الموضوع: محمود البدوى
عرض مشاركة واحدة
قديم 19/08/2008   #18
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


واطلع الدكتور حمدي على الإعلان الأخير الذي أرسله إليه صاحب البيت وتضايق منه جدا .. وقال لى بهدوء :
ـ انه يتصور نفسه هرقلا .. ويستضعفتى .. من دون السكان وهذا ما يفجر غيظى .. ولقد استقر رأيى على التخلص منه نهائيا .. لقد طفح الكيل وليس هناك زيادة لمستزيد ..
ـ كيف ..؟
ـ سأسلط عليه الوسيط ..
وضحكنا ..

***
واتجهت إلى العيادة ذات مساء .. فرأيت صوان جنازة في نفس الشارع .. فاضطربت وحسبت أن مكروها أصاب الدكتور حمدي وأنا لاأدرى ..
ولكن لما دخلت العيادة .. وجدت خليل التمرجى .. في مجلسه .. وكان أكثر الناس هدوءا .. فاطمأنيت ..
وسألته عن الدكتور ..
فقال :
ـ تفضل .. هوا جوا ..
ولما دخلت عليه عانقنى .. وقال .. بفرحة :
ـ ربنا خلصنا من المعلم ..
ـ من ..؟
ـ صاحب البيت .. مات ليلى أمس ..
وسألته مازحا ..
ـ أسلطت عليه الوسيط ..؟
ـ يا راجل حرام .. أنا كنت أضحك ..
وكان فرحا ونشطا .. ويحس بأن كابوسا ثقيلا رفع عن كاهله ..
وفكرت هل يفرح الانسان لموت إنسان آخر .. هل يحدث هذا في الحياة منذ وجدت الخليقة .. أم يحدث فقط في هذه الأيام بسبب أزمة المساكن ! !

