عرض مشاركة واحدة
قديم 24/01/2004   #17
شب و شيخ الشباب HashtNasht
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ HashtNasht
HashtNasht is offline
 
نورنا ب:
Oct 2003
المطرح:
قدامك ...مانك شايفني !
مشاركات:
3,438

افتراضي احذروا مايكروسوفت


قصة ميكروسوفت

والليبرالية الجديدة



د . عبد النبي رجواني*



بعد التذكير بان برنامج التشغيل (MS-DOS، ويندووز، يونكس…) هو ذلك البرنامج الحميمي الذي يبعث الروح في العناصر الإلكترونية للحاسوب فيتعرف كل عنصر على وظيفته ووظائف جيرانه ويوفر الوظائف الأساسية للتشغيل (إدخال نص وطباعته أو عرضه على الشاشة، الوصل بالشبكة، خلق وتدبير الملفات…) حيث بدون برنامج تشغيل يستحيل تشغيل البرامج الأخرى، تماما كما لا يمكن للنشيد أن يبعث دون حبال صوتية، سنحاول إلقاء الضوء على واقع الصراع المتمحور حول التحكم في اقتصاد مجتمع المعلومات، انطلاقا من قضية ميكروسوفت المعروضة أمام القضاء الأمريكي منذ سنة 1996 والتي أسفرت بالخصوص على :

- متابعة إعلامية واسعة جعلت منها قضية تتجاوز الأوساط المختصة لتحتل الصفحات الأولى لكبريات الجرائد والمجلات الأمريكية والأوربية، ومواقع على إنترنت بهدف تشكيل شبكة عالمية تنظم المقاومة ضد هيمنة ميكروسوفت.

- تكوين جمعية Netaction المناهضة للممارسات الاحتكارية لميكروسوفت تحت شعار "Microsoft don’t be soft on " (لاتكن لينا مع ميكروسوفت) وفتح نقاش عالمي حول مستقبل تكنولوجيا المعلومات، أفرز داخل البلدان الأوربية واليابان رأيا عاما يضغط على الحكومات لرفع دعاوى أوروبية ويابانية ضد ميكروسوفت.

- نشر كتاب حقق نجاحا باهرا، تحت عنوان "السطو على كوكب الأرض". الوجه "الخفي لميكروسفت" لمؤلفه روبرتو دي كرسمو.

- احتضان الجامعيين وبعض كبريات الشركات للبرمجيات الحرة بهدف خلق بدائل لمنتوجات ميكروسوفت.

- ترويج فيروس تشرنوبيل المعلوماتي الذي ينشط في 26 من كل شهر ليصيب الملفات التنفيذية للبرامج ذات الامتداد EXE والتي تعمل تحت نظام ويندووز 95 وويندووز 98 بشكل رئيسي.

- الإعلان، عبر مجموعة من مواقع إنترنت من اليابان حتى هولاندا، عن يوم 15 فبراير 1999 يوما للمطالبة بالإعفاء من "ضريبة ويندووز" (نظام التشغيل لميكروسفت) وتنظيم مسيرة احتجاجية في اتجاه مكاتب الشركة بكاليفورنيا، وإغراق موزعي منتوجات ميكروسوفت بسيل من عرائض الاحتجاج. وتطالب هذه الحركة العالمية المعبئين ضد "الشراء القسري" لويندووز بالتعويض عن ضريبة البيع المشروط الذي تمارسه ميكروسوفت. واقع الأمر أن ثمن نظام التشغيل ويندووز يحسب قسرا ضمن ثمن الحاسوب الشخصي المتوافق مع IBM، ولو رفضه مقتني الجهاز لسبب أو لآخر (توفره مثلا على نظام تشغيل آخر، أو رغبة المقاولة في تجديد أجهزتها مع احتفاظها بالنسخ القديمة من البرمجيات …( فهو يؤدي ث"منه. علما أن هناك سابقة حدثت سنة 1998، حيث نجح أسترالي في استرجاع 410 فرنك فرنسي كتعويض عن برنامج ويندووز الذي فرض عليه اقتناؤه مع حاسوبه المحمول، وشكل الشيك المؤدي لصاحبه بعد عرضه على شبكة إنترنت شرارة انطلاق حملة 15 فبراير.

