عرض مشاركة واحدة
قديم 19/08/2008   #54
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


اختبارات ذكاء



كريستيان وسترمان واليستير كامبل. الأول موظف استخباراتي في وزارة الخارجية الأميركية. الثاني مستشار مقرّب جداً من رئيس الحكومة البريطانية. الأول اعترف بأنه خضع إلى ضغوطات لتعظيم مخاطر الترسانة العراقية من أسلحة الدمار الشامل. الثاني »اعتذر« لأنه ارتكب خطأين: سرقة »تقرير« أعده أحد الطلاب ونسبته إلى الأجهزة البريطانية، أولاً، وثانياً، سوء صياغة متعمّد.
في ما يلي ارتكابات اضطر المسؤولون الأميركيون والبريطانيون إليها من أجل الدفاع عن ادعاءاتهم. إنها، باختصار، ارتكابات تحتقر الذكاء.
أولاً قيل إن أبرز دليل على وجود أسلحة دمار شامل في العراق هو أن المفتشين الدوليين لم يجدوها. بما يعني أنهم في حال وجدوها فإنهم يكونون يدللون على عدم وجودها. وخلاصة الأمر أن هذه الأسلحة موجودة لأن هناك، في واشنطن ولندن، من قرّر ذلك.
ثانياً إن الصعوبة التي صادفها المفتشون في العثور على أسلحة دمار شامل، وهي صعوبة بالغة طالما أنهم لم يجدوها، تحسم في أن الأمر خطير جداً. كيف؟ لو لم تكن الترسانة فتاكة إلى أبعد حد لكان النظام تهاون بعض الشيء في إخفائها بما يمكّن مفتشين وخبراء من أن يعثروا عليها. إن فقدانها، والحالة هذه، ليس معناه وجودها فحسب، بل، أيضاً، خطرها. وهو، أي الخطر، داهم طالما أنه قادر على إبادة البشرية بسرعة. إن 45 دقيقة تكفي، كان يقول طوني بلير.
ثالثاً إذا ثبت أن الأسلحة مختفية فهذا يعني أن صدام حسين دمرها قبل لحظات من اندلاع الحرب. لو كان دمرها قبل الحرب بفترة معقولة كانت مصلحته إرشاد المفتشين إلى أمكنة ذلك وتجنّب المواجهة. كلا، يفترض، حسب دونالد رامسفيلد، أن الرئيس العراقي شرع في عملية التدمير والصواريخ تنهال عليه. يعني ذلك أن صدام حسين، كحقوقي مميّز، أراد، بفعلته هذه، حرمان الولايات المتحدة وبريطانيا، لاحقاً، من حجة الحرب. و»لاحقاً«، هنا، تشمله مع نظامه. ربما كان التفسير الآخر أن صدام حسين الذي أدرك أن جيوش الاحتلال ستعثر على ما خبّأه أراد أن يتجنّب دخول التاريخ بصفته شخصاً كذب ذات مرة على هانس بليكس. إن في الأمر حرصاً على السمعة لافتاً للنظر.رابعاً من اختراعات دونالد رامسفيلد الأخيرة أن أميركا وبريطانيا لم تكونا وحيدتين في الجزم بامتلاك العراق أسلحة دمار شامل. هذه نقطة لصالحه لولا أنه يستخدمها لتبرئة بلاده. غير أن رامسفيلد لا يكون رامسفيلد إذا لم يذهب أبعد. فهو يكاد يقول إنه أحسن الكذب إلى حد جعل منه حقيقة معمّمة الأمر الذي يعفيه من المساءلة خاصة إذا جاءت من دول شاركت في استبطان الادعاءات وترويجها. إن الكذبة الكاملة تعفي صاحبها لأن اكتمالها يلغي إمكانية مقارنتها بصدق ما.
