عرض مشاركة واحدة
قديم 29/07/2006   #8
شب و شيخ الشباب HashtNasht
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ HashtNasht
HashtNasht is offline
 
نورنا ب:
Oct 2003
المطرح:
قدامك ...مانك شايفني !
مشاركات:
3,438

افتراضي مكادي نحاس : الفراغ دفع الناس إلى تقبل «نملة» تغني على المسرح


بيروت: ابتسام الحموي



تجمع الاردنية مكادي نحاس اطراف الفن من عدة ابواب، فهي تغني وترسم وتنحت وتقف على خشبة المسرح ممثلة، ولها تجربة يتيمة في وضع كلمات ولحن لاغنية عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها بعنوان «هكذا تركني حلمي ورحل». ومنذ طفولتها تعلقت بالفنانة الكبيرة فيروز، كما يحلو لها ان تصفها خلال حديثها لـ «الشرق الاوسط»، وانسجمت مع صوتها بعد ان صنفها من سمعها في اداء الفيروزيات ضمن الدائرة التي صنعتها مسيرة الفنانة اللبنانية، فوجدت نفسها من دون ان تدري طفلة تقلد حركات فيروز وطريقتها في الغناء والمد الذي تعتمده في مساحة صوتها.

وتقف مكادي اليوم على المسرح مؤدية لاغاني فيروز بطريقتها الخاصة، كذلك يحلو لها ان تغني التراث العراقي الذي وضعت فيه مجموعتها الوحيدة «كان يا ما كان»، مؤكدة انها لو لم تختر بيروت اليوم مقرا لاقامتها لكان العراق، لولا ظروفها الراهنة، فهو الملاذ والمرتجى. واذ تجد مكادي في بيروت «مدينة مفتوحة على الاختبار والعلاقات العامة في الجانب الثقافي الى جانب ما تراه فيها من تنوع في هذا المجال، فهي تلمس في التراث العراقي ما يعبّر عن ميلها للنمط الحزين في اداء الاغنية وتوزيع لحنها اضافة الى التقارب الكبير بين هذا اللون وصوتها الذي اتصف بالشجن». وهي اذ تبين ضرورة ان يكون الفنان مرآة لتراث بلده في عالم الاغنية، تأسف لتواضع التجربة الاردنية في هذا المجال، وتشير الى تحضيرها حاليا عدة اغنيات تراثية من وطنها الام، وعلى رأسها ما اعجبت به منذ طفولتها من اغان يتداولها الشعب في المناسبات العامة. كما تحضر اليوم لاصدار كاسيت جديد يتضمن اعمالا قيد القراءة لكل من الفنانين خالد الهبر وشربل روحانا واسامة الخطيب وعصام الحاج علي وغيرهم. وهي تؤكد ان التأخير في اصدار الجديد، انما يعود الى ارادة انتاجية واسباب تنبثق عنها.

وكانت مكادي قد تعاملت مسبقاً مع خالد الهبر في اغنية «أمي» التي سجلتها وقدمتها عبر اذاعة «صوت الشعب» اللبنانية الى جانب عمل آخر للفنان اسامة الخطيب بعنوان «مهضوم كتير» من كلمات خالد الهبر.

ورأت مكادي في توصيف الاغنية الخفيفة «ان السطحية التي تطغى عليها، تكمن في تركيب الكلمات». وقد اشارت في هذا المجال الى «اغاني فيروز التي اعتبرتها عميقة في الجوانب العاطفية وان كانت بعيدة في اكثرها عن القصائد المحبوكة، ويضاف الى ذلك اعمال نفذها كثيرون وصنفت بـ «الخفيفة» منها اعمال سيد درويش ومحمد عبد الوهاب وزكي ناصيف والرحابنة. من هنا فإن ما يضع العمل الجيد في خانة النجاح الفني هو تكامله لحنا وكلاما وتوزيعا».

