ
ويكاد الرمل الأصفر يذبحني
وأنا منتصب كحروف النفي
قدمي الأولى في قبر الحلم الأول
قدمي الأخرى في وطني
ويكاد الرمل الأصفر يذبحني

قولوا
من منكم لا يلمح صورته في قاع الكأس
من منكم لا يتذكر تاريخ ولادته
وطول أصابعه
وملامحه منذ الصحوة حتى الرأس
في كل خيوط الثوب أراه يلوح لي جرحاً
وأراه ملوحة هذا الكون المائل
أنتم يا أبناء الحلم الأول خلف الباب
وأنا في حلمي الآخر منذور دون جواب
وأنا السائل
إن كان النوم ، الراحة ، حبل السرة
أطراف الفعل البارد ، غفلتكم
وتراث الميلاد ، وطعم الله
إن كنتم منسجمين معاً
إن كان المجلس ، والصحف الصفراء ، ونهر العمال
يصبون الأحلام معاً
إن كنتم مقتنعين بأن الشمس غداً
تشرق باسم القانون
إن كانت أقدام الطفل تضيع بأحذية السلطان
وأن الطلقة ضائعة مازالت تبحث عن عنوان
إن كنتم منسجمين معاً في نوم الحلم الأول
والنوم صلاة الزمن الواقف
لا تنتبهوا
سيجيء زمان الصحوة يا أبناء وحيد القرن
يا قوماً إن ماتوا انتبهوا
هذي الليلة أولها غيم أسود
آخرها مطر أخضر
هذي خاتمة البدء ونحن القطرات الأولى
فليمسح كل منكم قطرات الدم عن الياقات
وليدفن موتاكم موتاهم
في ظل سلام الليل الوطني
حين خرجت جريحاً من كهف الحلم الأول
عانقني الرمل الأصفر بالحب الغائص في الحقد
بالحب الطفل المقتول على مائدة الإفطار
يا أصحابي المرتاحين على تابوت الثوار
مابين حدود حناجركم وخناجركم قوس مكسور
من أعطاكم لغة تمشي في لهب الماء
من وحدكم في قنبلة عند الأعداء
من حولكم يا أصحابي رملاً أصفر
لا تلتفتوا خلف سرير الراحة
حين تعود الشهوة للأسرار الأخرى
ينفجر الوقت المنتظر الآن على طرف الفعل
قوم إن ماتوا انتبهوا
لا تنتبهوا حتى الموت
هل أسمع خطو الخشب المخلص في التابوت
هل تحمل شرفة أطفالي دمع الأحجار المرخية
فوق النار
يا أصحابي
حين تركت الكهف الحلم الأول في صدري
سيف السلطان
وفي إيقاع الشعر هدير الرايات التعبى
وطن يبكي
موسيقى النعش وحقد الخيبة
والأطفال المولودون قبيل الموت
وطير الغابات المحروقة لا ينقذه غير الفعل
يا أصحابي
يا من كانوا
يا من بكت الأيام علينا في حضرتهم
حين يغوص الثائر في خطأ الأحلام الأولى
تمشي الأحلام ويبقى الثائر مقتولاً
يا أصحابي
يا من كانوا
يا من حولهم حقد الحب النائم
سيفاً آخر في ظهري
يا أصحاب الراحة فوق توابيت الثوار
هل أسألكم
من ينقل هذا الوقت الواقف عبر الدم
من يعرف - يا أبناء اللغة الملعونة -
حجم الهم ؟
قولوا يا منشغلين بصقل مكاتبكم بأنين الشعب
من يدفع أيديكم بالسيف الآخر في الظهر
من أية أرض تأتي رايات اللعبة
هل تجرأ يا قنديل الرعب
هذي شرطة والينا حاضرة مثل الوقت
هذي كل جواسيس السلطان الأول صاغية
تلعق من عمر الأطفال
تسمح أو لا تسمح بالتحريض على اللعب
تسمح أو لا تسمح بالضحك على القانون
من يضحك في السر يموت
فلنملأ قاعة هذا الليل الباكي بالضحكات
ولنسرق فرحتنا الأخرى بين الأحزان
فليتعلم أصحابي
أو من كانوا
أن الكلمات الملعونة جرح في حلم الإنسان
لكن الفعل دواء لا يخطئ
إن كنتم منسجمين معاً
فالفعل دواء لا يخطئ
قولوا
من منكم يا أبناء وحيد القرن
من يعطي هذا الوقت الواقف لونه
أسألكم
من يعطي هذا الشعر الصارخ في البرية وزنه ؟

