الموضوع: أسبوع وكاتب ...
عرض مشاركة واحدة
قديم 26/09/2006   #57
شب و شيخ الشباب TheLight
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ TheLight
TheLight is offline
 
نورنا ب:
May 2006
المطرح:
عند ساركوزي اللعين..
مشاركات:
3,091

افتراضي


الحديث الأن عن الرواية التي فاز بها غابرييل غارسيا ماركيز بجائزة نوبل للأداب عام 1982



"عندها، وحسب، اكتشف أوريليانو أن أمارانتا-أورسولا لم تكن أخته بل خالته، وأن السيد فرانسيس دريك قد هاجم ريوهاشا لسبب واحد هو أن يمكنهم من البحث عن بعضهم، في معارج تيه الدم المتشابكة، حتى بإمكانهم إنجاب الحيوان الخرافي الذي يضع حداً للسلالة كلها... كما أدرك أوريليانو أن ما كان مدوّناً في تلك الرقاع لا يقبل التكرار، فهو أزلي محتوم منذ بداية الوجود، وهو سرمدي سوف يظل إلى الأبد. فالسلالات التي حكم عليها القدر حكماً حتمياً، بزمن من العزلة يمتد مئة عام، لن تكون لها فرصة أخرى للعيش على وجه الأرض".





مئة عام من العزلة









نشر ماركيز روايته الخالدة «مئة عام من العزلة» سنة 1967 بعد عزلة دامت 18 شهرا، وأسست لنوع جديد من الفن الأدبي الذي عُرف «بالواقعية السحرية» واستمر بها ماركيز بشكل رائع في أعماله اللاحقة فضلاً عن كتّاب آخرين.



وبلاد مثل أميركا اللاتينية تمتاز بغناها في الابداع بالواقعية السحرية.. واقعية الاضطهاد السياسي والإيمان بالقوى المقدسة اللامحدودة. وفي رواية «مئة عام من العزلة» فإن الشخصية المحورية تتمثل في العقيد اورليانو اركاديو بوينديا، أما بقية الشخصيات فإنها تدور في فلكها.



يعيش العقيد بوينديا في قرية ماكوندو، وهي القاسم المشترك في معظم روايات ماركيز. وماكوندو مدينة ساحلية في كولومبيا، يرى النقاد أنها حقيقة ووهم، هي مكان ولا مكان، وهي في الوقت نفسه تمثل حالة فكرية، لأنها خارج المكان وبالتالي خارج الحدود السياسية فهي بذلك فوق المكان وفوق الزمان.



بعد سنوات طويلة، وأمام فصيل الإعدام، تذكر الكولونيل أورليانو بوينديا، عصر ذلك اليوم البعيد، الذي اصطحبه فيه أبوه، كي يتعرف على الجليد. كانت ماكوندو يومئذ قرية صغيرة من حوالي عشرين بيتا من القصب، بنيت على حافة جدول.. هكذا تبدأ الرواية.



حيث تزور ماكوندو كل سنة عائلة غجرية بأسمالها فتزرع خيمتها قرب القرية الضائعة بين الجداول المبعثرة وتعلن عن إختراعاتها الجديدة في صخب. وهناك يقوم جوزيه اركاديو بوينديا، باني ماكوندو، المبهور بعجائب الغجر بأبحاثه في مخبره المعزول بحثا عن أحلام التحولات وصولا إلى إكتشاف الذهب، بعد أن افتتن بقوة المغناطيس والحسابات الفلكية وتحديد موقع ماكوندو على الخريطة وغيرها من أسرار الكون وعجائب العالم التي هيمنت عليه.



ولما كان يُطيل العزلة، مهملا كل شيء من حوله ثارت زوجه أورسولا يوما قائلة له: أفضل لك من التفكير بهذه الحكايات الغبية أن تعتني بولديك، انظر إليهما كحمارين بعد أن تركتهما لبركة الله! ولكن بوينديا عقد صداقة متينة مع الغجري ملكيادس الذي لم يبخل عليه بآخر الاختراعات الحديثة، وبعد أن عاد ملكيادس يوما من ديار الموتى التي آب منها لأنه لم يستطع إحتمال الوحدة هناك، عاد ليعمل مع بوينديا في المخبر من أجل إقامة الدليل العلمي على وجود الله، أو الانقطاع إلى التعرف في تفسير نبوءات نوستراداموس.



وبعد تجدد موت ملكيادس ورحيله الأبدي وهو الأمر الذي لم يصدقه بوينديا ورفض دفنه قائلا: لماذا أدفنه ما دام حيا؟ وبقيت صلة ماكوندو ضعيفة بالعالم ومهمشة أو عن طريق فرانسيسكو، الرحالة الذي بلغ عمره 200 سنة وهو يطوف بالقرى، يغني ألحانا من تأليفه يقص فيها بالتفصيل الأحداث التي مرت بالقرى الواقعة في طريق رحلاته.



وتمر أحداث كثيرة ومعقدة على ماكوندو التي تتغير فيها الحياة مع مجيء الغجر، حتى إن إحدى الغجريات أغرت الابن البكر لبوينديا ورحل معها وهو الأمر الذي أحزن أورسولا الأم فتبعته وعادت من دونه بعد خمسة أشهر.



ولكن المخترعات الحديثة ظلت تصل متواترة إلى ماكوندو وجاء الغرب بالساعات المحفورة على الخشب، ووصلت قناديل البترول وجاء البيانو الميكانيكي لتعزف أعذب الألحان في ماكوندو ولينفذ بوينديا إلى أسرار السحر بعد أن انقطع عن ملاحقة صورة الله فقد قنع بعدم وجوده ما لم تظهر صورته على لوحة آلة التصوير ورفض ما عدا ذلك.



