عرض مشاركة واحدة
قديم 26/04/2008   #1
شب و شيخ الشباب خوليو
مسجّل
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ خوليو
خوليو is offline
 
نورنا ب:
Apr 2007
مشاركات:
21

افتراضي اختزال معاني الحياة .. بإيحاءات جنسيّة ..


هذا الموضوع هو محاولة لتقديم نظرة خاصّة (تستند بعض الشيء على مدارس التحليل النفسي) على بعض ما حوته المجموعة القصصيّة "تكسير ركب" للعظيم "زكريّا تامر" .. وهي مجموعة "ممتعة" فعلاً .. وجدت فيها "شيئاً" يخاطبني ويحفّزني على طرح بعض الأفكار .. وقبل طرح أي وجهة نظر .. سأقوم بعرض القصّة المعنيّة بلون مميّز .. وسيكون لمداخلاتي عناوين معيّنة ..
يسعدني جداً أن يقوم أحدهم بمشاركتي في هذه المحاولة ..

الغرام .. والانتقام ..

استنشق "سالم" رائحة شعرها، وقال عنها إنّها أجمل من رائحة العشب، فضحكت "منى" ضحكة غامضة، وقالت له إنّ العشب مفضّل لدى الخراف والماعز والبقر، وأغرته بالنوم قائلة إنّ بقاءه مفتوح العينين ليل نهار ليراقبها أمر ضار ومحيّر، فلم يستطع مقاومة إغرائها، ونام كما ينام طفل على ركبتي أمّة، فلم تتركه "منى"، ولاحقته وهو غارق في النوم لتقف على شرفة قصر تطل على آلاف الرجال، وخاطبت الرجال بصوت يشبه الماء : "ستنالون اليوم بعض ما كنتم ترغبون فيه ولا تجرؤون على المطالبه به علانيّة"
وابتدأت "منى بالتعرّي بأسلوب يجعل كلّ رجل يوقن أنّها تتعرّى له وحده، فسألها سالم بصوت موبخ : "ألا تخجلين مما تفعلين؟"
فضحكت "منى"، وأجابت أنّها لا تفعل إلا ما يجبر الرجال المتباهين بشواربهم على أن تحمر وجوههم قليلاً، فاحمرّ وجه سالم غضباً، واستغرب أن يشعر بالجوع وهو نائم، وقال "لمنى" سائلاً : "ماذا طبخت اليوم؟"
قالت له منى : "خدمة الجماهير أوّلاً ثمّ خدمة الزوج"
وفي تلك اللحظة، حطّ عصفور صغير على راحة يدها، وبحث عن حبوب تعوّد التقاطها بمنقاره، فأمسكت به أصابعها بحركة فجائيّة، وضغطت على عنقه، ولم تفلته إلا مخنوقاً، فصحا سالم من نومه مرعوباً ليجد "منى" نائمة بجواره مزيجاً من امرأة شهيّة وطفله وديعة .


يتنشّق "سالم" رائحة شعر حبيبته "منى" .. فيجدها أجمل من رائحة العشب .. ويتلمّس ساقها فيجدها أنعم و"أملس" من جذع "الكرمنتينا" .. ويعضّ خدّها ليجده ألذّ من تفّاح الحقل .. ويلعق قطرات العرق المتجمّعة على حواف "سرّتها" .. ليرتوي أكثر مما ترويه مياه البئر .. ويستمتع بجسّ نهديها المتحجّرين شهوة .. أكثر من "جسّه" لـ"درّاقة" نضجت .. ثمّ يضرب "سامي" فأسه على الأرض حتّى يُنهك .. ويتوارى "فأسه" مع كلّ ضربه تحت تراب الحقل .. في "رحم" الأرض .. ولا تزيده تأوّهات "الأرض" من وقع فأسه إلا إصراراً لمزيد من "الحرث" ..

أظنّ أنّ "سالم" يعترف بقرار نفسه بهذا التماثل المحيّر بين "حبيبته" و"حقله" .. فذاك المشهد الأيروسي الذي يغرس فيه "سالم" فأسه في الأرض .. هو الذي أعاد الحياة "للعشب" و"جذع الكرمنتينا" و"التفّاح" و "الدرّاق" وحفر "البئر" ..
وذات "المشهد الأيروسي" الشبيه الذي يكرره سامي على فراشه كل ليلة .. هو الذي يعيد الحياة لشعر "منى" وساقيها وخدّها وسرّتها ونهديها .. ليحوّلهما من "مساحات جرداء" إلى خصوبه أنثويّة هائجة ومنتجه .. هي الخصوبة التي أنتجت "سالم" و"منى" وستنتج ولداً لهما يوماً ما ..


