عرض مشاركة واحدة
قديم 05/09/2009   #173
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


23آب


يلا حظ روجيرز أنّ كلاًّ منّا غالباً ما يشبه في حياته ذاك الرجل الذي سقط في البئر و سُجن فيها , فنحسن بالوحدة و تفاهة الحياة أحياناً . و في و حدتنا نشعر بالقنوط و فقدان الأمل , و كأن البديل هو أن يموت كلّ منّا وحيداّ من دون أن يدري بوجوده أحد . و لكنّه يأبى ذلك فيعود يخبط بكفيه الداميتين جدران الناس الذي لجأ كلّ منهم إلى عالمه الخاص و أقفل الباب على نفسه , علّه يخترق جدار ذلك السجن فيصل عالمه بعالم آخر .

آنذاك لا بدّ و أنّ أحداّ سوف يصغي . و عندما يكون الإصغاء حقيقياً لا يكتفي مَن يصغي إليّ بأن يسمع ما أقول , بل هو يؤكّد لي أنّه يفهمني كشخص , أنّه يفهم ما أقوله و يعي بالأخصّ ما يجول في فكري و ما يخالجني من مشاعر . آنذاك أُحسّو كأنّ نسمة من الحياة جديدة سرت في عروقي لأنّ أحداً قد تعرّف إلى ما قاسيته و وقف على حقيقة وجودي و عمق مشاعري .

إنّ كلاّ منّا , كما قال أحدهم , هو أشبه بكائن مركّب تختلط في ذاته تأثيرات الأماكن التي لجأ إليها و الاختبارات الشخصية التي عاشها .

و كلّ منّا في ذلك أشبه بكمبيوتر جبّار سُجِّلت فيه ملايين الرسائل , و هذا ما حدث في عقلنا و في جهازنا العصبيّ , و بسبب من اللاوعي عندنا تزيد الأمور تعقيداً , إذ إنّ اللاوعي أشبه بمخزن كبير تراكمت فيه معطيات لا ندري وجودها فينا و هي لا تنفكّ تؤثّر في سلوكنا تأثيراً بالغاً

يخيّل إليّ أحياناً أنّ " الإصغاء و التعلّم " الذين نتكلم عنهما هما أشبه بقطع مفقودة من صورة مركّبة . عندما أصغي بصدق و اهتمام و يبوح الآخر لي بحقيقة ما من ذاته , قد لا أفهم من تلك الحقيقة إلاَّ القليل . و لكن إذا ما تابعت الإصغاء و استمرّ هو في البوح , تروح القطع تتركّز شيئاً فشيئاً أوضح و أكمل . طبعاً نحن لن نتمكن يوماً من الولوج إلى سرّ إنسان آخر لنفهمه فهماً كاملاً , و إنّنا في الحقيقة لعاجزون حتّى عن فهم أنفسنا على كامل حقيقتها . و لكن إذا ما أحسّ الإنسان في اعماق نفسه بأنّ شخصاً آخر قام بجهد خاص ليفهمه و يقبله , فلا بدّ و أن يُحدث ذلك الجهد تغييراً عميقاً في شخصيّته . إنها في الحقيقة لهدية ثمينة جداً .
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03736 seconds with 11 queries