مايو 1974












5- قصيدة تحولات طرفة بن الوردة


منذ أن مزقت أوراقي أمام الليل واجتزت القبيلة
ركضت أشعاري العطشى وراء الماء
صرت الصوت يرقص حوله الأطفال والغزلان
والأرض البخيلة
جئت في موسم عرس الشمس لكني تأخرت عن الجلوة
لم أشرب سوى خمر السكوت
قلت :
هل أسكر أم أغسل وجه البحر
هل أضحك في حزن البيوت ؟
باغتتني صرخة القلب
انهضي يا مدن النوم
وهاتي يدك اليسرى فإن الرقص جاء
هل تناثرنا معاً في الماء واجتزنا القبيلة ؟

أخرجوني من الغمد
ناديت : هذي بلاد تآمر فيها السماسرة الخلفاء
على الأنبياء
هذي بلاد ستأكل من ثديها حرة
وناديت :
هذي بلاد ستخلع أبناءها واحداً واحداً
في الخفاء
ومازلت أعشق هذي البلاد التي قتلتني
مازلت أحملها كوكباً في قميصي
وأقبل أعذارها ، ثم أصرخ فيها
بلادي التي تشبه القتل مدعوة في المساء
لتحضر جلوة عشاقها حرة
ومدعوة لاختراق الدماء الخجولة.

رأيت الذي سوف يحدث حاورني
ما الذي حول الغصن بيتاً
و حولني ضحكة في البكاء .
وحيد وصحرائي العشق
مازلت أخلق في الليل باباً ونافذة للحوار
وأبحث عن شاطئ يرسم البحر
مثل البلاد التي سوف أقبل أعذارها
ثم أصرخ
أيتها الأرض لا تخذليني
أيتها المرأة المستقرة في القلب والقيد
لا تقتليني

تقدموا معي. هنا الكلمة التي من آلاف السنين أقف فيها . لم يكن بوسعي أن أجلس . لم يكن بإمكانها أن تعود. كل الجهات مغلقة. أنا والكلمة نقطة وحولها يدور العالم. تأتي عصور وتذهب . يتحول كل شئ وقضاة العالم حكموا بأن الكلمة جميلة وطيبة ومقدسة ، لكن يجب أن تقف . صلبوني في حدودها. ليس ذنبي إذا صرت قاسياً كالفراق ، غريباً كالفجأة لقد سحقوني بالعذاب .
وضعوني شرارة في الثلج ومضوا درجة البعد والاقتراب لا تكاد تقاس في حالة انعدام الوزن لكن تقدموا لا أدعوكم، لكن تقدموا لا أحذركم، لكن أعتذر عن هذا الحب . تقدموا في غبطة الأشياء لا تتوقفوا كثيراً مثلما وقفت .
الكلمة وأنا وأنتم إذا لم نتحول انكسرنا.

إقرأ بسم هذا الدم
ولنسكر معا في خمرنا الثوري
هذا العرس مفتاح لأسرار الأساطير . انطلق
لا توقف الصحراء سيفاً غارقاً في النوم
أو في الحلم
إقرأ بسم هذا الدم
أطفالي حروف تثقب التاريخ تبقى هجرة
في جرحنا الشمسي
تمشي نجمة
نمشي معاً في خمرنا الثوري
لا تفتح يداً أخرى سوى للماء
لا تعط السما لغة
هنا الكون الذي يأتي من الأسماء
والأسماء دامية
لتقرأ ، ولتصغ رعداً
لتقرأ ، ولتصغ أسطورة مفتوحة الأبواب
ولندخل معا رقصاً
فهذا الكون هذا الشارع المزحوم بالخيبة
وهذا الـ ...
.... كيف لي أن أفتح الرغبة في نفسي على الخذلان
يا نفسي التي هرمت وتاهت في صحارى العشق
يا نفسي التي تعبت من الألوان
يا قلبي المشرد في محطات البرودة يا ..
هنا وقت تسافر طلقة في الحبر أو في الدم
أحملها وأعرف أن في ثوبي وفي كتبي غرور البحر
قلبي راكض في الليل
خلف الليل
من يعطي لأعصابي دماً أخر ؟

هنا تهتز بين العين والأخرى لغات الطفل
تكبر ، تستحيل الشمس عصفوراً أغازله
وأعرف أن هذا القلب موثوق بحد السيف في كفي
وأعرف أن في خوفي
نوافذ تفتح الأيام.

أمشي على الأحزان . والأشجار
نوافذ للعالم الموصد للأخبار
تنقل صوتي أول النهار
تنقل موتي آخر النهار
في سفري أكتشف الحياة في مرآة
يكسرها الرصاص . والرصاص
مخبأ في كتب الحرب ، وحلم النار
في شفتي أطفالنا يهز هذا النخل
هذي اللغة البخار
يا لغة تحملني في أول النهار
تقتلني في آخر النهار .

