"لم أرى أمي تضحك ابدا ً ، كانت تبتسم ببساطة وتنظر إلى أي شخص بعينين عميقتين ممتلئتين بالصبر واللطف.
تروح وتجئ في البيت كشبح لطيف تؤدي لنا حاجاتنا دون ضجة أو جهد وكأنما يداها تمتلكان قوة سحرية خيّرة وتمارسان تحكما ً خيرا ًبحاجاتنا اليومية.
وبينما كنت أجلس بصمت أرقبها كان يخطر لي انها ربما كانت "نيريد" المذكورة في قصص الجنيات، وكان خيالي يعمل حسب عقلية الطفولة: لقد رآها أبي ترقص على ضوء القمر ذات ليلة بينما كان يعبر النهر،
فهجم وأمسك بمنديلها، وهذا ما كان حين جلبها الى البيت وتزوجها، وأمي الآن تروح وتجيء في البيت طوال النهار تبحث عن منديلها لتضعه على شعرها وتتحول من جديد الى نيريد وترحل.
وتعوّدت ان أراقبها وهي تروح وتجيء وتفتح الخزن والصناديق وتكشف عن الجرار وتنحني لتنظر تحت الأسرّة.
وكنت أرتعد لفكرة أنها قد تجد صدفة منديلها السحري وتختفي.
وقد لازمني هذا الخوف سنوات عديدة وكان يجرح روحي الوليدة بعمق.
وظلّ َ معي حتى هذا اليوم. وما يزال أشد غموضا. إنني أراقب الناس أو الأفكار التي احبها بألم لأنني أعرف أنهم يبحثون عن مناديلهم لكي يرحل
نيكوس كازانتزاكسي
في كتابه (تقرير الى غريكو ) ،،