مَا وَجَدْتُك
كان المساء في ذاك اليوم
أنشودةً حزينة
أنشودة ناعمة ً حنونا
رددتها في انتظارك ..
كانت النجوم دموع شوق ٍ
تتوثب للقائك ..
كان الظلام مأوى
لأمل قد يشعشع
أمل
أحرق بريقه قلبي
وكان قلبي في ذاك المساء
يضحك ويبكي ..
لست أدري لماذا ..
فلطالما بكى القلب في الفرح ..
تراه يدري
أن ثمن السعادة بكاء
*****
وتأخرت !
فرحت أبحث عنك حولي
في كل نغمة عزفها السكون
بحثت عنك
في وقع خطوات عابر ٍ
أغراه ليلنا بالتسكع
في هدير سيارة
لم يستوقفها بيتي
وفي صدى أغنية ناشزة
تمزقت في حنجرة سكران
قمرا ً باهتا ً لفظه الليل
فهوى على شرفتي
يبكي
كان المساء في ذاك اليوم
أنشودة حزينة
بحثت عنك فيها
فما وجدتك ..
*****
وعدت إلى عالمي
لجأت إليه لأسأله عنك
في الدواة الخضراء
بحثت عن أمل يغيب
وعلى الأوراق
وبين الحروف
وفي زغردة القلم
بحثت عنك
وطال ليلي وطال
وتراكمت الثواني على أجفاني
وتراكمت الدموع تحت الأجفان
وفي كل ثانية
وفي كل دمعة
بحثت عنك
في الأرق المضني
في الحرقة الباردة
وفي زوايا وحدتي
بحثت عنك
كان الليل في ذلك اليوم
حشرجة أمل مجروح
حشرجة خافتة كئيبة
بحثت عنك فيها
فما وجدتك
******
ورحت أحرق الليل
مع اللفافات
وحين خرجت إلى الشرفة
كان الجو رماديا ً
وكانت السماء في البعيد
بستان برتقال
وبحثت عنك
في لوحة نهار لم تكتمل
وفي كل عابر نام ليله
وحين تسربت خيوط الشمس
إلى عيني
سألت الضوء عنك ...
كان الفجر في ذاك اليوم
لفافات احترقت
لفافات بحثت
في رمادها عنك
فما وجدتك
كان ذاك اليوم
تمثالا
نحته من لهفتي
وحين هوى التمثال
بحثت عنك في الهشيم
فما وجدتك
******
في اليوم الثالث
رأيتك تطل
ضاحكا ً ، لا مباليا ً
في اليوم الثالث
رأيت لهفة تشرق
من تعابير وجهك
في اليوم الثالث
رأيت قبالتي صنما ً
لونه خيالي
فوقفت أتأملك .. !
تأملتك طويلا ً طويلا ً
لأرى
إذا كان قوامك الممشوق
يشبه أيام انتظاري
تأملتك
لأتبين
ما إذا كان وجودك
ضخما ً كوحشتي
تأملتك
لأحدد كيانك
من أحزاني
وبقيت أتأملك
في صمت غريبة
وفجأة عدت إلى نفسي
عدت إلى أعماقي
وفي عاطفتي بحثت عنك
فما وجدتك
**********
كان اليوم الثالث
أنشودة حزينة
كأحلامي
كذكريات المدينة
أنشودة كئيبة موجعة
رددتها في توديعك
وكان قلبي في ذلك اليوم
يبكي ويضحك
لست أدري لماذا
فلطالما ضحك القلب
في لحظات البؤس
تراه يدري
أن أقصى مراحل الخيبة
ضحك ؟
دمشق 1968
|