عرض مشاركة واحدة
قديم 18/08/2008   #2
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


النصف الأول من الشهر الجاري



المراصد المعنية بمتابعة »الأنشطة الإرهابية« في العالم يُفترض ان تكون مُنهَكة. لقد كان النصف الأول من الشهر الحالي حافلا. وتشكل حصيلته مادة محيّرة بعض الشيء: هل الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ناجحة، أم ان الخصم غيّر طبيعته وأثبت قدرة على التأقلم وربما يكون انتقل إلى هجوم مضاد؟
يصعب تقديم جردة حصرية بما جرى في الأسبوعين الأخيرين. لذا يمكن الاكتفاء بعيّنة ذات مغزى.
لقد جرت اعتقالات في لبنان وايطاليا والمانيا وماليزيا والفليبين والكويت والولايات المتحدة... والواضح فيها ان جنسيات المعتقلين أكثر تنوعا من »بلدان الاعتقال«، وان التهمة كانت، باستمرار، صلة ما، غامضة، مع تنظيم »القاعدة«.
وشهدت ألمانيا وهولندا وفرنسا والولايات المتحدة محاكمات حملت بعضها مفاجآت ليست أقل من ان هجمات 11 أيلول كان مخطَّطا لها ان تشمل البيت الأبيض.
وحصلت تفجيرات في السعودية وفنلندا. كما تعرّض جنود أميركيون للهجوم في الفليبين والكويت (مرتين). وأصيبت ناقلة نفط فرنسية في ميناء عدن، ووقعت كارثة التفجير في أندونيسيا، وهي مروعة بالمقاييس كلها، وتأتي بعد أنباء جرت محاولات لنفيها عن إحباط »شيء ما« ضد السفارة الأميركية.
وفي هذه الأثناء كان قياديو »القاعدة« يُكثرون من البث الاعلامي عبر البيانات والكاسيتات فيهددون، ويدعون الى العمل، ويتبنون ما حصل. وكثرت التسريبات عن ان الاتصالات بينهم لم تنقطع وان حرارة تدب في البريد الالكتروني تنذر بعواصف قادمة.
وحتى لا يعتقد أحد ان هؤلاء القادة يتحدثون في فراغ فإن الوضع في أفغانستان (وأيضا في كشمير) لم يكن هادئا. ففي الولاية المتنازَع عليها يكاد الخبر »العسكري« يكون يوميا. وفي الارض الأهلية للمعركة كانت الاشتباكات بين الفصائل توقع عشرات القتلى، وكان جنود التحالف الدولي يتعرضون لإطلاق نار، وكانت القواعد تصاب بالصواريخ، وكان الأميركيون يوالون الاعلانات عن اكتشاف مخابئ أسلحة وصواريخ.
وفي وقت يزيد الأميركيون انتشارهم العسكري في العالم فإنهم يقلّصون وجودهم المدني، ويحذّرون رعاياهم في العالم، ويرحّلون عائلات دبلوماسييهم، ويفرضون قيودا على القادمين الى عندهم، ويجازفون بتلقي معاملة بالمثل، ويحتارون: هل يُعقل ان نكون هدفا في الكويت؟
وفي هذه الأثناء، تعجز الأجهزة عن اكتشاف ولو خيط يوضح سر »الجمرة الخبيثة«، ويوالي »قناص واشنطن« ترويع العاصمة الفدرالية فيُردي مواطنا بكل طلقة ولا يترك اثرا عنه إلا هذا الاعلان المرَضي: »حضرة الشرطي، أنا الله«! والمثير في هاتين الظاهرتين انهما تؤشران الى منحى خطير يمكن ان يسلكه لا العُصابيون فقط بل كل من يبحث عن وسيلة جديدة تزيد الحرب غير المتوازية انعداما في التوازي.
إن العملية في بالي، بعد الانتخابات الأخيرة في باكستان، تشي باحتمال دخول كتل بشرية هائلة حلبة التجذر الراديكالي. ولكن هذا الدخول لن يلغي ظواهر مستجدة يجدر التوقف عندها:
1 يشهد »الإرهاب العالمي« عملية خصخصة متنامية. فبعد انتقاله من دول الى منظمات ها هو ينتقل من كارتيلات كبرى الى فروع لا حصر لها فيتفتت ويزداد هلامية ويهدد، كما في البلد الذي يقدس حرية الأسواق، أميركا، بالتحول الى »مبادرات فردية« لا تحصى.
2 تزداد إمكانية الاندماج بين قضايا محلية ووطنية وبين توجيه العداء الى من يضع نفسه في المواجهة ولو قاده الأمر
الى عزلة يعتبرها استئثارا بالموقع القيادي. إن استهداف الاوستراليين في بالي ذو صلة بما يجري في أندونيسيا من تفكك، وصراعات إتنية، واشتباكات طائفية. وليس صدفة، والحالة هذه، ان يكون الاوستراليون الأكثر حماسا في ما يخص المشاركة في حرب العراق بعد ان كانوا الأكثر حماسا في حماية استقلال تيمور.
3 إذا كان جورج بوش يعتبر الدول المتعثرة مصدر خطر فإن سياسته تدفع بدول تعاني مشاكل الى ان تصبح »متعثرة«. ويكفي للسلطة الأندونيسية ان تراقب باكستان حتى لا تعمل بالنصائح التي توجهها واشنطن اليها.
لا شك في ان هذا المشهد العالمي يعزز حجة القائلين بعدم الإقدام على حرب ضد العراق. فهذه الحرب ستزيد الاحقاد، وتنمّي الفوضى، وتهدد التركيز المطلوب على مكافحة الإرهاب. غير ان الإدارة الأميركية سترفض التعاطي الايجابي مع هذه الخطة.
لنفترض أن مؤرخا وأكاديميا مثل برنارد لويس هو الناصح الرئيسي لجورج بوش و»حزب الحرب« الأميركي. ماذا كان قال؟ سألته »لوموند« عما إذا كان اقترع لصالح الحرب لو كان عضوا في الكونغرس (حائز نوبل للسلام جيمي كارتر أجاب على السؤال بأنه كان صوّت ضد الحرب). أجاب لويس انه كان اقترع للحرب وبرر ذلك بخوفه من ان تفقد الأمم المتحدة دورها (!). سئل عما إذا كان يعتبر »الامتناع عن الحرب ضد صدام حسين خدمة لقضية أسامة بن لادن وأنصاره« فأجاب: »نعم، بالتأكيد. ان عدم فعل شيء يخدم القضايا المعادية للغرب«.
عندما سيفعلون شيئا، ويحصل بعده ما يحصل، لن يحاسب أحد لويس. فالفوضى الموعود بها العالم قد تجعل من النصف الأول من الشهر الجاري واحة سلام.

10/15/2002

قم واضرب المستحيل بقبضتك اليسرى
انت تستطيع ذلك
http://themanofpapers.wordpress.com

آخر تعديل رجل من ورق يوم 18/08/2008 في 19:55.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03155 seconds with 11 queries