عرض مشاركة واحدة
قديم 17/10/2006   #1
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي السِّمات البارزة للفلسفة الهنديَّة.


تطورت الفلسفةُ الهندية تطورًا طويلاً ومعقدًا؛ وقد يكون تاريخُ تطوِّرها أطول من تاريخ أيِّ موروث فلسفيٍّ آخر. ومع أن النظرة التاريخية ذات أهمية كبرى لفهم موروث كهذا، فإنه يتعذر علينا القيام بدراسة تاريخية دقيقة لهذا التطور. ونتيجة للنقص في تدوين التاريخ لدى الهنود أنفسهم فقد ضاع الكثير من التفاصيل المتعلقة بالتتابع التأريخي للنصوص الفلسفية الحِكَمية، أو على الأقل، لم يُحفَظ لها سجل. لذا يمكن كتابة تاريخ الفلسفة الهندية في خطوطها العريضة وحسب – هذا مع العلم بأن فلسفة كهذه لا تكتمل من دون التعرف إلى الفلاسفة المسؤولين عن ظهور المذاهب الفلسفية وعن تطور الفكر. وعلى كل حال، نتيجة لتعمق الهنود في الفلسفة وإهمالهم للتأريخ، فإننا نعرف عن الفلسفات الهندية أكثر مما نعرف عن الفلاسفة أنفسهم؛ إذ إننا لا نعرف سوى النزر اليسير عن سِيَر الفلاسفة الهنود الأقدمين. فمن جهة، نتعرف أحيانًا إلى مؤلِّف بعض القصائد؛ لكن، كما هي الحال في الفلسفة المادية الهندية وبعض الفلسفات الأخرى، تظل النصوص الأصلية غير متوافرة وتفاصيل المناهج مجهولةً تمامًا.

المراحل الرئيسة الأربع للفلسفة الهندية

مرت الفلسفة الهندية إبان تطورها بأربع مراحل رئيسة انتهت في العام 1700 ب م: أولاها مرحلة الفيدا التي يعتريها الغموض، وتقع تقريبًا بين 2500 و600 ق م. في تلك الفترة، استقر الآريون الذين قدموا إلى الهند من آسيا الوسطى وجعلوها موطنًا جديدًا لهم وطوروا ثقافتها وحضارتَهم الآرية تدريجيًّا. أما من الناحية العلمية، فإنه لا يمكن تسمية هذه الفترة بـ"عصر فلسفي"، بل بفترة "تلمُّس" – وذلك لأن الدين والأسطورة والفلسفة اتصل بعضُها ببعض وعانت من نزاع وانقسام شديد مستمر. إنه، على كلِّ حال، عصر تطور فلسفي؛ وتُعتبَر مبادئه التي عُرِضَتْ في الأوپنشاد لهجةَ العصر، إن لم تكن النموذج الدقيق لتطور الفكر الفلسفي الهندي عمومًا.

تشتمل أدبيات هذه الفترة على أربعة من الفيدا هي: رِگْ فيدا، يَجُر فيدا، ساما فيدا، وأتَهرفا فيدا. ولكلٍّ منها أربعة أقسام تعرف بالمَنْترا، والبراهْمَنا، والأرِنيَكا، والأوپنشاد. وتشكل المنترا، وهي أناشيد، وخاصة الأناشيد الأخيرة من رِگ فيدا، بداية الفلسفة الهندية. وفي انطلاقها من فكرة التعدد في الأجزاء الأولى من الفيدا، مرورًا بالتوحيد وانتهاءً بالواحدية الوجودية، عبرت هذه القصائد والأناشيد الطريقَ إلى الواحدية في الأوپنشاد. وتشتمل البراهمنا، وهي مخطوطات دينية، على قواعد السلوك وواجبات العبادة. أما الأرنيكا والأوپنشاد، فإنها تمثل خلاصة البراهمنا وتبحث في المسائل الفلسفية. وترشد البراهمنا ربَّ البيت إلى طريقة العبادة اللازمة، حتى إذا ما حلَّت به الشيخوخة وجب عليه أن يلجأ إلى الغابة ليأخذ مكانه شخصٌ آخر يقوم بالطقس الذي كان يقوم به هو سابقًا.

والأرنيكا، التي تقع بين البراهمنا والأوپنشاد، تشجع الملتجئين إلى الغابة على التأمل. وتمثل الأرنيكا مرحلة الانتقال من طقوس البراهمنا إلى فلسفة الأوپنشاد. ولئن كانت الأناشيد من إبداع الشعراء، فإن البراهمنا من وضع الكهنة والأوپنشاد حصيلةُ تأمل الفلاسفة. وعلى الرغم من أن الأوپنشاد استمرار لديانة الفيدا، لكنها تُعتبَر احتجاجًا فلسفيًّا قويًّا على ديانة البراهمنا. والحق أننا نجد فيها الميل إلى الواحدية الوجودية الروحية – هذا الميل الذي تتصف به الفلسفة الهندية بوجه أو بآخر والذي يعتمد الكشف العقلي كمرشد إلى الحقيقة المطلقة أكثر مما يعتمد الفكر.

