عرض مشاركة واحدة
قديم 11/01/2008   #54
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


ماذا فعلت السينما

بأدب نجيب محفوظ؟!

شريط «ليل وخونة» نموذجًا
رجب سعيد السيد

قرب نهاية عام 1988، وعقب فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل في الآداب، كان لي شرف تمثيل أدباء الإسكندرية في الاحتفال الذي أقيم بمقر رئاسة الجمهورية بالقاهرة، تكريما لأديب مصر النابغة. وفي حفل الاستقبال، الذي أعقب الاحتفال الرسمي، وقفت مع بعض الممثلين المصريين، ممن جرت العادة بدعوتهم لحضور الاحتفالات الرسمية، وأخذت أتحدث بصراحة عارية وحماسة شديدة عن أن السينما المصرية مقصرة في حق نجيب محفوظ، بل إنها عمياء عنه، وهو ـ في رأيي ـ بمثابة المورد الغني للأفكار والرؤي والأنسجة السينمائية، الكفيلة بإنتاج أشرطة عظيمة، لم تظهر حتي الآن، فعند محفوظ مخزون ضخم من الأحداث والحكايات والشخصيات المتفردة، غير أن مواهب السينمائيين الذين مروا بتاريخ السينما المصرية المواكب لظهور الأعمال الأدبية المتتالية لنجيب محفوظ، كانت قاصرة وعاجزة عن اكتشاف هذه الكنوز.

وبالطبع، فإنني لم أجد أذنا مصغية لدي أي ممن كنت أتحدث إليهم، فالواضح أن كلامي كان شديد الوطأة عليهم، ولم أكن، في ذلك الزمن، أجيد تلوين الكلام وتجميله بأدوات تخفف من وطأة الصراحة، غير أنني ـ بعد أن عدت إلي الإسكندرية ـ كتبت عدة مقالات قصيرة عن نجيب محفوظ، كان منها مقال عنوانه: «اغترفوا من نجيب محفوظ!»، فصلت فيه رؤيتي التي أجملتها في السطور السابقة.

والحقيقة الواضحة، هي أن نجيب محفوظ كاتب غزير الإنتاج، اكتسب خبرات عديدة متنوعة، ومر بتجارب وعصور متباينة، ونجح في أن يرسم لنفسه مسارًا لم يحد عنه، ضمن له مقعدًا في صفوف «المراقبين من بعيد»، غير المنغمسين في المشاركة الفاعلة، وهو، بذلك، قد اقتصد في طاقاته، ووفرها لصالح إبداعه، وقد وصل حرصه علي أن يبقي مشاهدًا من بعيد ومراقبًا إلي حد أنه كان يلجأ لحالة من الكمون الاختياري، في أوقات التقلبات والتغيرات الحادة، حتي تتضح الأمور، فيخرج للوجود المتغير، وينتج، مثله في ذلك مثل حلزون البحر، يلجأ لمخبأه الكلسي المنيع ـ قوقعته ـ إذا عبست له الحياة، فإن عادت وأقبلت، أخرج جسمه الرخو، وراح يسعي فوق خط الرمال المبللة وعلي سبيل المثال، اختفي نجيب محفوظ عن الساحة في السنوات من 1952، عام الثورة المصرية، إلي العام 1959، وبعد عودته للكتابة، أنتج رواية «اللص والكلاب 1961» المأخوذ عنها شريط «ليل وخونة» الذي نتخذه نموذجًا في هذا المقال.

قد يري البعض في ذلك سلبية من كاتب في حجم وقامة نجيب محفوظ، فالمفترض أن الكاتب مكانه مركز القيادة في المجتمع، وهو إن اكتفي بالمشاهدة تخلي عن دوره الطبيعي، غير أن الأمر بالنسبة لمحفوظ يغتفر، إزاء الإنتاج الغزير الرائع الذي أغني به حياتنا الأدبية، والذي توج بحصوله علي أرفع جائزة أدبية في العالم. ومن جهة أخري، فإن محفوظا وفر علي نفسه جهد الصدام المباشر، مفضلاً أن يعالج قضايا وطنه ومجتمعه، ويتعرض لأخطر المسائل، من خلال الكتابة الأدبية، وهي صنعته التي يجيدها، فقد كان ـ كما تشهد بذلك أعماله ـ مواكبا لجميع الأحداث والتطورات، وقال فيها رأيه في صياغة فنية متميزة، قصصًا وروايات، بل إنه وصل إلي درجة النبوءة، كما رأينا في روايته الشهيرة «ثرثرة فوق النيل» التي كتب عنها بعض النقاد أنها تنبأت بما جري في العام 1967. كما أن الغني السينمائي لنجيب محفوظ لا يقتصر علي رواياته، فكثير من قصصه القصيرة يصلح أعمالاً سينمائية، إذا توافر لها كاتب السيناريو المكتشف، الذي يضع يديه علي أبعادها المتنوعة وما تفجره من قضايا

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04513 seconds with 11 queries