عرض مشاركة واحدة
قديم 23/07/2007   #2
شب و شيخ الشباب فاوست
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ فاوست
فاوست is offline
 
نورنا ب:
Jul 2006
المطرح:
في وطني السليب
مشاركات:
655

افتراضي


وأخيرا شهدنا الهجوم الذي شنه صلاح الدين كفتارو، مدير عام مجمع الشيخ أحمد كفتارو، ضد وزير الإعلام الذي رفض نقل خطبة الجمعة في سوريا على التلفزيون السوري. هذا الهجوم الذي حصل أثناء خطبة الجمعة وعلى الملأ من المصلين كان سابقة في سلوك رجل دين هو نجل مفتي الجمهورية السابق ضد وزير في الحكومة. لكن كان لهذا التصرف تبريره لدى كفتارو الابن، حين قال في الخطبة إياها " ...نحن نتقدم فلا ترجعنا إلى الوراء لأن هذا بلد الإيمان وبلد بشار الأسد".
ليست "المكتسبات" تلك بالضرورة، هي مقابل ما يبديه الإسلام الرسمي من ولاء وسند للحكم في سوريا، فهو لا يستطيع أن يكون غير ذلك، باعتباره إسلاما رسميا! بل إنها تبدو في أحيان كثيرة بمثابة وسيلة لتحقيق الهدف المرسوم لرواد هذا الإسلام.
عندما أعلن عن سماح السلطات للقبيسيات بالنشاط العلني، نقل عن الشيخ البوطي قوله أنهن "يقمن بالدعاء المستمر للرئيس بشار الأسد من دون التطرق إلى السياسة..وإن ولاءهن للرئيس الأسد لا غبار عليه..".
وفي موضوع الجمعيات النسوية، كلنا يعلم أن خطب الجوامع تخضع لرقابة أمنية مشددة، ومن غير الوارد التطرق لمثل هذا الموضوع من غير أن يكون قد مر على السلطات المعنية وحظي بموافقة أو غض نظر على الأقل. من غير أن ننسى قيام السلطة بسحب ترخيص جمعيتين نسويتين مؤخرا لأسباب واهية، لا علاقة لها على أية حال، بالخروج على الشريعة والإسلام، إلا من جهة اعتبار ذلك الهجوم على أنه كان مقدمة للإجهاز على النشاط النسوي المستقل فيما بعد.
أما فيما يتعلق بالمدارس الشرعية، فقد تم التراجع عن القرار فيما بعد، ولا يبدو من جملة ما حصل إلا أنه وسيلة ربما، لتوجيه رسائل معينة للمحيطين الإقليمي والدولي حول اشتداد نفوذ "الإسلاميين" المعتدلين منهم والمتشددين، بالتزامن مع الإعلان عن عمليات "إرهابية" هنا وهناك في سوريا. فمن هو على تبصر بآليات صنع القرار في سوريا، لا يسعه تصديق الخضوع إلى رأي مخالف مهما كان أصحاب هذا الرأي على صلات ولاء أو استرزاق من السلطة. وعلى ذلك فالعمل على توسيع رقعة الإسلام الشعبي يجب أن لا يتجاوز تحقيق الأهداف المرجوة من ورائه وبما لا يعطي للإسلام الرسمي – الذي ربما يطمح إلى سلطة تتجاوز سلطته المحصورة في أمور ضيقة ومحددة حاليا- أية مكاسب بالإضافة إلى هامش الحركة والتعبير الذي جرى توسيعه مؤخرا، وبما يقوي من مواقعه وقدرته على التأثير.
تتجلى الأهداف إياها، أولا، في التحشيد العاطفي القومي برداء إسلامي. فالمؤامرة على "الأمة العربية" تصبح هنا المؤامرة على "الإسلام"، والغرب الإمبريالي الصهيوني يحتفظ بمسمياته مع بعض المفردات ذات الطابع الديني إن دعت الحاجة، كلفظ "الصليبي". وبهذا يأخذ الخطاب الإسلامي الرسمي على عاتقه أن يصل إلى الجمهور الذي لم يصل إليه الخطاب العلماني الرسمي، وإن بنفس المحتوى وبقالب مختلف.
ثم يأتي دور إضفاء الشرعية الدينية على نظام الحكم العلماني. ونجد على ذلك أمثلة كثيرة في خطاب الإسلام الرسمي. على سبيل المثال يقول الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، أن "ما يحاك ضد الإسلام من خطط ومؤامرات توجه ضد سوريا لأنها معين الهداية والرعاية الربانية" مذكرا مرارا باهتمام الرئيس الراحل حافظ الأسد بالإسلام والدفاع عنه معتبرا أن "القدرات البشرية محدودة، ولكن قدرة إضافية تتنزل من عند الله كانت تدعم قدرته البشرية" وذلك في كلمته في أربعين الرئيس الراحل الأسد الأب، والتي أشار فيها إلى "الديمقراطية المطبوخة المصطنعة"، في مقابل «بيعة صادقة صافية من الشوائب من هذا الشعب" للرئيس الجديد بشار الأسد.