- حجز السلطات اليابانية في يناير 1999، لوثائق داخل مكتب ميكروسوفت بطوكيو وقرار اللجنة الحكومية اليابان المكلفة بالمنافسة بالتحري حول الممارسات التجارية لميكروسوفت.

- تصريح للمدعي العام بالمحكمة الفيدرالية الأمريكية : "إن إنترنت تشكل ثورة عالمية في مجال التجارة والاتصالات ونقل المعلومات ولا يجوز لأية مقاولة استغلال وضعها الاحتكاري لإزاحة منافسيها وخنق الابتكار"، وموقف لممثل الحكومة الأمريكية : "لن نقبل حدوث يالطا في مجال إنترنت وهذا ما سعت إليه ميكروسوفت عندما اقترحت على منافستها Netscape اتفاقا سريا لاقتسام سوق المستعرضات. إنه تآمر وعمل مناف للقانون".

- تشديد اللجنة الأوروبية المراقبة على الممارسات التجارية لميكروسوفت وإعلان المفوض الأوروبي في مجال المنافسة للفلسفة الأوروبية بخصوص اشتغال آليات السوق : "من الطبيعي أن تصبو كل مقاولة مبادرة نحو الرفع من حصتها في السوق، والرفع من قيمة أسهمها في البورصة. هناك إذن سيرورة جحيمية تفرض على المقاولات التوسع حتى ما لانهاية، لتحقيق طموحها تلجأ أحيانا إلى طرق ملتوية. إنه أمر شبه طبيعي لكن الليبراليين يخطئون التحليل باعتقادهم أن السوق سيتكلف بضبط كل شيء، وبالتالي يجب على السلطات العمومية أن تجعل كل الأطراف تحترم حدا أدنى من القواعد. وإذا لم ننتبه للأمر فمن المحتمل أن نصل إلى وضعية يتقاسم فيها السوق عدد "قليل" من الشركات العملاقة".

يمكن وباختزال شديد تحديد العناصر الرئيسية لمحاكمة ميكروسوفت، وهي في الحقيقة سلسلة متتالية من المحاكمات، كالتالي :

- المدعي : الحكومة الفيدرالية الأمريكية وتحالف مكون من 20 ولاية أمريكية.

- المدعي عليه : شركة ميكروسوفت في شخص مديرها العام بيل غيتس صاحب أكبر ثورة في العالم. وشركة ميكروسوفت للبرمجيات، صاحبة برامج التشغيل ويندووز، وويندووز NT، وويندووز CE التي تشغل أزيد من %90 من الحواسيب الشخصية في العالم، وهي تحقق منذ أزيد من عشر سنوات نسبة نمو سنوي بمعدل %42 بالنسبة لرقم معاملاتها و % 48 لرقم الأرباح، وحققت مثلا سنة 1998 ربحا صافيا بقيمة 4,5 مليار دولار ورقم معاملات قدره 14,5 مليار دولار، بينما تضاعفت قيمة أسهمها 300 مرة منذ دخول الشركة إلى البورصة سنة 1989. وكمثال لتبيان القوة المالية والتسويقية الهائلة للشركة تكفي الإشارة إلى أن برنامج الإعلان عن تسويق وويندوز 98 امتد ساعة بأكملها في فترة الذروة لمشاهدة التلفزيون (Prime time) على القناة التلفزية QVC الأولى في مجال التسوق عن بعد في الولايات المتحدة الأمريكية (65 مليون بيتا).

- جوهر الملف : الممارسات التجارية لشركة ميكروسوفت التي يمكن أن تقع تحت طائلة القوانين المناهضة للممارسات الاحتكارية.