يكمل رامسفيلد، وهو بالمناسبة شاعر رديء، شاتماً الدول التي كانت تصدق الكذبة لأنها رفضت الذهاب إلى الحرب حتى وهي مصدقة أن بغداد خطيرة جداً. أي أنه يحوّل الكذب إلى حجة له لا عليه ويعطيه، بعد انكشافه، مفعولاً رجعياً، أي أنه يحوّله سبباً إلى محاكمة المشاركين فيه لامتناعهم عن التصرف تأسيساً على ذلك. وهكذا، وإذا أخذنا فرنسا مثلاً، نصبح أمام الوضع التالي: بما أن فرنسا كانت طرفاً في الكذبة فلقد كان عليها أن تكون طرفاً في الحرب، ولو أنها كانت طرفاً في الحرب لأمكن لها التأكد، ميدانياً، من صدق الكذبة. وبما أنها مشت نصف الطريق فقط فلقد أثبتت أنها »أوروبا القديمة« التي تلهث عاجزة عن اللحاق ببولندا، مثلاً، التي أرسلت جنودها ليكونوا شهوداً على أن حكومتهم خدعتهم.
خامساً صحيح أن هذه »الخزعبلات« صعبة. ولكن ما يسهلها هو أن الشعب الأميركي يصدق حتى لو لم يكذب عليه أحد. ليس هناك من يستطيع إقناع ربع الأميركيين بأن صدام حسين لم يستخدم أسلحة دمار شامل في الحرب الأخيرة. وهكذا فإذا فشلت عملية اكتشافها فلأنها فتكت بجيوش التحالف بما يؤكد صحة التوقعات السابقة ويبرّر القتال. ويتعزز هذا التبرير من أن نصف الأميركيين تقريباً لا يملك أدنى شك بمسؤولية صدام حسين عن تفجيرات 11 أيلول. لقد استمع المواطنون إلى رئيسهم يقول في خطاب »حال الاتحاد«: »تصوروا لو أن الإرهابيين التسعة عشر سلّحهم صدام حسين« بأسلحة الدمار... وحصلت هنا عملية »الترانسفير« إذ اقتنع الأميركيون من فرط الإمعان في التصور أن النظام العراقي اعتدى عليهم، وأنه يملك قدرة تدميرية، وأنه على صلة بالقاعدة. وتشكل هذه »الأقانيم« جوهر الاستراتيجية الوطنية القائمة على »الضربة الاستباقية« فكيف إذا كانت الضربة انتقامية واستباقية.
لا يعود غريباً، والحال هذه، أن يتساءل أميركي »لقد فهمنا سبب الحرب في العراق ونؤيدها ولكن ماذا يفعل أبناؤنا في... أفغانستان؟«.
سادساً أن الوقت الذي أمضاه عشرات آلاف الجنود الأميركيين والبريطانيين في العراق يفوق الوقت الذي أمضاه عشرات المفتشين الدوليين. وفوق ذلك تتمتع قوات الاحتلال بحق التجول والاستطلاع والاستجواب. وثمة مئات المسؤولين والخبراء والعلماء قيد الاعتقال. أما الوشاة فحدّث ولا حرج. ومع ذلك فإن الاحتلال يداري تهمة الكذب بدعوة الصبر. ولكن المشكلة هي أن هانس بليكس كان يواجه كل مرة يطلب فيها الصبر بتهمة الكذب، أو بما هو أقل منها.
سابعاً ثمة مباراة في الولايات المتحدة بين من يجد أفضل مخرج من الورطة. كان الفائز، حتى ما قبل أيام، صاحب نظرية »الضرورات البيروقراطية« بول وولفويتز الذي نسب »الفشل« إلى كون »الاستخبارات فناً أكثر منها علماً«. يبدو أن رئيس هيئة الأركان المشتركة ريتشارد مايرز تفوّق، مؤقتاً، عليه. ففي رأيه »أن معلومات الاستخبارات لا تعني أن الشيء حقيقي«! يعني ذلك أن المعلومات كانت متوافرة من دون أن يشترط ذلك أن الأسلحة تشاركها هذه الصفة.

26/6/2003

قم واضرب المستحيل بقبضتك اليسرى
انت تستطيع ذلك
http://themanofpapers.wordpress.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.06112 seconds with 11 queries