ثم يأتي دور تبني المواقف الرسمية وإعادة صوغها مدعمة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وهو الدور الذي أثار استياء واسعا بين شرائح معينة من السوريين في بعض المناسبات، وأهمها حدث احتلال العراق الذي أدى إلى توجه عشرات الشبان "للجهاد" في العراق وبدون أية محاذير أمنية، قبل أن يصبح هذا الطريق موديا إلى السجن والتعذيب بعد أن تغيرت الحسابات السياسية للسلطة. وقد زعم العديد من أولئك المعتقلين أثناء محاكماتهم بأنهم إنما لبوا نداء مفتي الجمهورية آنذاك وخطباء الجوامع في نداء نصرة العراق المحتل.
فبتاريخ 13-6-2003، خصص الشيخ البوطي خطبة الجمعة للحديث عن أن "الجهاد ماض إلى يوم القيامة". واعتبر فيها أن "الجهاد فريضة ولم تتجلَّ أسباب فريضتها في عصر من العصور كما تجلت في هذا العصر.."، " أيها الإخوة! موجبات الجهاد تدعو كل مسلم أن ينهض فيؤدي الواجب الذي أناطه الله عز وجل بعنقه، ما وَسِعَه السبيلُ إلى ذلك، ما وسعه السبيل إلى ذلك". "أرض العراق أرض إسلامية، .. وها هي ذي محتلة والعدو الذي أقبل إليها من بعيد بعيد". "ولكن الشعوب الإسلامية لا يزال فيها خير، لا يزال فيها هياج، ولا تزال تنشد نشيد الجهاد، ولا تزال تبحث عن نافذة تتسرب منها إلى حيث تجاهد في سبيل الله، على هؤلاء المسلمين أن يتجهوا من أي نافذة فتحت أمامهم، من أي سبيل فتح أمامهم ليقاتلوا في سبيل الله، على أن يسيروا على أرض صلبة، وطبق خطة رشد، وألا تكون الأمور سائرة بشكل عشوائي، فيقع المسلمون من جراء ذلك في نقيض ما يهدفون إليه". "لئن كان قادة العالم العربي والإسلامي قد مسخوا فتحولوا إلى كتل من الذل والمهانة تتحرك ما بين شعوبها؛ فإن الشعوب لا تزال تنبض بنبضات الإيمان، بنبضات التوجه إلى الأجر العظيم الذي ادخره الله عز وجل للمقاتلين".
ألقيت هذه الخطبة بعد ثلاثة أشهر من حديث مفتي الجمهورية آنذاك الشيخ أحمد كفتارو الذي دعا فيه "جميع المسلمين في العراق والدول المجاورة إلى استخدام جميع الوسائل الممكنة والشهادة لدحر العدوان الأميركي البريطاني الصهيوني على العراق" ! وهو ما اعتبر حينها فتوى "للجهاد" في العراق ضد الاحتلال. وعلى أية حال فقد قام علماء المسلمين في عدة دول عربية وإسلامية بالدعوة إلى "الجهاد" في حال تمت مهاجمة العراق من قبل القوات الأميركية، وفي مقدمتهم علماء الأزهر في مصر.
وبتاريخ 3-12-2004، مع اشتداد الحملة التي قادتها السلطة ضد من يتهمون بمحاولة الالتحاق بـ"الجهاد" في العراق، خصص الشيخ البوطي خطبة الجمعة للحديث عن التكفيريين، معتبرا أن أحد أسباب عدم انتشارهم في سوريا هو "سهر المسؤولين على تنظيف هذه البلدة من هؤلاء.." داعيا إلى "تعقب هؤلاء الذين لا يبالون بالنيران التي تلتهم بنيان هذه الأمة.."، وهو ما يضفي الشرعية الدينية على الاعتقالات العشوائية التي اتهم أصحابها بحمل الفكر السلفي الجهادي والتكفيري، والتي أثارت مشاعر لم تخل من جانب ديني، لدى تلك الشرائح التي طالتها الاعتقالات.

الحرية لسوريا من الإحتلال الأسدي
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.47959 seconds with 11 queries