عرض مشاركة واحدة
قديم 08/11/2008   #50
صبيّة و ست الصبايا Nay
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ Nay
Nay is offline
 
نورنا ب:
Sep 2007
المطرح:
هون مو بعيد كتير
مشاركات:
1,334

افتراضي


ابتسام سردست من موقع نساء سوريا

فكر.. ألا يوجد معان للشرف غير هذا المعنى في حيّهم، وهل اكتملت كل معاني الأخلاق عندهم، ولم يتبق لهم إلا فتياتهم ليكونوا عليهم نواطيرا لأغشية بكارتهم المقدسة.. أهذا ما يريده إلههم حقا!!
ترك الجمع وانسلّ عائداً، علّه يجد في وحدته ما يخفف شعوره ببشاعة جريمته.
كانت أنفاسه متسارعة ووجهه يتصبب عرقا، ورأسه تكاد تنفجر كبركان ناري ينتظر إشارة البدء.. كم تمنى الموت في تلك اللحظة.
قادته قدماه إلى غرفتها، مازالت أشياؤها تنتظرها، تأمل الغرفة.. والجدران، صور لأفراد عائلتها كانت تزينها.. وجد صورة له على يمين سريرها.. آه كم كانت تحبه.
كانت قد أتمت الخامسة عشر من عمرها منذ أيام.. مازالت طفلة.. كيف قتلها!! كان عليه قتلها.. نعم هي لم يكن لها ذنب فقد تعرضت صغيرتهم لاعتداء جنسي متوحش من قبل مجرم ينقصه أن يكون إنسانا.. لكنها دفعت الثمن..
حدث ذلك منذ أشهر عندما كانت أخته عائدة من زيارة لها لبيت أقرباء لهم، كان الجو ماطرا، والطرق خالية إلا من القطط الشاردة، فاستغل المجرم وحدتها، واغتصبها في مدخل أحد الأبنية المهجورة.


م يتصلوا بالشرطة، فلم يكن ينقصهم مزيدا من الفضائح.
وهرب المجرم بفعلته باحثا عن ضحية جديدة ليغتصبها.


منذ ذلك الحين، لم يكن يجرؤ على النظر في وجوه الناس.. خنقه شعوره بالذل والعار.. يعرف أن صغيرتهم لا ذنب لها.. لكنه الشرف.
تحمل نظرات الناس في حيهم، حتى هذا المساء عندما كان عائدا من عمله، وقد صادف وجود ابن جار لهم ذلك المراهق المتسكع دائما.. كيف حال أختك؟.. قال له.. ألا تريد صديقا لها؟! ثم ضحك تلك الضحكة المقززة.
لم يعد يتذكر شيئا بعد ذلك.. لا يتذكر إلا نظراتها البائسة المعاتبة.. كانت تريد أن تقول له شيئا، لكنه لم يسمع.. أصابه الصمم.. سحبها كالنعجة إلى تلك الساحة.. ساحة النعاج.. وانتهى كل شيئ بسرعة، حتى أنها لم تعِ ماذا يحدث.. كانت المسكينة تصرخ.. أخي.. أرحمني.. أنا لا ذنب لي.. لم يسمعها.. كانت تناديه يوسف.. أرجوك يوسف.. يو.. ثم سكتت.
ذبحها بسرعة.. ذلك أرحم لها، فهو لا يريدها أن تتعذب كثيرا.. فهو يحبها.. ضحكة كئيبة خبيثة أطلقتها روحه.. يحبها ؟! نعم يحبها.. أهذه هي عنوايين الحب لديهم.. القتل ؟ !! ما هو عنوان الكراهية.. إذا ؟!!
جلس على كرسي في غرفتها.. هذه طاولتها، كان يحلو لها كتابة خواطرها عليها.. كانت تحب الكتابة، وكانوا يسمونها الراوية الصغيرة. فنجان الشاي الذي كانت تشرب منه.. مازال دافئا كدمها.. لم يبرد بعد..
اقترب من سريرها، تخيلها غافية فوقه.. رفع الغطاء.. قربه من أنفه.. أنعشته رائحتها الذكية التي تعبق برائحة الصابون.. كيف يمكن لمن بنظافتها أن تدنسهم؟!
تلمس وسادتها الزهرية الطرية.. وجد ورقة مطوية بعناية.. ما هذا؟! تسارعت دقات قلبه.. هذا خطها.. بدأ يقرأ:
" يا رب ساعدني.. كوابيس تنتابني كل ليلة منذ ذلك المساء.. ولا أستطيع النوم أتخيل أشباحا يعتدون علي ويغتصبوني مرارا كل مساء.. وأصحو باكية خائفة يا رب.. أنا بحاجة لمن يساعدني، لكن أحدا من أهلي لا يطيق رؤيتي، حتى أمي الحبيبة الحنونة.. لماذا يقسو قلبها عليّ؟! وأخي يوسف الذي كثيرا ما لجأت إليه لحل مشاكلي.. يتهرب مني.. لا ينظر حتى إليّ.. كان ما حدث فظيعا، لقد تألمت كثيرا.. ذلك الحيوان.. أشعرني أني خلقت حيوانا منتهكا ولست إنسانة.. لكني أحتاج إلى أهلي لأتخلص من هذه الكوابيس.. أحتاج إلى أمي.. أنا أتألم كثيرا.. كم أتمنى الموت.. "
بقيت عينا يوسف جامدتين.. محدقتين في ما بين السطور.. وجه جامد بلا تعبير وكأن الزمن قد توقف.. صورة ثابتة لوجه رجل محنط.. لا حياة فيه..
مرت الدقائق بطيئة جدا.. وشعر يوسف أخيرا بالاختناق.. أراد أن يتنفس.. فتح النافذة.. نسمة عليلة داعبت وجهه المتيبس..
شعر بروحه تعود من جديد..
من عينه انهمرت دمعة حسرة.. وألم..
مسح دمعته بيده الملطخة بالدماء..
انهمرت دمعة أخرى.. تبعتها دمعات
خطوط حمراء تتعرج على خديه..
ها هو الآن يبكي أخته الحبيبة.. الطفلة البريئة..
ها هو يبكي.. ندما
ودموعه تجري.. دما

طائر واحد يكفي لكي لا تسقط السماء
فرج بيرقدار

آخر تعديل Nay يوم 08/11/2008 في 11:50.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03642 seconds with 11 queries