تؤاخذ العدالة على ميكروسوفت تضمين مستعرضها لشبكة إنترنت Internet Explorer في برنامجها للتشغيل ويندووز وتسويق البرنامجين كمنتوج واحد. وبالتالي تعمل ميكروسوفت انطلاقا من وضعيتها شبه الاحتكارية داخل مجال أنظمة التشغيل على السطو على سوق إنترنت. وكرد على مطالبة المحكمة ميكروسوفت بالفصل بين البرنامجين، تجيب الشركة "مستحيل، نظرا للاندماج القوي بينهما"، يرد قاضي التحقيق : "هاتوا الشفيرة المنبع (Code source) لخبراء المحكمة حتى يتحققوا من أقوالكم "فتجيب ميكروسوفت : "وهل طلب أحد من شركة كوكاكولا اطلاع أحد على تركيبتها الكيماوية ؟ إن الشفيرة المنبع محمية بقوانين سرية الإنتاج".

واقع الأمر أن ميكروسفت لم تراهن في البداية على تطور شبكات الحواسيب بل غالبا ما عبر بيل غيتس عن شكوكه حول مستقبل إنترنت، فوصلت ميكروسفت متأخرة إلى مجال تصميم وتسويق المستعرضات حيث سبقتها شركة Netscape بمستعرضها Navigator الذي سيطر في البداية على %70 من السوق. فكيف كان رد ميكروسوفت لتدارك تأخرها وفرض مستعرضها Explorer ؟ التجأت إلى ممارسات من شكلها أن تصنف قانونيا ضمن الممارسات المنافية لقوانين المنافسة وبدأت في توزيع مستعرضها "مجانا" بإدماجه مع ويندووز، وضغطت على شركة أبل أيضا لاستعماله اضطراريا "par défaut" على أجهزة ماكنتوش، وعرضت على موزعي الحواسيب وبالخصوص شركتي كومباك وديل أثمانا امتيازية لتسويق منتوجها "ويندووز + Explorer"، وعاقبت الشركات الرافضة كإي.بي.إم، وغيتواي بفرض أثمان أعلى على ويندووز وهددت شركتها أنتل بالطلاق … وأكثر من هذا، لعبت الورقة الضاغطة –والتي طرحت أسئلة كبرى حول مدى احترام ميكروسوفت لأخلاقيات المنافسة- المتمثلة في إدخال تعديلات سرية على ويندووز لتلغيم برامج المنافسين والتقليص من فعاليتها من حيث جعلها لا تتلاءم كليا مع النسخة المعدلة لويندووز.

العنكبوت والثعبان، تشبيهان صارا ملازمين لميكروسوفت في أوساط الجامعيين والخبراء. تتجلى استراتيجية ميكروسوفت / العنكبوت في النسج التدريجي لخيوط تقسط في حبالها برمجيات المعلوميات الشخصية، ومعلوميات المقاولات والشبكات، ومستعرضات إنترنت وتطبيقات التلفزيون على الحاسوب ويتجلى تكتيــك ميكروسوفت / الثعبان في الثلاثية : تقبل، فتلتوي ثم تخنق. تلتفت ميكروسوفت حول الشركات الصغرى المبدعة، وتعرض تحالفات مشبوهة (حالة Netscape ) وهدايا مسمومة (المساهمة ب %10 في رأسمال أبل) على المنافس القوي وتحتوي عبر ممارسات ملتوية لغة جافا التي وجدت أصلا لتسوية ملعب التنافس بين أنظمة التشغيل وضمان استقلالية التطبيقات عن نظام التشغيل في أفق تمهيد الطريق لنظام تشغيل عالمي مفتوح… وتمارس ميكروسوفت مع العدالة الأمريكية والأوروبية بدهاء تقنية "خطوتان إلى الأمام، خطوة إلى الوراء" عبر تنازلات محسوبة تهم الشكل والحاضر دون التنازل عن الجوهر والمستقبل، فتقبل مرحليا باتفاقات حبية في انتظار الاكتساح المبرمج.

وارتكازا على قوتها في السوق ونفوذها داخل مراكز القرار في أمريكا، تقوم ميكروسفت بمجموعة من الممارسات التي بدأت تثير حفيظة الرأي العام ومنها على سبيل المثال :

غياب أية ضمانة لصالح مستعمل برمجيات مستعمل ميركروسوفت في حالة تسببها في ضياع معلومات أو تعطيل حاسوب أو شبكة، إذ أن نص العقدة المتعلقة بويندووز 95 ويندووز 98 لايتجاوز الإشارة إلى أن "مصمم الحاسوب يتضمن كون البرنامج يتيح استعمالا متوافقا فيما يتعلق بأهم الوظائف مع القدرات الموصوفة في الكتيب المرافق للبرنامج".

