الموضوع: حوارات
عرض مشاركة واحدة
قديم 10/01/2008   #233
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


*هل تعتبرين ان ملف غسان كنفاني قد أغلق بعد كل ما نشر عنه؟


ـ ملف غسان كنفاني مفتوح للحقيقة وللتاريخ ... فقد شكل كتاب (الرسائل) وما جاء بعده, أقوى ضوء سلط على غسان كنفاني, وكانت له اصداء أكثر من مهرجانات التأبين التي أقيمت له على مدى عقدين من الزمن .. لقد أعاده هذا الكتاب حيا بكامل بهائه الانساني لانني وجدت حقيقته أجمل من تمثاله, ولم يسئ أحد إلى غسان كنفاني بقدر ما أساء إليه الذين اتهموني بتشويه صورته, فأنا لم أزور الرسائل ولم أستتر عليها لأنني لم أر فيها ما ينتقص من عظمة غسان, بل ما يضيف اليها.

* هل تعتبرين أدبك متمرداً؟


ـ لا أحب التعريفات الجاهزة والمسبقة الصنع .. فأنا اعتبر حرفي (تظاهرة) احتجاج دائمة, وعلى شرفات قلبي رفعت أعلام رفض الازدواجية والرياء والجبن .. لدي نفور فطري من الصغائر والمكائد والدسائس, ولا أرتاح للعيون المؤثثة بالفخاخ والخبث الحسود, الواقع هو الزلزال الذي يحرك صوان اللغة بين الانهيارات والجنون, ويطلق شررها, أما الخيال فيخترع لها موقداً أو شمعة أو نهراً بركانياً .. لا تحضر المخيلة ولا نتقد الا عبر شرارات الواقع.


* قلت انك أديبة تجريبية .. فماذا عن الحداثة, وهل (اقتران) الحداثة في الروايات, ومنها رواياتك, أمر مفتعل واستعراض كما يقول البعض؟


ـ انا أمرأة عربية حتى قاعي .. وجوعي الى التجديد لا صلة له بمقتضيات العصر, بل بأصولي البدوية .. أنا بدوية رحالة في صحارى الكلمة, أريد أن أرى, وأن أجرب, وأذوق القمح والسراب .. عشت طويلاً في الغرب بما يكفي لتحصيني ضد الانبهارية, ولتطعيم أدواتي بما هو انساني وجوهري ــ في نظري ــ مع نبذ العقد النفسية لمرض التجديد الأعمى .. التجديد ينبع من داخلي من حيرة داخلية ممتزجة بمشاعر بالنقص أمام العصر, فأنا كعربية جزء من شهية صياغة العصر, ولست ضيفة على مائدته, لقد كان أسلافنا ومنهم المتنبي, امراء الحداثة في عصرهم, وأحب أن أستلهمهم في خطابي.

جبانة أمام الحب


* نصل إلى الحب .. ماذا عنه؟


ـ للحب مساحة كبيرة من حياة كل منا .. لعلي أحب الحب وأكره الحبيب, ثم انني عاشقة مزمنة للحرية, ولعل الكاتب يحب في النهاية انساناً واحداً ليس بوسعه ان يلتقيه ابداً .. ثمة حكايات تدفعنا, ومشاعر لا تنسى مفعمة بالحب أو الكراهية أو المرارة, أو كلها مجتمعة, فالحب ثنائية, وكل اقتراب يحمل في طياته نفوراً, كما ان كل ولادة مشروع وفاة .. أنا جبانة أمام الحب الحقيقي الكبير, ارتبك وأعود أمية, وارتكب الاخطاء الاملائية العاطفية كلها, واشبه بذلك أصحاب القلوب الهشة, الكتابة هي حبي الكبير .. وانها وحدها التي لا تخذلني, ويمكن القول انني في الحب عمياء, والكتابة عكازي, ولكن ممحاة النسيان حقيقة كبيرة كالحب نفسه.

* على الرغم من طغيان الفضائيات وبرامجها على حياة الانسان العصري, والادعاء بأنها أبعدته عن القراءة نفاجأ كل يوم بصدور صحيفة أو دورية جديدة أو مجلة (نسائية) بصورة خاصة, بماذا تعلقين على هذا الطوفان الجديد؟ ـ أطلق علي هذا السؤال بصيغة قريبة من صيغة سؤالك, وأجيب باختصار وأقول: أنا مع الحرية .. مع حرية الاصدارات, وحرية اختيار الشعارات المعلنة (أو المضمرة) .. واعتقد أن التوهج ينمو في ظل المنافسة, والعاصفة تزكي شعلة الجمرة .. كما المجلات النسائية وليست دائماً بعيدة عن العقل, والتسميات غير مهمة بقدر أهمية الأفعال, وفي النهاية ينفقىء الزبد ويبقى ما ينفع.

