في صغري عندما كنتُ أذهب للمدرسة ،كنت ُ دائما ً أتأخر عن الإجتماع الصباحي لترديد
النشيد الوطني لبلدي ،و كان لتأخري أسباب متعددة منها أنني أتوقف على طول الطريق
مرات كثيرة لمشاهدة الطبيعة ، تارة تراني أتوقف لمشاهدة فلم معدود الدقائق ، تعرضه
مباشرة لي مجموعة عصافير تتسابق فيما بينها لإصطياد فراشة تتمشى على أقل من مهلها
على تيار الهواء البطيء ، و تارة تراني أسرح في خيالي بورقة الليمون المستلقية على
الأرض بعد أن ملت معانقة السماء لتقترب ببطء من جذع أمها فترمي بظلها على الجذع
ممتنة له بالسماح لها بالإقتراب ،
أتأخر في الذهاب و الإياب ، أتأخر في كل شيء حتى الآن بمجمل ما أقوم به في نظر من
حولي ،لم يكن يعنيني الوقت بقدر ما تعنيني الحالة التي أنا فيها ...
في بحثي عن الحب و عن الفتاة التي ستلقي بظلها على أيامي ،يستوقفني كثيرا ً ما أنا عليه
، ترى هل سألتقي بفتاة تكون كسرب العصافير الذي أخرني ذات يوم عن مدرستي ، أو
كورقة الليمون التي جعلتني أبحر ساعات بخيالي .
كل الفتيات اللواتي إلتقيتهن ّ حتى الآن مـُتعبات باكيات ، عاتبات عليَّ لتأخري و أنا الذي
تكفيني منهنّ َ كلمة واحدة لأ ُبحرَ في خيالي سنوات ، ألا من فتاة ألتقيها تحتل ذاكرتي و
مخيلتي كورقة الليمون أو كحبات الكستناء ........
انظري خيط الدم ِ القاني على الأرض ، هنا مرَّ ، هنا انفقأت تحت خطى الجند عيون الماء و استلقت على التربة قامات السنابل
|