***
وكان وجه التمرجى يروعنى .. فمنذ مات الرجل وهو على حالة من السكون .
وفكرت هل تخلص منه بحقنة قاتلة أو بغيرها من الوسائل .. لما يلقيه عليه من الزبالة من فوق ، وفعل ذلك لأنه أكثر الناس تضررا منه ..
وهل فعل ذلك وحده وبدافع من نفسه أم بتحريض ودفع من الطبيب .. وهل يفكر الرجل المتعلم المثقف في الجريمة كما يفكر كل الناس ..
وما جدوى العلم والثقافة إذا كنا نتساوى في الانفعالات والسقطات والثورات الجامحة وتنقلب إلى وحوش .. ولا فرق بيـن إنسـان وإنسـان إذا تملكه الغضب وأفلت منه الزمام ..
ظلت هذه الأسئلة تدور في رأسي أياما .. ثم صرفتني شئون الحياة عنها إذ سافرت إلى الإسكندرية في مهمة عاجلة .. ولما عدت إلى القاهرة وذهبت إلى العيادة كعادتي في مساء الخميس وجدت الدكتور قد بكر في الحضور عن ميعاده المسائي ..
والمرضى على غير المألوف وأكثر من المعتاد ..
وكان خليل .. في مكانه من المدخل .. يدخل الزبائن حسب أرقامهم .. ويخطو في الردهة .. بخطوه الثقيل المألوف .. ومرتديا نفس المريلة ..
وبعد أن انصرف المرضى .. وجلست مع حمدي نتحدث وتأملت وجهه البريء وروحه الصافية ، استبعدته تماما من الأمر فانه لايمكن لمثل هذا الإنسان أن يفكر في الجريمة على أي وجه من الوجوه .. مهما أوذي وأصيب من ضرر .
وتعشينا سويا .. وافترقنا على لقاء في الغد لأحضر جلسة التنويم .
***
وحضرت الجلسة .. في الميعاد .. كما حضر الأستاذ رمزي صديق الدكتور الذي وقع في بيته حادث سرقة ..
ودخلنا الغرفة المسدلة الستائر .. وشعرت بالظلام ورهبة المكان ..
وبدأ الدكتور ينوم الوسيط .. وكانت النقود قد سرقت من دولاب في غرفة النوم .. فأوضح الوسيط صفات السارق بدقة .. طوله وعرضه وسنه وملامح وجهه وما كان يرتديه من ملابس وقت الحادث . فعرف الأستاذ رمزي أنه قريب له فاشل وعاطل .. وكان قد شك فيه من قبل ولكنه استبعده لصلته القريبة ..
وقال الدكتور حمدي موجها الخطاب لى :
ـ والآن جاء دورك :
وارتعشت وقلت له على الفور لأقطع عليه السبيل :
ـ ليس عندي مشكلة .. وما سرقني أحد ..
فقال الدكتور :
ـ إنها مجرد نزهة في بيتك من زمان لم نزره ..
هيا يا مديحه ..
ـ أتجعل مديحه تتلصص في بيتى .. لا ..
ـ يا راجل لا تفكر هكذا .. إنها زيارة ممتعة ..
وتركته يفعل ما يشاء
وبعد دقائق قليلة .. نامت مديحه .. وانطلقت إلى بيتي في شارع حسن الأكبر بعابدين وقال لها حمدي ..
ـ صفي له الشقة ..
فوصفتها في دقة غريبة ..
ـ طيب .. هل يوجد أحد .. الأستاذ رأفت معانا الآن ..
ـ يوجد ضيوف .. جالسين في الصالة ..
ـ صفيهم ..
ـ سيدة مسنة .. وشابة .. ومعهما رجل أفندى طويل ..
فارتعشت ..
ـ صفي السيدة المسنة ..
ـ انها بيضاء .. قصيرة .. تلبس السواد .. ملثمة بطرحة .. وعلى خدها الأيسر غمازة .
وقال حمدي :
ـ انها والدتك ..
ـ والدتى جاءت من المنصورة .. الساعة .. من غير اخطار ..
ـ أجل .. وان كنت غير مصدق .. اتصل بها بالتليفون ..
ورد علىّ عبده الخادم ..
فسألته باضطراب :
ـ هل عندك ضيوف .. ؟
ـ أجل يا أستاذ .. الست الوالدة .. وأخت حضرتك وجوزها ..
ـ متى حضروا .. ؟
ـ منذ ساعة ..
وتصورت أن الدكتور أراد المزاح واتصل بالخادم واتفق معه على هذا الرد .
فقلت له لأزيح عن نفسي كل شك .
ـ طيب خلى والدتي تكلمني ..
ولما سمعت صوتها حقا ، سقطت السماعة من يدي ، وأصابني الإغماء !
***
ولما فتحت عيني وجدتني ممددا على كنبة الكشف والدكتور حمدي بجانبي ، وقد أمر خليل بأن يعد لي حقنة مقوية ..
ولما جاء خليل بالحقنة .. كان الدكتور قد خرج من الغرفة لبعض شأنه ..
فقلت لخليل وعلى فمي ابتسامة :
ـ أوعى تكون الحقنة مثل الحقنة التي أعطيتها للمعلم مرسى ..
فرد في هدوء :
ـ ومن قال لك يا أسـتاذ رأفـت .. أنني أعطيت المعلم حقنة .. ؟
ـ سمعت ..
ـ أنا لم أعطه حقنا على الإطلاق .. ولقد وجدته وحده في بسطة الدور الثالث .. وكان المصعد معطلا والنور مقطوعا .. وقبل أن المسه كان قد لفظ أنفاسه ..
ـ هل ضرب ..؟
ـ أجل ضرب في مقتل بطريقة فذة .. طريقة ليس لها نظير .. وأعظم عالم في التشريح لا يجد لها أثرا عضويا يمسك منه خيط الجريمة ..
ـ ومن الذي فعل هذا .. ؟
ـ لا أدرى ..
ـ هل له أعداء ..
ـ سكان القاهرة جميعا .. أعداؤه ..
وسمعت خطوات الدكتور حمدي في داخل الغرفة فقطعت حبل الحديث .. وأنا في حيرة ورحت أتذكر خليل وهو يقول لى منذ أسابيع .. لن يكون هناك 19 ولا 29 نوفمبر .. والرجل انتهى .. فعلا قبل هذا الموعد .

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.09958 seconds with 11 queries