عرض مشاركة واحدة
قديم 18/08/2008   #3
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


نصيحة مجانية



قرّرت الولايات المتحدة إنفاق ملايين الدولارات من أجل تشجيع الديموقراطية في العالم العربي. من لبنان إلى البحرين إلى المغرب سترعى الإدارة دورات تدريب لصحافيين وناشطين سياسيين ونقابيين، وستدعم مؤسسات لتحسين النقاش السياسي المفتوح.
وتوحي واشنطن أن التقدم العربي على هذه الطريق هو تقدم نحوها، باتجاه الصداقة معها، وتدجين العداء لها.
إذا كانت تصدق ذلك فعلاً فإن من واجب أي صديق لها أن ينصحها بألا تفعل ذلك. إذ كلما خطا العرب خطوة نحو الديموقراطية كلما ازدادت خصومتهم لها، و»الأخطر« من ذلك، كلما ازدادت قدرتهم على حسم هذه الخصومة لصالحهم. فما يسمى العداء العربي لأميركا ليس هواية. ولا علاقة له بجينات تكوينية. وهو بعيد، كما قيل للرأي العام الأميركي، عن أن يكون رفضاً لقيم الحداثة والحرية والتطور. إن ما يسمى »العداء العربي لأميركا« هو، في الجوهر، تعبير عن وجود قضايا عالقة معها، وعن اعتراضها طريق العرب الى الحداثة والحرية والتقدم. وهو، فوق ذلك، تعبير عن الاستياء مما نجحت في فرضه على شعوب المنطقة، بعد كسر حركتها التحررية، من أنظمة مغالية ومتطرفة في التجاوب مع الإملاءات الأجنبية. ولقد مهّد لذلك، ولا يزال، عملية جراحية مديدة، من دون مخدر أحياناً، أعادت تشكيل البنى العربية كلها لجعلها مطواعة.
إذا كانت الولايات المتحدة تصدق فعلاً ما تقول فواجب أصدقائها الإسراع إلى إفهامها أن المزاج الشعبي أكثر خصومة لها من السلوك الرسمي لا بل أنه يأخذ على هذا السلوك انسحابه من معركة الدفاع عن الحد الأدنى المطلوب من المصالح الوطنية والقومية. وإذا كان هذا المزاج الشعبي يعبّر عن نفسه بتشنجات بشعة أحياناً فذلك لأن النجاح حصل في ضرب المشاريع العقلانية ولأن البديل عنها كان أنظمة حكم تحطم الأعصاب من فرط خنوعها.
هل يملك أحد في الولايات المتحدة إحصاءً دقيقاً عن عدد السجناء السياسيين في البلاد العربية؟ إذا استثنينا قلّة، بينها سعد الدين إبراهيم، فإن أكثرية ساحقة من هؤلاء السجناء موجودة حيث هي لأنها أكثر جذرية في العداء لإسرائيل والولايات المتحدة مما تحتمل حكوماتهم. صحيح أن حفنة من العملاء في المعتقل ولكن القمع الفعلي مسلط، بشكل غير ديموقراطي إطلاقاً، على من يدين العلاقة الدونية بواشنطن. وهذا مؤشر له دلالاته. ويمكن، أيضاً، إجراء مسح دقيق لانتخابات النقابات المهنية. فالديموقراطية هنا، عندما تمارس، تأتي بنتائج لا ترضي الدعاة السذج إلى الارتباط التبعي.
المصالح. فهي ستقود الى تعريف آخر لمصطلح »مناسب« عند الحديث عن سعر النفط. وهي ستؤمن تعبئة أكبر للانخراط في الصراع الذي يخوضه الفلسطينيون بالأصالة عن نفسهم والنيابة عن الآخرين. وهي ستنتج وعياً حاداً برفض أي نزع للسلاح من طرف واحد.
لنصدق بعض الوقت أن الولايات المتحدة تصدق ما تقول. نستنتج من ذلك أنها واهمة وأنها واقعة في خطأ تسببه لها تجربتها التاريخية في مناطق أخرى من العالم. إن الديموقراطية تقود (قادت) شعوب أوروبا الغربية الى الصداقة مع أميركا. هزيمة النازية والحماية من حلف وارسو هما السبب. نعم إن شعوب أوروبا الشرقية رفعت لواء الديموقراطية قبل سقوط الجدار. فمن الطبيعي استعارة إيديولوجيا الخصم العالمي لروسيا الاشتراكية. ولكن، هنا، سرعان ما تبين ان التطلب الوطني مختبئ وراء الشعار الديموقراطي. نعم أمكن فرض الديموقراطية على ألمانيا بعد دخول برلين وعلى اليابان بعد القنبلتين النوويتين. غير
أن ذلك حصل بسهولة لأن الدولتين المهزومتين كانتا في موقع المعتدي.
لا شيء مما تقدم يماثل ما لدينا، نحن في موقع المعتدى عليه من إسرائيل وأميركا. ونعيش تشبعاً بأفكار قومية ويسارية وإسلامية وليبرالية يختبئ وراءها تطلب وطني يتعارض مع تعريف أميركا لمصالحها لدينا. ولذلك فإن تعميم الديموقراطية هو أقصر الطرق الى امتلاك أداة فعالة من أجل خوض مواجهة ناجحة مع الولايات المتحدة.
هل تغيب هذه الحقائق عن ذهن الأميركيين؟ هل تخفي »شجرة« سعد الدين إبراهيم (وغيره) الغابة؟ هل يمكن الفرز بين ما تريده أميركا فعلاً في فلسطين (كسر الممانعة الوطنية) وما تدعيه (الإصلاح والشفافية)، بين ما تريده فعلاً في العراق (السيطرة السياسية على البلد وإمساك المشرق العربي) وما تدعيه (الخلاص من الديكتاتورية)، بين ما تريده فعلاً في إيران (الاحتراب الداخلي) وبين ما تدعيه (الرهان على التحركات الشعبية)، الخ... نعم ان الفرز ممكن والميل واضح الى عدم تصديق الادعاءات.
لسنا، في الواقع، أمام خطأ ترتكبه الولايات المتحدة بحق نفسها وحلفائها عبر تشجيع الديموقراطية. فهذا الشعار يقصد منه شيء آخر. يقصد منه التسلل لتعميم ثقافة يطلق عليها »ثقافة السلام والتسامح والاعتدال«. إن هذه الثقافة قابلة للهزيمة في أي معركة ديموقراطية فعلاً في العالم العربي. تهزمها ثقافة تجعل العدالة مطلباً، والحرية مطلباً، والسيادة المنفتحة على العالم مطلباً. وتهزمها أيضاً ثقافة »السلام العادل« والذي لا يسعه أن يكون دائماً ما لم يكن عادلاً.
إن الديموقراطية مطلب عربي لا مصلحة لأميركا فيه وهي لن تسعى الى تحقيقه أصلاً. فكل ما تريده هو بناء أوضاع قائمة على استبطان لا يُحتمل لانكسار مثالي العدالة والمساواة، وهذا الاستبطان ينفي، جوهرياً، وجود مواطنين أحرار.
08/22/2002

قم واضرب المستحيل بقبضتك اليسرى
انت تستطيع ذلك
http://themanofpapers.wordpress.com

آخر تعديل رجل من ورق يوم 18/08/2008 في 19:56.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03942 seconds with 11 queries