أحمل اغتيالي ولا أدري. في المرة الماضية لم أقرأ. والآن ، من جنون الماء وبراءة الخنجر ، أرسلني الخليفة بهذا القتل إلى هنا :
( من الخليفة الدائم ، الذي لا ينام إلا بين فخذي امرأة ، ولا يتوضأ بغير الدم ولا تخلو سجونه من الشعراء والعشاق ، إلى عاملنا في البحرين ، حين يصلكم حامل هذا الكتاب ، اعملوا سريعاً على قتله من قبل أن يرف جفنه اليسار ، ولتحرقوا ما قال من أشعار ، وأتوا لنا بالرأس والأخبار والسلام ).

هكذا أخبرتني بلادي التي كتبت أسمها في القصيدة
وأعطتني صوتي وألوان حبري
ولكنها شردتني
وحين التقينا قبلت جميع اعتذاراتها
وقلت احمليني يداً للهدايا الجديدة

( هل أنا يا بلادي البتول
هل أنا هارب في الصحارى
وأنت انتظار لقتلي
وأنت طفول ؟)

تبدأ الأرض ،
يطاردني الليل والوحشة المائلة
هل الشعر والعشق جرح
وهل يقتل الحرف أن كان بحثاً عن الأسئلة
يا سماء البلاد الصغيرة يا أرضها القاحلة
لبست قميص الغرابة والدهشة القاتلة
تحولت شوكاً بأحداقهم في الصباح
وناراً وثلجاً وبابا
فلم يفتحوا لي كتابا
وقاومت قوساً من القهر والاحتضار
فتحت النهار
وما مت يا قلب هذى البلاد الصغيرة
يا دمعة سائلة.

كوني في اللقاء وردة تسكب ضوئها في أرجائي. أمنحك الحب .
حبي والسجن طريق مزروع بالوحشة والانتظار.
كوني في هذه الصخور المسنونة وردة أو لا تكوني.

شارد ، شهوتي العنف . تجرع لغتي .صرخة في الليل في الصحراء ماء
كنت مرسوماً على الضوء ، وكنا نشرب الضوء معاً
قلت تاريخي رماد وتراثي دمي المخلوع
كان الطقس يحمل رؤية الآتي
تقدم
لا تقف في الظل
كان الطقس يحمل جثة للبيت
يطرق كل نافذة ويدخل ساطعاً كالصوت.
من سماك مقتولاً ولا تقرأ
من أعطاك قتلاً قبل وقت العرس
هل تقرأ لون القتل في الصفحة في كفيك
في الدم الذي يفصد أو يركض
فوق النهر أو في ... ؟

أقرأ الآن عناوين السجون
وتواريخ الفتوحات التي تغلق أبواب الدخول
وليكن صوتي جسراً
يا طفول
طرفة الآن براق يكسر السقف السماوي
ويعطي الرعد إذناً بالنزول
فافتحي شباك زنزاناته العذراء
كي يجلس ضوء البرق في عينيك
يأتي طرفة الآن وبعد الآن في ماء الحقول

( من الذي يقرأ هذا الرمز والإضاءة
من الذي يصير التاريخ قطرتي دم
من الذي يحول الرماد من نار إلى براءة
من يعرف القراءة ؟)

لما جاءني الأصحاب
لاقوني قتيلاً فوق نهر الخمر
شالوني و أعطوا ساعدي المقطوع تفاحاً
وخلوا وردة في الصدر
لما قمت لم يبق سوى التفاح
أين الورد
هل يأتي مع الأصحاب ؟

يجئ دمي في البريد البطيء
يستنفر الماء أطرافه
والجزيرة زوادة للمرابين
جيئوا كما يحضر الحلم قبل الصباح .

وقفت قائمة الشمس على أكتافنا في الفجر
لكن الظهيرة
صهرت آخر تمثال من الشمع حوالينا
وكالماء انسكبنا
لم يكن طرفة هذا الرمز في هذى الجزيرة
دخل الصحراء كي يزرعها شعراً وأطفالاً
وجاء
نقطة الأرض التي يغرس فيها السيف
لم تفتح له باباً ولم تصغ إليه
لغة مكسورة القلب تـحاورنا بها
ورسمنا شجراً فيها وزيتنا السلاح
وتصايحنا لأن الليل دهر
هل تأخرنا ولم يأت الصباح ؟

لقد صاغوا لنا تاريخاً من الكذب ، يولد الشاعر ولا يعطونه الفرح
لكن يعدون له السجن والنعش والمقصلة ويقولون (لقد كان) .