وفي حين يصار اليوم الى الحديث عن اعادة توزيع اغان كثيرة قدمها الرواد، فإن اهمية هذه العملية كما تقول مكادي «ترتبط بالابتعاد عن استنساخ الاغنية وتقليد المغني، فلا بد فعليا من تحول الاداء وفقا لشخصية المؤدي الجديد، وقد يقع الكثيرون في فخ التقليد الذي يشكل مرحلة انتقالية للبعض، الا ان الاستمرار فيه يضع الفنان في بؤرة لا يقوى على الخروج منها». وتشير الى انها استمعت الى اغنيات «ام كلثوم» التي لم تعن لها شيئا في مرحلة الطفولة، ولم تفهم اهميتها كفنانة الا بعدما تقدمت بالسن قليلا. وما تغير في شخصيتها الفنية هو وعيها وليس ذوقها، وتؤكد في هذا المجال «انها تستمع عنوة الى جميع الفنانين الجدد لاعتبارها ان اعمالهم قد تعلمها درسا اوسع مما تعلمته في المعهد الفني للموسيقى، فقد تدفعها مثلا لأن تهرب منها تماشيا مع ما يقال حول تمييز الجيد من السيئ».

واعتبرت مكادي «ان الظروف العامة والخاصة هي التي صنعت عمالقة الماضي، فقد توفرت لهم في عدة دول ظروف ساعدتهم على تأسيس مرحلة فنية وتاريخ طويل في هذا المجال، وهو ما تفتقده المرحلة الفنية الراهنة، وبالاضافة الى اهمية الاصرار لا بد وان تتوفر الفرص للتعبير عن الذات الفنية المستقلة بعيداً عن النمطية المطلوبة حاليا وذلك بغض النظر عن ضرورة تأثر اي فنان ناشىء بمن ابدع قبله كي لا يخرج الى هذا العالم من فراغ معرفي مقيت».

اما في الكلام عن الفرص التي يمكن ان تتوفر حاليا للفنان فقد تساءلت مكادي عن المكان الذي يتم البحث فيه والارادة والهدف من ذلك لكل صاعد، مرتئية انه «لا بد له من ان يوجد بنفسه تلك الظروف في ظل اصحاب القرار المسيطرين على هذا المجال. بما يحصنه ثقافياً واجتماعيا بعيداً عن السعي الى المصلحة وانما لأجل الهدف». وأكدت بالتالي انها «لو ارادت الغناء في المطاعم لأصبحت الآن نجمة بالمفهوم الحديث الا انها ابتعدت عن ولوج ما يتعارض وطبيعة شخصيتها الفنية على ابعد تقدير»، ولطالما اعتبرت ان «سيرها مع التيار سيسحبها بدل ان تطوعه لهدفها. ويتمحور هذا الطموح الذي تملكه في تقديم اعمال عبر «ريسيتال» وتحقيق الرسالة الفنية».

ورفضت مكادي ما قد يؤخذ على هذه الكلمات من كونها «فضفاضة» وكبيرة، ولا بد ان تضع كل فنان يصف نفسه بـ «الملتزم» في زاوية واحدة. ففي الماضي فرضت طبيعة المجتمع والتحولات الشعبية والسياسية حينها الغناء لاجل رسالة. اما اليوم فالواضح ان دور كل فنان ملتزم، ان يبين للملأ ان هناك نقطة من البياض وسط السواد الواسع على الساحة الفنية، اضافة الى ضرورة سعيهم الى توسيع دائرة تلك النقط البيضاء».

اما عما يمكن ان يثار حول شهرة نخبوية واخرى جماهيرية قالت مكادي: «إن فناني النخبة، كما يحلو للبعض تسميتهم، لا بد وان يصلوا بأي طريقة الى الجمهور الواسع، وقد يعمد بدوره الى الابتعاد عنهم واتخاذ موقف المحايد الذي يؤدي اما الى تقبلهم او رفضهم. ولا يمكن ان ينفصل الفنان عن ظروف مجتمعة، فكما يتناول الصحافي ظواهر من حياته اليومية، نحن لا نستطيع بدورنا ان نغني عن نوع من الطعام امام حرب كبيرة نعايش احداثها على سبيل المثال».

وتشير مكادي الى ان تأثر الفنان بالتغيرات الاجتماعية لا يختلف عما وصلت اليه الاغنية العاطفية، فقد تغير مضمونها، لأن الواقع السياسي والاجتماعي العام حوّل حياة الناس الى حالة من اللامبالاة والاهمال في المشاعر، ما وجد ترجمته اضافة الى كثير من القيم الاخلاقية التي بدلتها الحياة العامة في الكلمات المغناة والشكل المبتذل الذي تظهر عبره بعض الفنانات والفنانين، وهو ما نراه في الحياة العامة، فقد تحول الحب على سبيل المثال الى اغراءات مادية ممجوجة. ومن قال ان الضرير او سمين الجسم لا يستطيع الغناء؟ وهناك من مشاهير العالم من لم تمنعه عيناه عن ايصال صوته الى الجمهور.

