عرض مشاركة واحدة
قديم 10/01/2008   #4
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


عنه أسباب الدراسة والعمل فانتهي هو إلي وظيفته المجهولة وبدأ الشاب حياة الكفاح والنجاح، ولم تكن طبيعة محمد بمستطيعة أن تهضم هذا الفارق بينه وبين صديق الصبا دون أن تفرز الحقد والحسد، وزاد سخيمته إهمال صديقه القديم له وزهده في معاشرته، وأجج من نيران غضبه عليه ما ترامي إلي سمعه من زيغ صديقه وعدم اكتراثه للأديان وإيمانه بالعلم وحده دون غيره.. ولكن ذلك كله لم يستطع أن يمحو من صدره ولعًا تربي في قلبه منذ الصغر بإحسان شقيقة الطبيب الناكث الناجح الكافر. ما كنه هذا الولع؟
كانت الفتاة ـ إذا حرصنا علي المجاملة ـ متوسطة الجمال وربما دلت بعض قسماتها علي دمامة، ولكنها كانت ممتلئة الجسم بضته، مفصلة الثنيات خفيفة الروح، فكان يسري من مشهدها إلي صدره ما يشبه مس الكهرباء، وكان يبقي في أعصابه من أثر رؤيتها قلق وألم فاقتنع فيما بينه وبين نفسه بأن صاحبة هذا الجسم البض حرية بأن تسكن قلبه وتطفئ نيرانه.
وكان المنتظر والحال هذه أن يتقدم إلي صديقه القديم طالبًا يدها، ولكنه توقع الرفض ورجحه نظرًا للفارق بينهما وبين أسرتيهما، وسلم بظنه تسليمًا دون مناقشة أو مراجعة أو اختبار، فانقلب أشد حقدًا علي صاحبه وعلي الدنيا جميعًا.. وطارد الفتاة حتي أوقعها في شباكه فكانا يختلسان اللقاء الحين بعد الحين، وكانا يذهبان إلي الحدائق يطلبان غرة من الناس وهنالك يلف ذراعه بذراعها ويروي غلته بلمسها وتقبيلها، ويعطيها في مقابل ذلك وعودًا خلابة. ثم يعود ظافرًا بإشباع عاطفته والانتقام من كبرياء صديقه القديم.
يا لها من نذالة!.... إنه يعبث بفتاة تصدقه الحب وتخلص له أيما إخلاص.. فلو أن نيته صدقت علي الزواج منها لربما فاز ببغيته، ولربما كان هذا الزواج خير علاج لحياته البائسة. ومن يعلم فلعله كان الآن أبًا يتعزي بما يخلف في الدنيا من أبناء يمدون خيط حياته القصير ويعيدون حياته الفانية.
ومهما يكن من أمر فما عساه صائعا ولم يبق له من العمر إلا أيام أو شهور؟ ماذا هو فاعل بشهوره الباقية؟ هل يركن إلي الراحة والدعة؟ أم هل يطبع علي عينيه فيستهتر ويتمادي في غيه؟ أم هل يستطيع أن يصلح في شهور ما أفسده في خمسة وثلاثين عامًا؟
ليس الإنسان حرا في الاختيار كما يتراءي له، وقد كان محمد ـ علي تفاهة حياته وقذارتها ـ يؤمن بالله وباليوم الآخر فبث إيمانه الخوف في نفسه وجعله يشفق من عاقبة الموت فاختار سبيل الإصلاح. نعم قد لا يستطيع أن يصنع شيئًا ذا بال، ولكنه علي كل حال لن يعدم طعم الراحة التي يثيب عليها الاجتهاد.
إن الموت قريب وهو يحس بدنوه منه ساعة بعد ساعة، ولكن رسوخ هذه الحقيقة في نفسه جمع شتاتها وقوي جنانها وملأه شجاعة واستهتارًا بالمخاوف، مخاوف الدنيا جميعًا، ومم يخاف بعد اليوم؟
بل كيف يخاف شيئًا؟ لقد كان حب الحياة مبعث مخاوفه جميعًا، فلما صار حبًا ضائعًا لا فائدة فيه انحلت عقدة مخاوفه وانطلق من إساره حرًا طليًقا لا ينوء صدره بشيء من تكاليف الحياة.
كم كان يخاف الرجال ـ أو بعض الرجال علي الأصح ـ وكأنه يكتشف الآن فقط أنهم أناس مثله، وكم داس علي الحق والكرامة في سبيل مرضاتهم! وكم ضيع من فرص في الحياة؟! لا خوف بعد اليوم.. ولا مجاملة في الحق.. ولا فر حيث يجب الكر.. ولا إحجام حيث ينبغي الإقدام.. كلا كلا.. لقد انقلبت المخاوف جميعها

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04125 seconds with 11 queries