في نوادر العرب (تابع)
- وسرقَ أعرابيٌّ غاشيةً من على سرجٍ، ثُمَّ دخلَ المسجدَ يُصلّي، فقرأَ الإمامُ: "هل أتاكَ حديثُ الغاشية" (الغاشية 1) فقالَ: يا فقيهُ، لا تدخلْ في الفُضول؛ فلمّا قرأَ: "وجوهٌ يومئذٍ خاشعةٌ" (الغاشية 2) قالَ: خذوا غاشيَتكم، ولا يخشعُ وجهي، لا باركَ اللهُ لكم فيها؛ ثُمَّ رماها من يدِه، وخرجَ.
- وحضرَ أعرابيٌّ مجلسَ قومٍ، فتذاكروا قيامَ الليلِ، فقيلَ لهُ: يا أَبا أمامة، أتقومُ الليلَ؟ فقالَ: نعم. قالوا: ما تصنعُ؟ قالَ: أبولُ وأرجعُ أنامُ.
- ودخلَ أَعرابيٌّ سُوقَ الجواري يشتري جاريةً، فاشترى جاريةً؛ فلمّا أرادَ الانصرافَ بها قالَ لهُ الدَّلالُ: إنَّ فيها ثلاثَ خصالٍ، إِن رضيتَ بها وإلا فدعْها؛ قالَ: وما الخصال؟ قالَ: إنَّها رُبّما غابتْ أيّاماً ثُمَّ تعودُ إِذا طُلِبَتْ؛ قالَ: كأنَّك تعني أنَّها آبقٌ؟ قالَ: نعم؛ قالَ: إنّي واللهِ لأعلمُ النّاسِ بأثرِ الذَّرِّ على الصَّفا، فلتأخذْ أيَّ طريقٍ شاءتْ، فأنا أردُّها؛ هاتِ الثّانية؛ قالَ: رُبَّما نامتْ فقطرتْ منها قطراتٌ؛ قالَ: كأنّك تعني أنّها تبولُ على الفراشِ؟ قالَ: نعم؛ قالَ: واللهِ ما تجدُ عندي فراشاً، وإنَّما تتوسّدُ التُّرابَ، فلتَبُلْ حيثُ شاءتْ؛ هاتِ الثّالثة؛ قالَ: رُبَّما عبثَتْ بالشّيء؛ قالَ: لعلّك تعني أنّها سارقةٌ؟ قالَ: نعم؛ قالَ: واللهِ لا تجدُ عندي ما تقتاتُ به، فكيفَ بما تسرقه؛ ثُمَّ أخذها بيدها وانصرفَ.
- وحضرَ أعرابيٌّ عندَ الحجّاج، فقُدِّمَ الطّعامُ، فأكلَ النّاسُ، ثُمَّ قُدّمَ الحلوى؛ فتركَ الحجّاجُ الأعرابيَّ حتّى أكلَ لُقمةً منها، ثُمَّ قالَ: مَن أَكلَ منها شيئاً ضربتُ عُنقه؛ فامتنعَ النّاسُ كلُّهم، وبقيَ الأعرابيٌّ ينظرُ إلى الحجّاجِ مرّةً وإلى الحلوى مرّةً، ثُمَّ قالَ: أيّها الأمير، أُوصيكَ بأولادي خيراً؛ ثُمَّ اندفعَ يأكلُ؛ فضحكَ الحجّاجُ حتّى استلقى، وأمرَ لهُ بِصِلَةٍ.
Mors ultima ratio
.
www.tuesillevir.blogspot.com
|