عرض مشاركة واحدة
قديم 17/10/2008   #1
شب و شيخ الشباب yass
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ yass
yass is offline
 
نورنا ب:
Jul 2004
المطرح:
الآن... هنا
مشاركات:
9,461

افتراضي التخلف الاجتماعي -1-



في الحلقة السابعة من "ثلاثائيات" و تحديدا في فقرة "الظهر", رويت واقعة قديمة حدثت في مدينتي, الرقة, عن رجل أحدث فتحة في السور الأثري باستخدام الآليات الثقيلة لكي تمر جنازة زوجته و لا تضطر للالتفاف حول السور كله للخروج.


هذه القصة حقيقية, و الفتحة ما زالت موجودة, و يعرفها كل من يعرف مدينة الرقة قليلا.


أتعمد إعادة ذكر الحادثة, لأن فكرة هذه المقال جاءت من بريد الكتروني من أحد متابعي الثلاثائيات, يهنئني فيه على فكرة الثلاثائيات بشكل عام, و يقصد هذا المقطع بالذات. لفت انتباهي بشكل خاص تعقيبه على القصة بقوله:"و ماذا تستطيع أن تفعل تجاه شعب لا يستحق حتى أن يكون لديه آثار".

هذه الجملة تستحق دراسة اجتماعية لست مؤهلا للقيام بها, لكنني على مدى فترات طويلة من النقاش و القراءة و الكتابة عن حالات مشابهة, وصلت لقناعات شخصية, و هذه القناعات هي موضوع مداخلتي البسيطة.


كنقطة بداية, لست موافقا على أن الشعب "لا يستحق", فمبدئيا أي شعب من شعوب الأرض, كجزء من حضارة إنسانية ناتجة عن آلاف السنين من محاربة المستحيل و المنطق الموروث, يستحق أن يكون لديه أفضل السبل لاستمرار تطوّره و تقدمه على كافة الأصعدة, فلذلك أعتقد أن المشكلة ليست بالـ"خامة" بل في طريقة التصنيع التحويلي لهذه الخامة.


ماذا يعني "شعب متخلف"؟

التخلّف هنا أقصد به انعدام وسائل التطور الفكري و العلمي و الثقافي الصحيح, أو انعدام الوسائل المعرفية للاستخدام الأمثل لهذه الوسائل, بالإضافة إلى الخلل في التركيبة الهرمية للمجتمع من وجهة النظر الفكرية.


أستطيع, بناءا على ذلك, أن أعتبر أن التخلّف هو مرض اجتماعي, ناتج, كجميع الأمراض, عن أسباب, و جزء أساسي من العلاج, هو زوال الأسباب, الجزء الآخر, و هو إزالة الضرر الناتج عن الوجود المطوّل لهذه الأسباب, و الذي لا يشترط به أن يزول تلقائيا بعد زوال الأسباب, يحتاج إلى عامل الوقت, و العمل المتواصل من قبل الطليعة الاجتماعية.


قبل دخولي في ذكر أسباب التخلف, من وجهة نظري, أود الوقوف للحظات أمام مفهوم الطليعة الاجتماعية..

أفضّل شخصيا بشكل عام استخدام مصطلح "الطليعة" أكثر من "النخبة", و لا أعتقد أن المصطلحان يشتركان بالمعنى, و لا حتى يتوازيان في قصدهما, لكن هذا أمر أتركه للعارفين بخبايا اللغة.


أقصد بالطليعة الاجتماعية, مجموعة أفراد المجتمع, تهيأت لها الفرصة, لأسباب و عوامل مختلفة, للوصول إلى حالة من الرقي الفكري و الإبداعي, و توفرت أمامها إمكانية بعد النظر و اختيار الطرق الملائمة للتقدم.

و الانتماء للطليعة ليس تشريفا فخريا, بل أنه واجب تجاه المجتمع, لأن رسم الخريطة التي يجب استعمالها, للسير في طريق التقدم, هو مسؤولية هذه الطليعة و واجبها المقدّس.


إن العلاقة ما بين الطليعة الاجتماعية و السلطة يجب أن تكون مبنية على الاحترام, و التعاون لما فيه خير للمجتمع, لكن احترام كيانية الطليعة الاجتماعية و استقلاليتها هو شرط أساسي لتحقيق المنفعة.


ادوار سعيد يقول أن واجب المثقف هو أن يكون بموقع الناقد للسلطة و المشير لعيوبها و أخطائها, مهما كانت هذه السلطة. و أعتقد أن هذا الكلام صحيح, و يمكننا استبدال مصطلح "المثقف" بـ "الطليعة" و سنصل لمعنى متطابق.


لا سبيل للتقدم في مجتمع تكون طليعته الفكرية مغيّبة أو أسيرة السلطة, مهما كانت هذه السلطة و مهما كان ذخرها الديمقراطي. فالسلطة بدون نقد و بدون معارضة هي سلطة فاشلة حتما. و لذلك فإن تغييب الطليعة في سبيل انهاء أي ازعاج أو تهديد لمصالح السلطة سيكون له نتائج اجتماعية مدمرة.


عدا عن التغييب. قد يتم الاستيلاء على دور الطليعة من قبل مجموعة ليست مؤهلة لذلك, و لا تتمتع بالصفات اللازمة لكي تكون قائمة على هذه المسؤولية الكبرى, و الاستيلاء قد يكون لظروف وقتية و ظرفية, و قد يكون نتيجة لتلاعب السلطة بالتركيبة الاجتماعية لضمان مصالحها.


غياب, أو تغييب, أو تقييد,أو تقمّص دور, الطليعة الاجتماعية في مجتمعنا هو أحد الأسباب المبدئية للتخلف, و قد تكون غالبية الأسباب التالية التي أراها, و التي سأسردها في مداخلات مقبلة, هي نتيجة لهذا الخلل في تركيب و عمل الطليعة.









Yass


أبو مـــــــــ1984ـــــــارال
خبز,, سلم,, حرّية

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05347 seconds with 11 queries