عرض مشاركة واحدة
قديم 09/05/2009   #1
صبيّة و ست الصبايا sandra
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ sandra
sandra is offline
 
نورنا ب:
Dec 2007
مشاركات:
3,859

افتراضي اعرف هواية... تحميك


يقول الشاعر الألماني «نيتشه»: «إن الإنسان في وحدته أقرب ما يكون إلى الجنون»، فلو استطاع كل إنسان أن يمارس في حياته الخاصة بعض هذا الجنون العاقل الذي يغسل فيه أحزانه، ويجدد حيويته، ويغرس البهجة في روحه المتجهمة، فهو وبحق يمارس جنوناً مفيداً يعينه على تحمل همومه، ويساعده في أن يخفف من جفاف حياته بغير أن يقترف إثماً أو يرتكب معصية، ولقد كانت لمعظم المشاهير لمحات من هذا الجنون المفيد في حياتهم الخاصة والذي اصطلحنا على تسميته بالهوايات.
فكان العالم أينشتاين يعزف على آلة الكمان الموسيقية عزفاً رديئاً يستمتع به للغاية على رغم نشازه، وإن كان عزفه على البيانو أفضل منه قليلاً، وكان رئيس الوزراء البريطاني العتيد «ونستون تشرشل» يرتدي في عطلة نهاية الأسبوع لباس العمال الأزرق ويطلق عليه بالعامية اسم «العفريتة» ويبني بيديه سوراً من الطوب حول بيته الكبير في الريف الإنكليزي، ثم يزينه بالرسم عليه بالألوان المائية أما الجنرال الديكتاتور الإسباني «فرانكو» فكان يتشاغل عن همومه ومسؤولياته بالرسم من دون أن يمتلك موهبة فنية حقيقية تعينه على الرسم الإبداعي، كما كان الفيلسوف الألماني شوبنهاور يقضي كل يوم مدة نصف ساعة في العزف على آلة الفلوت الموسيقية، وبضع دقائق يومياً في التشاحن مع صاحبة المسكن الذي يقيم فيه، ولا يعتبر يومه قد اكتمل إلا إذا مرّ بهذا الروتين.

كلمة أخيرة: كل واحد منا يحتاج إلى هواية يستعين بها على وحدته، ويتشاغل بها عن مسؤولياته وأحزانه وإحباطاته، ويفرغ فيها شحنة التوتر والقلق التي تتراكم في أعماقه خلال معارك الحياة، ولا بد من وقت للفراغ نحفظه فيحفظنا، حيث نغربل فيه خير ما ندخره من تجارب ومعارف، وليس معناه أنه الوقت الذي نرمي به مع الهباء، ولكن الذي نستقطعه فنملك فيه أنفسنا، بل كم من حلول باغتتنا ونحن نمارس أوقات فراغنا! وفي ذلك يقول أديبنا العقاد: «حبذا قضاء الفراغ كله في ما هو خير، ولكننا لو خيرنا بين الفراغ بخيره وشره وبين ضياع الفراغ كله لاخترنا أهون الشرّين»، وأول ما نحتاج إليه في تكوين هواية ما أن نقتنع بفائدتها وضرورتها بعد حكم نصل إليه عن دراية ويقظة، ثم نجدد العزم على تكرار ممارستها حتى يؤدي التكرار إلى ثباتها وهو ما يحتاج إلى المثابرة، ولكن الأهم من هذا وذاك أن نختار هواية تكون في مستطاعنا معنوياً ومادياً حتى لا تتجاوز طاقتنا، ثم يؤدي عجزنا عنها إلى تركها، وخير الوسائل إلى الانتفاع بفراغنا أن تتعدد اهتماماتنا وأعمالنا ودراساتنا، فلا يكون طريقنا في الحياة منفرداً لا نعرف فيه غير وسيلة واحدة للكسب أو الترويح.
وقالوا: «العادة الحسنة تقينا من العادة السيئة، لأنها تستغرق الوقت والجهد اللذين تحتاج إليهما العادة السيئة» سلامة موسى.

نقلاً عن "الحياة"
بقلم : ثريا الشهيري

21/04/2009

// وأنّ حضورك في دمي مسكُ الختام //
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03451 seconds with 11 queries