عرض مشاركة واحدة
قديم 04/06/2007   #7
شب و شيخ الشباب وائل 76
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ وائل 76
وائل 76 is offline
 
نورنا ب:
Jul 2006
المطرح:
Gaza Palestine
مشاركات:
2,210

افتراضي


( 5 ) العتمة كانت تحل علينا قبل الليل !



تسعة اخوه .. اربعه صبيان ، وخمسة بنات ، اضافة الى امي وأبي كنا نعيش في غرفة واحده في "مجمع" سكني في احد مخيمات الجنوب اللبناني . والمجمع يقع على الطرف الغربي للمخيم ولا يفصله عن خيام اللاجئين الا بضعة امتار ( اصبح اليوم داخل المخيم ) وهذا المجمع يضم عشرة غرف كان مهجعا لجنود الاحتلال الفرنسي للبنان قبل "الاستقلال" ...

- أستأجر والدي فيه غرفة ب 8 ليرات لبنانية شهريا ، مساحتها 28مترا مربعا . جدرانها من حجر الطين و سقفها من صفائح المعدن الرقيق الذي تآكل بفعل مرور الزمن عليه ، وبرغم المحالات الحثيثة لصيانته كنا نضع اوعيه متعدده على الارض لتلقي " دلف" الماء المنسكب من السماء في فصل الشتاء اللعين – لقد كانت سنين الخمسينات غزيرة بالمطر...!

وكان رجلا من قرية لبنانية صغيرة محاذية للمخيم قد اشترى ذلك المجمع مع قطعة ارض صغيرة تابعة له منذ الأربعينات وحولها الى بستان يحتوي علىاشجار الحمضيات والرمان وبعض شجيرات " الأسكدنيا " ..؟ وكان البستان يحتوي على نبع ماء تم حفره وتوسيعه ليصبح غزيرا في انتاجه للماء ... وكان يطلق عليه اسم " العين الحلوة " وقد سمي مخيمنا على اسم هذا النبع وأصبح يعرف " بمخيم عين الحلوة " .
وقد تميز هذا النبع بوجود شجرتي " جميز " والجميز للذي لا يعرف هي من الأشجار الضخمة تحمل ثمارا متميزة جدا وهي على كل حال مضرب مثل ... ( لم تسلم تلك الشجرتين من همجية قصف العدو لهما ولم يعد لهما اليوم اي اثر ... وحتى العين الحلوة ، لم تعد كذلك )

والعم ابو جورج صاحب" البستان والمجمع" كان يسكن الى جوارنا او قل نحن الذين جاورناه .. وكان يشغل غرفتين فيه و يسكن مع عائلته المؤلفة من اربعة اولاد، بنتين واثنان من الصبيان ووالدته العجوز" ام ديب " ....

وام ديب هذه ، تجازوت الثمانين من عمرها ، ورغم ذلك كانت لا تغير عادتها ابدا ... ففي صباح كل يوم ، كانت تحمل سلتها المحتوية على بعض ما تنتجه ارض ابنها من فاكهة او خضار ، وتذهب الى قلب المدينة مشيا على الأقدام ، ثم تعود بنفس الطريقة وعلى نفس الطريق بعد ان تكون باعت ما بسلتها من حاجات ....." لقد كان لها بعض الزبائن في المدينة التي تبعد2 كيلوميتر عن المخيم ...

لقد كانت الأربعة الاف متر التي تقطعها ام ديب يوميا هي سر تمتعها الدائم بصحة جيدة ..!!

وأم ديب هذه كانت امرأة حنونة جدا ... وكانت تتأثر بما تسمع ويروى لها عن نكبة فلسطين والفاسطينيين عام 1948 .. وكانت ترى باي حال نعيش نحن اللآجئون .. ثم انها كانت تعرف فلسطين ... لقد عملت في صباها هناك، وعرفت كل ايام سعادتها هناك ... لقد تعرفت على زوجها اللبناني في حيفا ابو ديب وتحبا هناك
... وتزوجت ايضا في فلسطين ...

" ان الله غاضب عليهم لأنهم عذبوا السيد المسيح " وصلبوه " ... تضيف ام ديب : لا تخافوا ولا تيأسوا لأن "المخلص" تمجد اسمه سيأتي مجددا ويقضي على هؤلاء الملاعين ...!!


… مع انه كان بارا بوالديه ...

( الا انه والرغيف كأنهما فرسي رهان ، لا يدركه حتى يقطع الجري انفاسه ) !
والدي كان يعمل مزارعا في احد بساتين الجنوب اللبناني
وكان عمل المزارع مرهقا جدا ، اذ لم تكن تتوفر آلآت الفلاحة الحديثة فكل ما هو متوفر " المعول والشوكة " لحراثة الأرض وتهيأتها للزرع وكانت اجرة العامل لا تزيد في احسن الأحوال عن ليرة ونصف او ليرتين اذا كان الرجل محظوظا ( اي ما يعادل نصف دولار يوميا ) .. ولم اكن اعرف .. كيف ان ابي ترك انطباعا عند الناس " انه كريم جدا " فبالكاد كنا نتدبر امور معيشتنا وكانت الديون تتراكم عليه بأستمرار .
ولم انسى ابدا... ابدا . كيف كانت والدتي ترغمنا على النوم في الفراش باكرا.... وقبل حلول الظلام ، احيانا كثيرة ..

لأن ابي كان لا يملك ان يشترى زيتا للقنديل ...!!

إن تراب العالم لا يغمض عيني جمجمة تبحث عن وطن!

19 / 6 / 2007
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.11682 seconds with 11 queries