تقليص المساعدات التقنية مابعد البيع إلى مستوى الصفر وتحميل مسئوليتها لمسوقي الحواسيب أو احتسابها ب 35 دولار عن كل تدخل مباشر.

جعل الصفحة الأولى التي تبدو على الشاشة بمجرد تشغيل الحاسوب الحامل لويندووز تعرض العلامة التجارية لميكروسفت.

عدم اهتمام ميكروسفت بالإبداع والابتكار واكتفائها بالاستحواذ على ابتكارات الأخيرين وتسويقها تحت علامة ميكروسفت بدءا من نظام التشغيل MS-DOS حتى مستعرض الشبكة Explore ، إضافة إلى إغراء العاملين الموهوبين في الشركات الأخرى، إلى مغادرتها للالتحاق بميكروسوفت كما وقع مع مصمم ويندووز المشتغل سابقا بشركة ديجيتال. والأدهى من هذا وذاك إقبال ميكروسفت على شراء رخصة استعمال (Licence) منتوج منافس لإدماجه ضمن عروضها لتقوم في مرحلة لاحقة بتغييرات سرية على أنظمة التشغيل التي تسوقها فتجعل المنتوج الأصلي للشركة الأم غير قابل للاشتغال أو يشتغل بفاعلية أقل من نسخة ميكروسفت.

بعد تبوئها المركز الأول في مجال الأقراص المدمجة المتعلقة بالبرمجيات التعليمية (موسوعة Encarta مثلا) والترفيهية، ودخولها عالم إنترنت بواسطة مستعرضها وخدماتها المتنوعة (تحالف مع NBC ومجموعة من المجلات الإلكترونية في قطاعات السياحة والمال والعقار …) بدأت ميكروسفت تتقدم بخطى كبيرة نحو التغلغل داخل فضاء التلفزة التفاعيلة والهاتف عبر إنترنت والنقود الإلكترونية والربط مع إنترنت عن طريق شبكات الكابل … مما جعل أحد الخبراء يلخص احتجاج الرأي العام : "تصورا ما كان سيكون عليه مستقبل البشرية لو سيطر فاعل تجاري واحد في القرن التاسع عشر على كل مطابع المعمور ؟"

وللاستدلال على الشكوك المحيطة بالعلاقات بين ميكروسفت والإدارة الأمريكية، تجعل الشركة تستفيد من مواقف تفضيلية يسوق روبرتودي كوسمو، مؤلف "السطو على كوكب الأرض : الوجه الخفي لميكروسفت" الواقعة التالية : في تقرير رفعته البحرية الأمريكية إلى مكوماتها حول الأعطاب المتكررة التي تلحق بباخرة ذكية نتيجة التوقفات العديدة لنظام ويندووز NT المشغل لأجهزة الباخرة، يجزم الضابط المسؤول : لو أن نظام UNIX أكثر نجاعة فمن الممكن أن يصير ويندووز NT أنجع مع مرور الوقت" !

هذا غيظ من فيض عن ممارسات ميكروسفت، لكن النقطة التي أفاضت الكأس، هي محاولتها مع بداية 1996 تعميم ممارسات لم تهم سابقا إلا الحواسيب المعزولة، على شبكة إنترنت. وللتذكير فإنترنت خرجت كبنية تحتية من رحم البحث داخل مؤسسات عمومية، مدنية وعسكرية، ووصلت إلى ما وصلت إليه عبر مساهمات تطوعية وممارسة يؤطرها التقاسم والتشارك بعيدا عن منطق السوق فلقد اختار مثلا "فانسنت سيرف" مخترع بروتوكول نقل نص المترابط (http) لإرسال المعلومات أن يترك اختراعه ضمن الملكية العمومية ولم يجعل من البروتوكول منتوجا صناعيا خاضعا لحقوق الملكية الثقافية أو الصناعية الفردية. داخل هذا الفضاء وصلت ميكروسفت زاحفة، مشبعة بإرادة الاحتكار وفرض منطق السوق. وانطلاقا من وضعية المسيطر على سوق أنظمة التشغيل، تمارس ميكروسفت ابتزازا على المستهلك ومسوقي الحواسيب : من اختار ويندووز عليه القبول بالمنتوجات الأخرى لميكروسفت، ومن لم يفعل فسأغير ويندووز دون علم أحد لشل قدرات برمجيات غيري، بدءا من لغة جافا حتى المستعرض Navigator " فعلا، لقد حاولت ميكروسفت خلق شبكتها البديلة والخاصة لتخنق إنترنت، وعندما لم تلق شبكة ميكروسفت النجاح لم يجد المنطق الاحتكار إلا مخرجا واحدا يتجلى في التخطيط للسطو على إنترنت بهدف فرض مواصفات على مقاس ميكروسفت.