هل أسمي غربة الروح التي تسكنني حلماً
واحتال على الليل لكي يمضي ونبقى أصدقاء
هل يظل العوسج الشوكي مرتاحاً على نحري
وأدعو للغناء
هل أقول الشعر و السيف الذي في الحلق
مسنون بعظم الشعراء
هل أنا في وحشة الصحراء مشدود إلى الشمس
بآي دون ماء
هل أنادي الفقراء .

إنها آخرة الأرض وبدء البحر
هاتوا الخمر ولنرقص معاً
هاتوا الغناء
ساعدي جرح وخصر الوطن الراقص في صدري عرس
وطفول
خمرنا الثوري فلنشرب معاً
حول الصحراء حقلاً صاخباً يزهو
لكي نبقى معاً .
يعبر الوردة والنهر ويقرأ
اقرأوا ، فالدم تاريخ
مشى طرفة مقتولاً وعيناه كلام
شجر يرتعش الحلم على أغصانه قبل الظلام
شجر
في كل يوم تقتل الراحة من يمتد في الصمت ولا يقرأ
يأتي بغتة
أو سوف يأتي أو أتى كالوقت
والوقت سلام .

ديسمبر 1973
سبتمبر 1974













6- قصيدة زهرة الحزن



هذه الهاربة العينين والجرح الذي يضحك
أمي
هذه الخاصرة التعبى من الحزن وبرد
الجهة الأخرى ومني
هي أمي
هذه الثلجية الفودين
من حوّل هذا الليل قنديلاً يغني
آه يا أمي
لقد أعطيتني صوتاً له طعم الملايين
التي تمشي إلى الشمس وتبني
كنت في صدرك عصفوراً
رمته النار ، سمته يداً تخضر
ها عصفورك الناري في السجن يغني
أنت يا هاربة العينين والجرح الذي يضحك
غني
ليس بين الضوء والأرض التي تمشي وتحتار وبيني
غير هذا الأفق المحمر والوقت وأمي
آه يا أمي التي خاطت لي الثوب بعينيها
لماذا لا يمر الثوب بالسجن
لماذا لا تخيطين لنا أثوابنا الأخرى
تمدين المناديل التي تمسح حزني
ولم الرعب الذي حولني شعراً
على جدران سجني
لا يحيل الشجر الشوكي في أحداقك التعبى
عصافير تغني .
آه يا هاربة العينين يا العرس الذي يبكي
أنا منك كلام طالع كالبرق من ليل الأساطير
وأنت وردة العمر التي تطلع مني
فلماذا يهرب الحزن إلى خديك يا زهرة حزني
ولماذا ... ؟
( وطن يلبس قبل النوم تاريخاً
وبعد النوم تاريخاً ويستيقظ بعد
الموعد المضروب لا يعرف باباً للدخول
وطني هذا أم الدهشة في خارطة
البحر استوت رملاً ، لماذا ،
وطن يلبس عنوان السلاطين وسروال الملوك
وطني هذا أم الثورة صارت نهراً للدم
هذا وطن لا يخجل الآن من الألوان
والصورة بالأسود والأبيض
هل يذكر ؟ هل تختلط الألوان
في عين بلادي ، هل أقول ؟
وطني الآن بلا نافذة
يدخل السواح من باب على السوق
يبيعون بلادي
وأنا منفلت أبتكر الأطفال والشعر
بلادي تخلع الأستار في الليل
كما قال صديقي
وصديقي كان لا يخجل من عورات
هذا الوطن الواقف في الحلق
لماذا تخجلون ؟
وطن أتخمه الجوع فهل تأخذه الغفوة
وطني هذا أم الغربة أم قائمة البحر
أم الغاب أم القافلة الغاربة الآن
أم الأم التي تنسج ثوباً للسجون ،
والتي تدخل في وجه بلادي في المساء
تخرج الآن مع الحلم ،
وهذا وطني هذي بلادي هذه أمي
لا أدري حدود الوطن الأم
البلاد ) .
لك يا هاربة العينين والجرح الذي
يرقص في الحزن أغاني الجديدة
أنت في ذاكرة التاريخ ورد عاصف يأتي
وفي السجن قصيدة .

سبتمبر 1973



وهكذا نكون قد أتممنا ديوان الشاعر الكامل الذي يحوي عنوان الدم الثاني ...

..غنــــي قلــــــيلا يـــا عصـــافير فأنــي... كلمـــا فكــــرت في أمــــــر بكـــيت ..
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.12884 seconds with 11 queries