وتنتقد مكادي المهرجانات التي تقام في عدة اماكن قائلة انها «اضحت احتكارا لانماط يدفع معظمها الى التقيؤ». مشيرة في هذا المجال الى «ان الجمهور ليس راغبا في هذا الواقع وانما هو الضغط النفسي والمادي والسياسي الذي يفرض نفسه على حياة الناس، يدفعهم نحو الشعور بالتخلف والسعي الى تقليد الغرب كطريقة للخلاص، ما يدفعه بالتالي الى القبول حتى بـ «نملة» تغني على المسرح من باب اضاعة الوقت».

تشدد مكادي من جانب آخر انها «لا تدعي ان جميع من يغني لا يملك الاهلية» وانما ترى ان «البعض وقع ضحية شركات الانتاج وما تتبعه 24 ساعة من دون فائدة كما دفع المشاهد في فخ يغزو عقله على عدة قنوات فضائية، اللهم الا اذا كان قوياً في رفض الواقع واطفاء جهاز التلفزيون». مضيفة «قد يكون الحل الاوحد في ان تعتمد شركات الانتاج مسؤولين على دراية بالموسيقى والشعر والثقافة من غير التجار الذين يتعاملون مع سلع فنية». وفي حين تعاملت في اغنياتها مع خالد الهبر وغيره من الفنانين، فهي تشير بالتالي الى اعجابها الكبير باعمال زياد الرحباني وخصوصا ما غنته فيروز، الا انها رغم ذلك ترى نفسها حالياً بعيدة عن امكانية التعامل معه «اذا ما سنحت الفرصة»، كما تقول، «لانها ترى في هذه الشخصية «كاريزما» تطغى على جميع ما عداه من تفصيلات في اي عمل فني، فغنت له اصوات ليست على المستوى المطلوب غير ان زياد استفاد على الرغم من ذلك من ايصال اغنياته، وهذا ما لا يشجعها حالياً في بداية طريقها على التعامل مع زياد الرحباني الذي تكن كل التقدير لانجازاته. وهي تشير الى رغبتها في اعتلاء السلم درجة درجة، وتكره ان تصل الى القمة وتسقط على رأسها كما يحصل مع المشاركين في برامج الهواة». وترى بالتالي في الفيديو كليب «واقعاً لا يمكن نكرانه بما يثبته من سرعة في وصول الاغنية والفنان معاً»، الا انها تشترط تقديمه بطريقة صحيحة من حيث الشكل والمضمون، «فما نستسيغه داخل جدران منازلنا لا يمكن ان يفرض على العيان. ويجب ان تصل الاغنية الى ايجاد حالة من السكينة والصفاء النفسي لدى المشاهد والمستمع، عوضاً عن توليد الحاجة الى الرقص».

ويذكر ان مكادي وهو اسم يعني «الحرية» باللغة الافريقية، قد شاركت اخيراً في عملين مسرحيين هما «الايادي السود» في عمل للفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر و«المكفوف» عن نصوص لجبران مع وليد خير الدين. وهي تتابع اليوم دروساً في المسرح كما نالت شهادة في الغناء الشرقي من الكونسرفاتوار اللبناني، ودرست قبل ذلك الادب الانجليزي في بلدها الاردن وفي سورية، وقدمت بصوتها مساهمات فنية عدة في مسرحيات مع احمد الزين في «الملف» ومع كريم دكروب في «ازرق يا زهر» (للاطفال) وغيرها من الاعمال، الى جانب احيائها للعديد من المهرجانات على مسارح هامة في الاردن ولبنان امام عديد من الفنانين ممن يحملون الخط نفسه.

*نقلاً عن الشرق الأوسط
الصور المرفقة
نوع الملف : jpg tvradio.299511.jpg‏ (24.0 كيلو بايت, 343 قراءة)

J.S: Death is the solution to all problems. No man = No problem.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05328 seconds with 12 queries