حنين إلى الوطن الشاعر : عبد الرحيم محمود
هو كذلك دائما يبدأ الحب ، وهكذا يولد الحنين ، لكن في هذه المرة بطريقة فريدة ، حين يخرج الشاعر من فلسطين مكرها قبل النكبة ، يعيش بعيدا عنها وما من ذنب ارتكبه إلا ذنب العشق والهيام بالديار المحاصرة بحراب الانتداب أو قل إن شئت " الذي أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق " ، في غربته وٌلد الحنين وما فارقه يوما ، وانكشف الاشتياق الذي كان محشوا في رصاصات يضرب بها الشاعر ٌ صدور الغرباء ..ومن أجل ذلك طاردوه ..
الجميل في الحكاية أنه عاد بعد ذلك واستشهد في معركة " الشجرة " في عام النكبة السوداء ، لكنها ظلت هناك في كل زيتونة من الكروم أغنية لوطن ظل محفورا في الفؤاد ومرسوما في العيون..ولله در الوطن ما أغلى عيونه...
تلك أوطاني وهذا رَسمُها
يتراءى لي على بَهجتها
في ضِياء الشمس في نور القمر
في خرير الجدول الصافي وفي
في هَتون الدَّمع من هول النَّوى
دقة الناقوس معنى لاسمها
فِكرة قد خالطت كلّ الفِكَر
هي في دُنيايَ سر مِثلما
يا بلادي يا مُنى قلبي إن
لا أرى الجنة إن أدخلتها
منيتي في ُغربتي قَبل الرَّدى
ظَمِئَت نفسي لِمغناك فَهَل
وتمرين بيمنـــــاك على
ويغني الطيِّر في أشجاره
خَبَر َتنقُلُه ريح الصِّبا
ويُلاقي كل إلفٍ ألفِه ِ
يابلادي أرشفيني قَطرَةً
ليت من ذاك الثّرى لي حَفنة
في سُوَيداء ُفؤادي مُحتَََفر
حيثما قلَّبت في الكون النَّظر
في النَّسيم العَذب في ثغر الزهر
صَخَب النهر وأمواج البحر
في لهيب الشَّوق قي قلبي استعر
واسمها مِلءَ تسابيح السَّحر
صُورة قد مازَجت كل الصُّور
قَد غدا اسم الله سِرِّاً في الصُّور
تَسلمي لي أنت فالدُّنيا هدر
وهي خلو منك إلا كسقر
أن ُأمَلّي من مَجاليك البَصَر
يُطفيءُ الحرقةَ بالفؤاد القَدَر ؟
جَسدٍ أضناه في البعد السَّهَر
نغماً يُرقِص أعطافَ الشَّجر
ويُذيع الزِّهر أنسام الخـَبَر
ويَلُمان الشَّتيتَ المـنتَِثرِ
كلُّ ماء غير ما فيك كـدَر
أتملى من شذى التّرب العـَطِر
..غنــــي قلــــــيلا يـــا عصـــافير فأنــي... كلمـــا فكــــرت في أمــــــر بكـــيت ..
|