الموضوع: أسبوع وكاتب ...
عرض مشاركة واحدة
قديم 24/09/2006   #48
شب و شيخ الشباب TheLight
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ TheLight
TheLight is offline
 
نورنا ب:
May 2006
المطرح:
عند ساركوزي اللعين..
مشاركات:
3,091

افتراضي


لا أحد يكاتب الكولونيل..




" فتح الكولونيل علبة البن المعدنية، فلاحظ انها لا تحوي سوى مقدار ملعقة صغيرة، مال الى ابريق القهوة ورفعه عن الموقد ثم سكب نصف محتواه من الماء على الارض، وأفرغ فيه البن حتى آخر ذرة منه، مستعينا بسكين قشط بها وانب العلبة الصدئة فاختلطت ذرات البن بالصدأ.. وعندما اطمأن الى ان البن لم يعد له من اثر في العلبة، اعادة الابريق الى الموقد المصنوع من طين وجلس ينتظر غليان القهوة. وعلى وجهه امارات الانتظار المغلفة بالبراءة والامل. تنم بها جلسته امام الموقد فيخفي مظهره الواثق حقيقة ما يساوره من مشاعر القلق والغثيان اللجوج في اعماقه، التي يحس انها مسكونة بمئات الفطريات والزنابق البرية.
"






كتبت هذه الرواية القصيرة بين عامي 1956 - 1957 ونشرت عام 1958 في مجلة "ميتو Mito" ولم تصدر على شكل كتاب إلا عام 1961، كانت في الأصل مادة لرواية "ساعة نحس" التي صدرت عام 1962، ولكن الكاتب عزم فيما بعد على نشر النص في كتاب مستقل. تتناول هذه الرواية القصيرة، وهي ثاني رواياته بعد مجموعة "عاصفة الأوراق" 1955، قصة الكولونيل الذي حكم عليه منذ نهاية آخر حرب في سلسلة الحروب الأهلية في كولومبيا في بداية القرن العشرين بالعطالة التامة عن العمل. وتصور الرواية هذه القصة بصورة مقتضية وبدون أية إضافات خيالية أو شعرية، "فأمين صندوق الثورة السابق في مقاطعة ماكوندو" ينتظر راتبه التقاعدي الخاص بالمحاربين القدامى، منذ ما يزيد على ست وخمسين سنة. وتعد جولته الأسبوعية عند الميناء من الطقوس المخيبة للآمال، حيث ينتظر الكولونيل وصول مركب البريد كل يوم جمعة، ولكنه لم يكن يحمل له شيئا في أي يوم، فيعلق موظف البريد بقسوة: "لا أحد يكاتب الكولونيل" ولم يبق للكولونيل أية أملاك أو ثروة سوى ديك الشجار الذي يعتبر ذكرى من ابنه أغوسطين الذي قتل رميا بالرصاص قبل تسعة شهور لقيامه بتوزيع منشورات ضد الحكومة العسكرية، فيجبر الفقر والجوع الكولونيل وزوجته المصابة بالربو على بيع الديك في النهاية، وما أن يضع الكولونيل عربون المشتري في جيبه، حتى تدخل الرواية منعطفا كبيرا، فيأخذ رفاق أغوسطين، الذين يتخذون من محل الخياطة نواة للمعارضة اللاشرعية في القرية، الديك ليومه التدريبي الأول استعدادا للمباراة المقبلة، وفي حلبة القتال يعيش الكولونيل حماس الشباب المثير، فالديك الذي يخصهم جميعا يكسب أهمية تتجاوز المباراة ويصبح رمزا للتضامن والمعارضة الفعالة. وعندما يأخذ الكولونيل الديك معه مجددا، يشعر بأنه لم يمسك بين يديه من قبل "كائنا دافقا بالحياة مثل هذا"، وتلمح زوجته إلى أن "المرء لا يمكن أن يأكل الوهم"، "ولكن الوهم يغذي" تكون إجابة الكولونيل الذي أصبح مستعدا الآن، "حتى الانتصار المنشود للديك"، أن يأكل "برازا" أن تطلب الأمر.
إن رواية "ليس لدى الكولونيل من يكاتبه" ليست رواية سياسية بحتة في مفهوم بعض المتطلبات التنويرية والدعائية البحتة، غير أنه يتم التطرق إلى التجاوزات الاجتماعية وأعمال القمع السياسي بصيغة الرقابة المنتشرة في كل مكان والمراقبة والعنف ضد المعارضة بصورة واضحة، يقول ماركيز في حوار مع بلينيو أبوليو ميندوزا عن بعض أعماله المبكرة، التي تتضمن شخصية الكولونيل، بأنها تشكل "نوعا من الأدب الهادف الذي يقدم صورة متميزة ومحسوبة بعض الشيء للواقع.. الكتب التي تنتهي بالصفحة الأخيرة".
يرتبط هذا التحديد المطالب به هنا مع غياب ذلك البعد الأسطوري، الذي يشكل أهمية أعماله اللاحقة، وخصوصا روايته "مائة عام من العزلة" 1967. أما سبب الاستقبال الكبير الذي حظيت به هذه الرواية القصيرة في أمريكا اللاتينية، فهو التركيز الأخاذ على الواقع الملموس والشيء المدرك والمرئي، هذا ما ينعكس في الصياغة اللغوية والروائية أيضا.

الصور المرفقة
نوع الملف : jpg 1653.jpg‏ (23.5 كيلو بايت, 2 قراءة)

I am quitting...

آخر تعديل butterfly يوم 24/11/2006 في 11:06.
 
 
Page generated in 0.03506 seconds with 12 queries