كيف ترد ميكروسفت ؟ ترد بقولها : "إن الفضاء التنافسي لتكنولوجيا المعلومات يتحول بسرعة، مما يجعل كل التشريعات التي يمكن أن تصدرها الحكومة الأميركية غير لائقة وسلبية… على الحكومة أن تترك القوى الصناعية تتنافس بكل حرية، فالسوق أقدر على الاهتمام بالمستهلك ورعاية مصالحه من الحكومة". بعد هذه التوضيحات يحق للمتبع أن يتساءل : أولا : ألن يؤدي التحالف بين ست من كبريات الشركات ضد ميكروسفت بدوره إلى وضعية احتكارية ؟

ثانيا : ما مدى نجاعة المقاربة التقليدية بواسطة مؤسسات القضاء ومبادرة الدولة ضمن آليات الاشتغال الكلاسيكية (مرافعات، تأجيل الجلسات والاستماع إلى عشرات الشهود، انتظار تقارير الخبراء…) الممططة للزمن، في معالجة قضايا تكنولوجيا المعلومات حيث اليوم بسنة ؟

ثلاثون سنة، كانت المدة التي استغرقتها متابعات الإدارة الأمريكية لتفكيك شركة Standard Oil… واستغرقت المتابعة ضد IBM اثني عشر سنة قبل أن يتخلى القضاء الأمريكي سنة 1982 وفي ميدان الكتاب، وعندما يحكم القضاء بسحب منشور من السوق، يرفق القرار بذعيرة مالية تحسب إما بحسب أيام التأخر في تنفيذ القرار أو بحسب النسخ المسوقة بعد تاريخ القرار، لكن ما معنى هذه المقاييس في مجال البرمجيات المسوقة عبر التجارة الإلكترونية أو الموزعة مجانا على مواقع شبكة إنترنت، خصوصا وأن أوائل الحاصلين عليها بإمكانهم نقلها وتوزيعها حتى إلى ما لا نهاية ؟ إن كل أسبوع، أو يوم أو ساعة على تأخر القضاء في إصدار حكمه (وبغض النظر عن فحواه، يطرح سؤال حقيقي حول آليات التطبيق) يعني أعدادا هائلة من أنظمة ويندووز المسوقة متضمنة المستعرض Explorer، ويعني تغلغل في السوق، واستحواذا على شرايين الحواسيب وتكريسا للأمر الواقع. وقد بلغت مثلا استمارات ميكروسفت في النصف الأول من سنة 1999، حوالي 12 مليار دولار، في إطار تحالفات مع أهم الشركات العالمية العاملة في قطاعي الاتصالات والسمعي البصري، هدفها تدعيم موقع الشركة في مجال الهواتف النقالة والتلفزة بالكابل وكل الوسائط التي من شأنها الاندماج مستقبلا في شبكة كونية للمعلومات … إن هدفنا يقول أحد مسئولي ميكروسفت هو "العمل على جعل الربط بإنترنت يسيرا وناجعا بواسطة الحاسوب الشخصي، وإنجاح التلاقي بين التلفزيون وإنترنت، وتقديم خدمات جديدة لجمهور التلفزيون".. أما بيل غيتس فيرى من اللازم تعويض شعار "حاسوب شخصي في كل مكتب وداخل كل بيت" بشعار "الوصول إلى إنترنت للجميع ومن كل مكان". وبالفعل فلقد نص الاتفاق مع الشركة الأمريكية للتلغراف والتيلفون ATT على تجهيز 7,5 ملايين من أجهزة فك الرموز (Décodeurs) ببرنامج التشغيل ويندووز CE لاستقبال البرامج المنقولة بالكابل، كما نص الاتفاق الموقع في مايو 99 مع شركة ساجيم، على تطوير مشترك لجيل من الهواتف النقالة تشتغل تحت نظام ويندووز CE للارتباط بإنترنت.