*

تمتد الفترة الثانية لتطور الفكر الفلسفي الهندي – وهي المرحلة الملحمية – بين 500 أو 600 ق م و200 ب م. وتُعرَف هذه الفترة بأنها عرض مباشر للعقائد الفلسفية في أدب غير ممنهج وغير علمي – ونخص منها بالذكر ملحمتَي الراماينا والمهابهارَتا العظيمتين. وتشمل هذه الفترة أيضًا النشوء الأول للبوذية والجينية والشيفية (نسبة إلى الإله شيفا) وغيرها. وتُعتبَر البهگفدگيتا، وهي جزء من المهابهارتا، أحد النصوص الثلاثة الرئيسة في الأدب الفلسفي الهندي. وعلاوة على ذلك، تعود بداية المدارس الهندية المستقيمة الرأي إلى تلك الفترة، كما تعود بداية المناهج العديدة إلى فترة ظهور البوذية؛ إذ إنها تطورت معها. أما الأعمال المنهجية للمدارس الرئيسة فقد كُتِبَتْ بعد ذلك الحين. غير أن أصول معتقدات المدارس العديدة وُضِعَتْ في أثناء الحقبة الملحمية.

وتُعتبَر هذه الحقبة من أخصب المراحل الفلسفية الهندية وغيرها من الفلسفات، كاليونانية والفارسية والصينية؛ وقد ترشدنا معرفتُنا لهذه الفترة إلى غنى الفكر الفلسفي وتنوعه وعمقه. وفي تلك الفترة انبثقت فلسفاتٌ أخرى أيضًا، كمذهب الشك، والمذهب الطبيعي، والمذهب المادي، إلى جانب البوذية والجينية والمناهج الأخرى التي عُرِفَتْ فيما بعد بالمناهج الهندية الأرثوذكسية. أما مناهج التشارفاكا والبوذية والجينية غير الأرثوذكسية فقد تبلورت في مناهج مُحكمة في وقت لاحق.

في تلك الفترة، نُظِمَ الكثير من دهرما شاسْترا، وهي مقالات في الأخلاق والفلسفة الاجتماعية. وصُنِّفَتْ هذه المقالات، مثلها كمثل غيرها من النصوص التي ظهرت آنذاك، في نصوص فلسفية نقلية (سمرِتي) إذا قيست إلى أدبيات فترة الفيدا (شروتي) التي تُعَد مراجع ونصوصًا ملهَمة وموثوقة. وتُعَد دهرما شاسْترا مقالات منظمة تتحدث عن سلوك الآريين في حياتهم، وتصف تنظيمهم الاجتماعي وأعمالهم وواجباتهم الأخلاقية والدينية.

*

تُعَد الفترة الثالثة مرحلة السوترا التي تعود إلى أوائل الحقبة المسيحية تقريبًا. وفي تلك الفترة، كُتِبَت البحوث الممنهجة للمدارس العديدة، واتخذت المناهج طابعَها الذي مازال قائمًا حتى الوقت الحاضر، ووُضِعَت عقائد كلِّ منهج في أقوال مُحكمة، يعتريها الغموض أحيانًا، وفي عبارات تُعَد تذكيرًا للمبتدئين، وذلك لكي تعرِّفهم إلى تفاصيل المناهج الفلسفية التي انتموا إليها والتي لا يعرفها معرفةً دقيقةً إلا الضالعون في ذلك المنهج. وفي تلك الفترة أيضًا، تطور الموقف النقدي في الفلسفة إلى جانب الموقف المنهجي؛ واحتوت السوترا شروحًا إيجابية للمناهج ومناظرات شاملة ضد المناهج الأخرى. وإضافة إلى ذلك، نجد في السوترا الفكر الذي يعي ذاته، إذ يقل فيه الخيالُ الإنشائي والبصيرة العفوية.

تتكون المناهج الهندية الستة الموجودة في السوترا في أثناء هذه الفترة من:

1.نيايا: الواقعية المنطقية؛

2.فَيشِشكا: التعددية الذرانية؛

3.سامكهيا: الثنوية التطورية؛

4.اليوگا: التأمل المنظم؛

5.پورفا ميمامسا: المقالات الأولى التفسيرية للفيدا المتعلقة بالسلوك؛ و

6.أوتَّرا ميمامسا: المقالات المتأخرة للفيدا المتعلقة بالمعرفة؛ وتسمَّى أوتَّرا فيدنتا التي تعني "نهاية الفيدا".

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.13653 seconds with 11 queries