وتعرف الحكومة طريق ماكوندو وتبعث بالكوريجيدور «المحافظ» إليها ويواجه بالنفور خاصة من بوينديا، وتسوء العلاقة بينهما، ولكن بعد وصول زوجة الكوريجيدور وبناته السبع تتحسن العلاقة بينهما ويتزوج أورليانو ابن بوينديا إحدى البنات. وبعدما عاد الابن البكر جوزيه أوركاديو الذي حمل إسم أبيه، ذي الرأس المربع والشعر الأشعث، العنيد كأبيه والضعيف الخيال حتى أغوته غجرية فتبعها إلى أقصى الأرض ثم دار حول العالم مرات ومرات.



والمتميز بفحولته التي أغوت النساء أينما حل إلى أن أوقعت به قريبته روبيكا التي تربت في بيتهم مع أخته امارانتا فتزوجها. حدث كل ذلك قبل أن تهب رياح الصراع بين الأحرار والمحافظين التي وصلت إلى ماكوندو.. الأحرار الذين يؤمنون بشنق الخوارنة وبالزواج المدني والطلاق، ويريدون الاعتراف بنفس الحقوق للأبناء الشرعيين والأبناء الطبيعيين وينوون تمزيق وحدة البلاد بنظام فيدرالي ينتزع من السلطة المركزية امتيازاتها!



أما المحافظون فيأخذون السلطة من الله نفسه مباشرة، يسهرون على حفظ النظام والأخلاق العائلية، وهم المدافعون عن دين المسيح ومبدأ السلطة! وازداد الحماس من الطرفين لفكرة حتمية الحرب التي سرعان ما اندلعت وأُعلنت الاحكام العرفية. وجاءت حامية لتحتل ماكوندو وهي مدججة بالسلاح في مواجهة أبناء القرية المسلحين بسكاكين المطابخ.



وفي منتصف صيف الثلاثاء قام واحد وعشرون رجلا تقل أعمارهم عن الثلاثين بقيادة أورليانو بوينديا بحملة مجنونة فاستولوا على الحامية بغتة وأخذوا عنوة سلاحها وأعدموا في الباحة النقيب والجنود الأربعة الذين ذبحوا امرأة من قبل. ثم أنقذ اورليانو والد زوجته الكوريجيدور قبل أن يرحلوا مع تباشير الفجر ليلتحقوا بالجنرال الثوري فيكتور ميدينا بعد أن منح اورليانو جوزيه اوركاديو بوينديا نفسه رتبة عقيد.



خاض العقيد بوينديا حربا طويلة وأصبح بطلا لاثنتين وثلاثين إنتفاضة مسلحة غلب فيها، وتزوج من سبع عشرة إمرأة كان له منهن سبعة عشر ولدا ذكرا ذُبحوا جميعا واحداً بعد الآخر في ليلة واحدة. ونجا من أربعة عشر إغتيالاً وثلاثة وستين كميناً بعد أن إمتدت سلطته إلى كل حدود البلاد ثم لتنتهي حياته أمام فصيل الإعدام.



وفي إجابته عن سؤال ما إذا كانت رواية مئة عام من العزلة رواية سياسية، وعن علاقة الأدب بالسياسة أجاب ماركيز: القاريء في أميركا اللاتينية في رأيي لا يحتاج إلى من يقص عليه مآسيه وإضطهاده وغياب العدالة الإجتماعية. إنه يعرف كل هذا ويعاني منه يوميا. وإنما هو بحاجة إلى أدب جديد ففي الأدب الجديد تحريض وتوعية.



وبعدما أنهى ماركيز روايته جاء إلى زوجته مرسيديس بوجه مكفهر وعيون مثقلة بالحزن وقال: لقد قتلت العقيد بوينديا ثم صعد إلى غرفته وبكى بنحيب ثم نام، وقد يبدو السؤال التالي ساذجا: لماذا بكى ماركيز؟ والحقيقة إن الكاتب وهو يخلق عالمه بعدما ينضج في أعماقه ببطء، يبدو إنه يتحكم بذلك العالم، وبعدما تكتمل صورته الخارجية ويخرج إلى الوجود يعتقد الكاتب إن هذا العالم الذي بناه ينتمي إليه كخالق له.



ولكن الحقيقة الكبرى التي تبرز حينها هي أن الكاتب ينسل شيئا فشيئا مع نهاية إكتمال عالمه إلى داخله ويصبح جزءا منه، ومن حيث يدري أو لا يدري يُصبح الكاتب نفسه ينتمي إلى ذلك العالم، بعدما كان ذلك العالم ينتمي إليه كخالق له.. بل إن ذلك العالم الجديد يمارس فعل الجبر على الكاتب، وهو ما إنطبق على ماركيز هنا!



فاضطر إلى قتل بطل روايته «بفعل الجبر»، وهو الأمر الذي جعله يندم، ويحزن، ثم يفجر حزنه في بكاء مرّ مصحوبا بتأنيب ضمير وعذاب. ولكن الكاتب فيما بعد وعندما يشاركه آخرون في التأسف وربما البكاء على نفس الحدث يشعر بالانشراح والثقة لأنه أنهى روايته كما يجب أو قل كما فرضه عليه «فعل الجبر».




الصور المرفقة
نوع الملف : jpg 100.jpg‏ (14.6 كيلو بايت, 2 قراءة)

I am quitting...

آخر تعديل butterfly يوم 24/11/2006 في 11:38.
 
 
Page generated in 0.05094 seconds with 12 queries