يستمتع "سالم" بكلّ لحظة "أيروسيّة" يُشبع فيها "نزواته" .. فهو الذكر ذو الطاقة "الحركيّة" التي تعبّر عن ذاتها بضوضاء تثيرها في لحظتها .. يبحث عن الإشباع الميكانيكي "المباشر" .. يبذل لأنّه يجد في "البذل" متعة .. و"يحرث" لأنّ في الحراثة حركة و"فعل" يفرّغ طاقته ..
بينما تسخر منه "منى" وتشبّهه "بالخراف والماعز والبقر" وتطلب منه أن ينام .. فمنى هي الأرض "المؤنّثة" .. الطاقة "الكامنة" دوماً .. التي لا تمثّل لها "اللحظة" حدثاً .. بل الحدث هو الامتداد (الممل للذكر) .. هي الطاقة التي تُشبع بموضع "المفعول" لا "الفاعل" .. "المحروث" لا "الحارث" .. وتكوّن من "حدث الحرث" قصّة متعة طويلة لا تكتمل بنزوة "حرث" عابرة .. كما الأرض لا تنضح خيراً وسعادة إلا بحراثة دائمة ومنتظمة ..

ولست أشكّ بأنّ "سالم" يدرك في قرار نفسه تلك "العدوانيّة" الساخرة التي ينتجها تقابل الأضداد .. وفهم المقصود تماماً بتشبيه "منى" له بالخراف والماعز والبقر .. كما أنّه يقابل هذه العدوانيّة الكامنة برديف عدوانيّ لها .. فيرى "منى" في حلمه تدمّره بيدها .. كعصفور هزيل يتمزّق بالأمواج العاتية التي يخبّئها صفاء يديها المعتاد .. ويستمتع بالمقابل بتصوير عدواني النزعة لـ"منى" كساقطة تتبع لغرائزها وترقص عارضه مفاتنها للبيع في حدث "أيروسي" ذي أشباع لحظي .. يجعل "منى" شبيهة جداً به .. ذكوريّة جداً .. "ساقطة" جداً بمفهومه الثقافي .. فيحمرّ "وجهه" منها .. لأنّها أمست بذلك "موضع" خجل له .. ناقصة .. عاهرة .. أدنى منه شرفاً ورفعة .. لا تجلب له سوى العار ..

ولا شكّ بأنّ "سالم" يخشى من خسارة "تفرّده" في قلب "منى" .. فلا يستطيع أن يتخيّل خسارته لهذا التفرّد والتملّك إلا بتصويره لمنى بمظهر "العاهرة" .. المنحطّة اجتماعياً .. التي تسخر منه "لحيوانيّته" الذكوريّة .. وتزداد عنه "حيوانيّة" في المقابل .. لتطفو العدوانيّة "التملّكية" حمرةً في وجه "سالم" ويتحوّل الحب الصرف لعدوانيّة صرفة (في انقلاب درامي كثير التكرار في حياتنا اليوميّة و يبدو مفاجئاً للكثيرين) .. بعد أن رآها لتوّه في استيهاماته تتعرّى لعشرات الشبّان .. موحية بخبث "منحط" لكلّ منهم .. أنّها تتعرّى "له وحده" ..

يستيقظ "سالم" .. ثمّ يحمد ربّه بأنّ عالم الحقيقة "الخارجي" أكثر زيفاً بكثير من عالم الحقيقة "الداخلي" .. فيعاود تأمّل "منى" ليجد فيها "الطفولة" العقيمة والبريئة .. والتي لا تثور بركاناً إلا لتلبّي شهوته هو "وحده" .. فيبايع نفسه على "حبّ" منى .. لما في ذلك من هروب وخلاص من تلك الميول المتضاربة الداخليّة .. ميول "التنافر" و"الانتقام" .. و"الحقد" و"الكراهية" و"السيطرة" ..

سيبقى "كابوس" منى ترقص وتتعرّى .. يرافق "سالم" .. كلّما أحبّ "منى" أكثر .. وخاف من أن ينفلت عقالها من سيطرته .. وستبقى "منى" تتمنّع عن "سالم" .. وتسخر منه أكثر .. كلّما وقعت في شباك حبّه أكثر .. فالانتقام الجنساني يبلغ ذروته الدمويّة .. كلّما امتزج بالـ"غرام" ..
ولست أستغرب .. إنّ بلغ الحبّ ذروته عند العروسين .. أن يستيقظ "سالم" يوماً من استيهاماته .. فيرى "منى" مستلقية أمامه كدابّة تعوّد ركوبها مع صحبه .. فيوقظها دون أن يستطيع استعاده "صورتها" الطفوليّة والملائكيّة الطاهرة البريئة.. ويحلف عليها بالطلاق بالثلاثة في أحسن الحالات .. ويغرس في عنقها "سكّيناً" في أسوئها ..


يتبع ..

خوليو

عالمي الخاص ..

http://www.drbasel.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.07017 seconds with 11 queries