عرض مشاركة واحدة
قديم 11/01/2008   #46
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


إننا نري خلال هذه البانوراما للأنماط الشعبية في حوارها الجمعي.. ليست مجرد الحارة الخاصة كما زعموا، ولكنهم كل حارة وكل حي وكل مكان من أرض مصر..

وتصلح الحارة أيضًا ـ عند نجيب محفوظ ـ ليترجم من خلالها رؤية الحاكم للشعب، وذلك من خلال سلوك «مراد عبد القوي» شيخ الحارة مع أهل الحارة ( فهم في نظره ليسوا غير مجرد أرقام ونسب إحصائية في ماكينة العمل والإنتاج، أما القلب، والعقل.. فلايقاس إليهما شيء ولنتابع هذا الحوار عندما راح عبدالقوي يحاور عبد الله كصديق:

ـ الحارة شيء وأهلها شيء آخر..

ـ ...........

ـ............

وبعد الصمت يعاود عبدالقوي:

ـ الحارة كل لا يتجزأ وليس من العسير أن أعرف ما ينقصها وما يضرها، أما أهلها فأفراد لا حق لهم وتتعدد مشكلاتهم بتعدد أهوائهم.

يقول عبدالله:

ـ ليس ثمة يقين؟

ـ بلي.

ـ مجرد احتمال؟

ـ نطقت بالصواب.

واذا كانت أمريكا اللاتينية ـ اليوم ـ تعد من دول العالم الثالث تصنيفا، وثقافيا بالمعني الاصطلاحي العام، فإنها شقيقة لكل دول العالم الثالث في تلك السمات.. ومنها إفريقيا، وبما يحمله تاريخ أمريكا اللاتينية يؤصل وجودًا للثقافة الإفريقية يعود إلي القرن السادس عشر.. ومثل ذلك جذورا وروافد في الأدب اللاتيني.

فهنا وهناك قد تأثر الأدب بعالم الفقراء وهو المعني المراد للعالم الثالث، والتفسير المباشر لمغزاه وهذه الثقافة عمومًا في جذورها العميقة لن تنفصل عن الروافد التي نجحت الحضارة الإفريقية في بثها.

في إطار الأنثروبولوجيا الثقافية والأنثروبولوجيا التطبيقية.. فالإنسان أثنولوجيا (9) ما هو إلا قوة وهذه القوة قد وعتها فنية الإبداع المحفوظي، فكانت دينامكية بالمعني الشمولي للإنسان بغض النظر عن الجزئيات والتفاصيل المحلية، وهكذا جاءت أبرز شخوص رواياته، فإن محجوب عبد الدايم نظير لنمط في ثقافات أخري، والسيد عبد الجواد نظير لنمط نلقاه في المرحلة الرعوية للمجتمعات التقليدية.

القوة الكامنة في الزمن

وهذا المفهوم أيضا يصدق علي الأشياء المادية، فهي قوة فاعلة مثل ظاهرات الحضارة المتمثلة في الموروث والمبتكر منها، كما أن المكان والزمان قوتان، وهذا المفهوم الضارب في أعماق الحضارات بدءًا من البدائي والقبلي، متغلغل بأنماط مهذبة بفعل التطور والتغيير، وهكذا نجد أن المكان والزمان (الحارة والحدث الأول شاملاً المناخ الحيوي والمكاني). والثاني هو التقلبات، فإن الزمن كقوة أيضا هو عنصر حيوي لعب به نجيب محفوظ لإبراز التغيير وعدم الثبات، هكذا حدث في «حضرة المحترم» وقد سبق عليه، عندما لفظ المجتمع عازف الربابة كما في «خان الخليلي» فقد جاء عصر الراديو.

إن الحدث يوازي الزمن، والزمن يعني وقوع الحدث إن لم يكن صيرورته...

ـ وبالنسبة المئوية لكلا الاحتمالين؟

ـ نقل 50%

ـ 50%

وهكذا يصل بنا نجيب محفوظ إلي الحقيقة البشعة، كما وصل بها إلي عبد الله، وكشف عن مأساة الشيخ مروان والأستاذ عنتر...

لذلك إذا سئل عبد الله:

ـ وهل أنت سعيد؟.

فابتسم عبد الله ابتسامه لا تخلو من حزن وقال:

ـ بنسبة لا تقل عن 50%

والحارة أيضًا مسرح لأفكار مطلقة (10)، من قصته الحوارية «التركة» يوظف الحارة لها.. فهي التي يمكن أن يكون فيها ولي الله ويعود الابن، بعد زمن باحثا عن تركة الولي الصالح، ليجعل أكداسًا من الكتب تمثل الإرث المعنوي أو الروحي، وأموالاً تشغله عن الموروث الديني، وبينما هو في غمرة الانشغال بالمادة، يقتحمه رجل يدعي أنه من الشرطة، ويدور الصراع، ويقبض عليه وفتاته ويثبتهما بالقيد، ثم ينهب الأموال والكتب أيضا.

ولذلك مدلول وظفت فيه عناصر بشرية تنسجم مع عناصر المكان ويكشف عن المدلول البعيد.. رجل الشرطة بهيأة اخري ليحول بيت ولي الله إلي مصنع إلكترونيات.

وبذلك فالسلطة قد استولت علي كل شيء: التراث الروحي، المادي، العلم... والكل مجرد حالات فردية لا وزن لها...

هوامش

1ـ مواليد عام 1912 في درب القرمز ـ حي الحسين.

2ـ يوسف السباعي فلسفة قلم وحياة ـ عمادالدين عيسي ـ هيئة الكتاب ـ 1987 .

3ـ مجلة المجلة ـ عدد يناير 1963 .

4ـ حارة متفرعة من شارع بين القصرين.

5ـ يقصد حي الحسين الذي عايشه نجيب محفوظ.

6ـ صدرت عام 1947 .

7ـ صدرت عام 1949 .

8ـ حارة العشاق. قصة قصيرة.

9ـ في إطار الثقافات الإنسانية الحالية معتمدة علي الأنثروبولوجيا.

10ـ نشرت ضمن مجموعة «تحت المظلة»

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.08416 seconds with 11 queries