عرض مشاركة واحدة
قديم 26/10/2008   #9
صبيّة و ست الصبايا sandra
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ sandra
sandra is offline
 
نورنا ب:
Dec 2007
مشاركات:
3,859

افتراضي


التطبع نصنعه و الطبع نرثه

الإنسان مثل كرة الثلج!
وُصف الإنسان الإيجابي الذي يكتسب من الطباع الجيدة من المجتمع بكرة الثلج التي تتدحرج على المجتمع لتلتقط كل ما يتعلق بها, وهنا يحكم عليه بما علق به وليس حجمه قبل بدء مسيرته, فمن غير المستحب الإنسان الذي يعيش بطبعه ويقتات منه ولا يحاول أن يضيف إليه شيء: "ربي كما خلقتني".. ويموت كما هو، ويسلم دفتر حساباته إلى السماء دون رصيد. ويترك أيضا حيزاً للشخص ذاته ليطور نفسه كقول المتنبي:
ليس الفتى من قال كان أبي
بل الفتى من قال ها أنا ذا
هناك مثال آخر على تداخل الوراثة والبيئة وهو المواهب، إن كانت الموسيقية أو الرياضية. فليس بمقدروي أن أطلب من طفل يبلغ 10 سنوات أن يعزف مقطوعة مشهورة لبيتهوفن مثلا وهو لم يتدرب أبدا على العزف بمجرد أن أمه عازفة ماهرة و تقدم أكبر الحفلات.

إن العلماء أجمعوا سيكون استنساخ الإنسان بيوم ما ممكن, ولكن ليس بشكل كامل , ذلك أن الإنسان جسم ودماغ. إنك تستطيع أن تستنسخ الجسم ولكنك لا تستطيع استنساخ الدماغ, ذلك أن الدماغ يتطور بالتعلم والتجارب وليس بالجين فقط, إذ يجب أن يمر النسخة بنفس الظروف والخبرات في طفولته وحياته حتى يشبه الأصل.

إن سبب تسليط الضوء وبشكل موسع على موضوع الموروث من الطباع بحسب رأي علماء الجينات السلوكيين, من أجل توضيح ما يمكن أن نكون أخذناه من آباءنا وأجدادنا له علاقة بسوكنا الحالي، كـ طبع الغضب الزائد أو الطبع الدمث الهادي أو الطبع المكتئب مع عدم إغفال الجانب التربوي المرافق له. أي أن صاحب الطبع العصبي هو موجود بجيناته, ولكن البيئة تحاول تهذيبه حتى يكون ملائم ليكون صاحب هذا الطبع، قدر الإمكان، اجتماعي ومحبوب.. ولا ننسى رغبة الإنسان ذاته أن يشتغل على ذاته ليكون مرضي للمجتمع إذا أراد, ولكننا، كما أوضحنا، لا يمكننا أن نحوّل هذا الإنسان لإنسان هادي صاحب أعصاب باردة جداً و العكس صحيح.

مثال صغير آخر، وهو نحت تمثال: أنا أمامي مادة وهي الصخرة التي سأنحتها لتعطيني تمثال جميل, فالمادة الأولية (الصخرة) سوف تحدد لي الشكل الذي سأقوم بنحته لتمثال جميل قابل للعرض, هذه الصخرة هي جينات الإنسان التي سوف تنحتها البيئة وخبرات الإنسان ورغبته وإرادته, فالإنسان يجب أن يعرف كيف يوظف الطبع الذي يملكه بشكل ايجابي بالنهاية هذا هو الإنسان الإيجابي والناجح.
وبالمقابل، فالخارطة الجينية لم تكتمل ولا يمرّ يوم دون اكتشاف جين جديد، فهناك طباع أخرى كـ البخل, الكرم, الامبالاة, الغيرة, الخجل, الكذب,.. هذه الطباع يكتسبها الفرد خلال سنوات طفولته الأولى فالطفل مقلد بالدرجة الأولى وأي طبع من هذه الطباع التي ذكرتها إذا بحثنا في طفولة الإنسان وفي المحيط الذي عاش فيه نجد له جواباً.

خلاصة القول، إن طبعنا الذي نرجع له دائماً ونقول أنه الغالب بداية هو جيناتنا ومورثاتنا وهو خبرات السنوات الأولى من العمر ثانياً, وأما الأمر الثالث فهو خبرات الإنسان ذاته خلال معركته مع الحياة، هذه الخبرة التي تبقى مفتوحة على مدار حياة الإنسان بالكامل.

فالتغيير يكون مستحيل بالجينات والمورثات، ومستحيل أيضاً بخبرات السنوات الأولى من العمر لأن الطفل مسيّر, ولكنه غير مستحيل بالأمر الثالث الذي هو في البداية خبرات الإنسان ذاته, وثانياً إرادته باختيار حياته بهامش من الحرية التي منحها إياه الله من المؤكد لن يتغير 180 درجة لأنه يملك أمرين ثابتين جيناته وطفولته, ولكنه إذا أراد ربنا ترك له الأمر الثالث ليوجه حياته وطباعه وما منحه إياه بالشكل السليم, الأمر ليس بالسهل ولكنه ليس بالمستحيل أن يتعب الإنسان على نفسه ويشغل عقله بالشكل الإيجابي الصحيح .
فالتغيير بالطباع بالنهاية هو بين أيدي الإنسان ذاته وخبراته وظروف حياته.
حيث يجب أن يكون الإنسان جاد جدا كي ينهي المهمة الصعبة التي قرر أن يخوضها ليصل لهدفه المنشود وهو تغيير الجانب السلبي في حياته.
هذا التغيير بالتأكيد سوف يكون مبعث فخر الإنسان بذاته، إضافة إلى الجانب الإيجابي من طبعه الذي منحه إياه رب العالمين.

// وأنّ حضورك في دمي مسكُ الختام //
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03986 seconds with 11 queries