حتى الجن
لما كانت كل عمليات مصادرة الرأي والموقف والفكر لم تعد تكفينا فقد أبرمنا عقودا مع الجن لإنتهاك ما تبقى لنا من حريات ومن خصوصيات أو بسبب الإدمان الذي وصلت إليه حالتنا مع الإنتهاكات
بالأمس صباحا كنت منطلقاً إلى العمل فلفت نظري منظراً كأنه يوم الحشر ، بناء مؤلف من حوالي مئتين شقة يتم إفراغه من السكان خلال زمن لا يتجاوز الساعة ونصف ، فاناس يتدافعون ويتدافشون على الأدراج وقد مسهم جن ، وتشجيع رجال الهيئة(هيئة برلمان الجنة) يزيدهم حماسا وهم يخرجون من المبنى ينشدون ويغنون
وصلنا على الضو وصلنا على الشمس وصلنا على الحرية
وبعد الإستفسار تبين أن سجانهم هو الجن والعفاريت ، ويبدو أن السجان من الجن والعفاريت أكثر تحضرا وإنسانية ،تصورا أن الجن اصبح أكثر أنسية من الأنس والأنسان أصبح أكثر جنّية وعفرتة من الجن والعفاريت , ويبدو أن الأرض هنا قلبت عاليها سافلها
فالعفريت السجان لم يكن يقبل أن يقفل الناس أبوابهم ويقوم بفتح الأقفال على عكس السجانين البشريين الذين يقطبون حواجبهم عندما يفتحون قفلً رغم علمهم بأن فتح القفل لزمن محدود ، وتعلو شفاههم الإبتسامة عندما يقفلون باباً أو عقلاً أو ما شابه ذلك
حتى أن العفريت كان يزداد ضيقه من امرأة لأنها كانت تقفل باب الحمام عندما تريد أن تستحم ويتدخل كل مرة ليفتح الباب عليها
والعفريت أيضاً اشتراكي أكثر من كل دعاة الإشتراكية والعدالة والمساواة في العالم فهو لم يلق أي خطاب على أي منبر ولا تحدث عن أي من هذه القيم أمام أحد ولكنه مارس كل ذلك فعلا لا قولاً فكان بسهولة بعد انتظام السكان وتعودهم على بقاء الأبواب مفتوحة يبدل النساء بين الرجال ويصل في المساواة بينهم إلى هذه الدرجة بمنتهى الحرية والمساواة فهل حان الوقت لنشر القيم العفريتية بدلا من القيم الإنسانية وهل سنشهد تشكيل الأحزاب العفريتية التي تعمل بالسياسة وشعار الدين لله والسياسة للعفاريت
ربما
تحيا عفاريت الوطن وعاش وطن العفاريت
وبالروح بالدم نفديك يا عفريت
أنا الآن لا أخشى الإله مطلقا. ربما يعود ذلك إلى أنني نفذت تعاليمه. لا أخاف الموت لأنه لا يساوي شيئاً. وكما أنني لا أساوي شيئا بدوري، فأنا لا أخشى أخطر عناصر الطبيعة، مهما فعلت، وحتى إذ جاء ذنب مذنب ليضربنا ويحولنا إلى سلاطة طماطم، فأنا أضحك
|