وبغض النظر عن القرارات التقنية والمؤقتة دوما في حالة ميكروسفت، يتفق الملاحظون أن التشريع في مجال القوانين المناهضة للاحتكار ينحى نحو تأويلات أقل تشددا مما يسمح بظهور أوضاع مهيمنة لم تكن مقبولة منذ 20 سنة خلت، في الوقت الذي تسفر فيه حركة الاندماجات عن تكون شركات عملاقة تجذبها إغراءات السوق لاستعمال قوتها ضد ما تبقى من المنافسين. ففي مجال الاتصالات يلاحظ أن الشركات الجهوية المتولدة بعد تجزئة ATT سنة 1984، تتقارب أكثر فأكثر فيما بينها من جهة ومع الشركات العاملة في مجال الاتصالات البعيدة من جهة أخرى. وفي مجال الإعلام، فالقناة التلفزية ABC تتحكم فيها شركة ديزني واستوديوهاتها الهليودية، ويحصل نفس الشيء بين CNN والقنوات التلفزية لتيد تورنر مع تايم وورنر مما يهدد وقوع صناعات المحتوى وصناعات نقل المحتوى في نفس الأيدي … كما هو متوقع على شبكة إنترنت بعد اندماج نيتسكيب و America On line … وإذا أضفنا إلى هذا ما حدث بين بوينغ و ماكدونيل دوغلاس في مجال صناعة الطيران، ووقائع شبيهة في مجال صناعة الأدوية والسيارات يحق التساؤل : هل هي نهاية الليبرالية الكلاسيكية المبنية على التنافس ؟

يجيب بعض علماء الاقتصاد بالإيجاب لافتين الانتباه إلى تشكل معالم فلسفة اقتصادية جديدة منذ أواسط الثمانينات في أمريكا، تزيغ عن المبادئ السابقة لتعتبر في نهاية المطاف أن منافع ومحاسن الاندماجات والتركيز (Concentration) أقل من مساوئها، وتترجم هذه المعالم على مستوى التشريع في مبدأ "مدرسة شيكاغو" التي تبرز تسامح القضاة في القضايا المتعلقة بالاحتكار، انطلاقا من كون هذه الممارسة تخدم المستهلك وبالتالي فالسماح لمقاولة ذات وضعية مسيطرة بالنسبة لمنتوج معين للتوسع في سوق تهم منتوجا تكميليا لمنتوجها، يدخل في منطق النجاعة التي من غير المفيد تحجيمها ولجمها. وفي هذا الصدد يقول أحد المحامين العاملين مع رالف نادير في مجال الدفاع عن حقوق المستهلك : "إن إدارة الرئيس كلينتون دخلت المعركة ضد ميكروسوفت بالقليل من الذخيرة. فعلى درب ما بدأته إدارتا ريجان و بوش، استمرت الإدارة الحالية في العمل بإصرار على الإفراغ من محتوى عدد من الأحكام القانونية المقاومة للاحتكار وبالخصوص المتعلقة منها بالمغالاة في استغلال امتيازات الوضعية المسيطرة".



· أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم . جامعة محمد الخامس

· عضو الشبكة الا قليمية العربية لتكنولوجيا المعلومات

· باحث في مجال المعالجة اللآ لية للغة العربية…

عن منشورات رمسيس المعرفة للجميع

ملاحظة: الموضوع منقول بشكل كامل من موقع الذبابة ويمكن استعراضه في الموقع على الرابط التالي:http://www.addoubaba.com/histoire%20de%20microsoft.htm
 
 
Page generated in 0.06735 seconds with 11 queries