من حيث المبدأ, من حق الجميع اصدار ما يحلو لهم من ابداع, أو هراء, واطلاق ما يحلو لهم من أسماء .. ومن حيث المحصلة فإن اسم الوردة لا يهم, المهم هو عطرها الذي سيفوح.

النص التخريبي * يقول أحد النقاد: لا جدوى من أي نص أدبي, في الزمن العربي الراهن, شعرياً كان أم نثرياً, ما لم يكن نصاً تخريبياً في الدرجة الأولى .. بماذا تعلقين على هذا القول؟ ـ كل نص ابداعي هو نص تخريبي بمعنى ما : انه نص مكرس لتخريب الخراب, ذلك الخراب الذي لا يلحظه بعض الناس عادة, ويتوهمونه نعيماً موروثاً مكرساً, ويصفونه قانعين بأنه (ليس بالامكان أفضل مما كان) .. هذا الجحيم الداجن يرفضه الفنان .. فالمبدع ليس أداة تخريب لكنه قد يبدو هكذا من الخارج لمن لا يفهمه جيداً .. كل ما يرغب الفنان في تدميره هو تلك الهياكل والمؤسسات, هائلة الحجم, والتي فرغت تماماً من مضمونها بعدما تجاواوزها الزمن, أو أثبت العصر سقوطها, لكن (مافيا المكرسات) تجد في الفنان خصماً خطراً, لانه يحول بينها وبين استمرار تحذيرها المجتمعات الماجنة من أجل استمرار استغلاله لها .. الفنان هو الذئب النبيل الذي لا يريد التهام ليلى (كما في قصة ليلى والذئب للأطفال).

الفنان عدو التدجين .. عدو التكرار والخنوع الفنان لا يخرب حقاً .. وكل ما يفعله هو أنه يهز القصور الكرتونية كي تسقط, ويتأكد الناس هل أنها كانت طوال الوقت مزيفة وخاوية من الحنان والمحبة والعطاء, الفنان يخرب الخراب كخطوة في درب تذكير الناس بضرورة البناء باستمرار.

* كيف تتحدد العلاقة لديك بين الخاص (الكاتب) والعام (العالم)؟ ـ هناك خطأ نقدي شائع يفصل بشكل قاطع واعتباطي بين ما يسميه (الخاص والعام) و(الكاتب والموضوع) و(المرحلة الذاتية والمرحلة الواعية). أنا أعتقد أن الكاتب والعالم يمتزجان منذ البداية في داخله وتلك الشبكة من العلاقة الجدلية بين الخاص والموضوع هي متداخلة الخيوط ومتلاحمة بحيث يستحيل التمييز بينها واجراء (قسمة) على الخيوط.

* ما الحدود التي تفصل أو توحد اتجاهاتك الابداعية في التوثيق والفانتازيا واعتماد الواقعية المفتوحة؟


ـ جميع المدارس الفنية تحاول حصر الواقع في خطها, علما انه ليس هناك واقع واحد عند الانسان, فلكل انسان أكثر من حقيقة واحدة, وهو يتفاعل على المستويات كلها من سياسية وغيبية ونفسية واقتصادية داخل شبكة عنكبوتية شاسعة لا متناهية من الفعل ورد الفعل واللا فعل, وحتى الواقع (الفانتازي) ليس في جوهره (فانتازيا) مجردة بل هو جزء من الواقع المعاش, فالحلم, الكابوس, الموت, الجنون, الماورائيات, المرض, الوحدة, هذه كلها وجوه يومية معاشة من وجوه الحقيقة اللامتناهية, وهكذا فالأساليب ا الروائية هي عندي, وسيلة لاغاية, انها شبكة صيد الحقائق من بحر الأزلية, لكنها ليست الطريدة, ومن هنا فإن الموضوع عندي هو الذي يختار أسلوبه ليس هناك واقع موضوعي ساكن أبدي, ولهذا فإن الفنان بحاجة الى المزيد من الادوات بدلاً من حرمان نفسه مما تقدم منها وما تأخر .. أما الحدود؟ فلا حدود .. كل شيء مباح ما دام الابداع موجوداً بما في ذلك حقه بالخطأ.

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03547 seconds with 11 queries