الموضوع: بورخيس
عرض مشاركة واحدة
قديم 30/12/2007   #3
شب و شيخ الشباب verocchio
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ verocchio
verocchio is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
مشاركات:
2,795

إرسال خطاب MSN إلى verocchio
افتراضي


جغرافية خاصة
يذكر ايضا مانغويل انطباعه بعد زياراته الاولى لبورخيس، ان شقته كانت وكأنها قادمة من <خارج الزمن، او بالاحرى، من زمن مصنوع من تجارب بورخيس الأدبية، من زمن تكوّن على ايقاع الحقبتين الفيكتورية والادواردية الانكليزيتين، كما تكوّن من الحقبات الاولى للقرون الوسطى لاوروبا الشمالية، ومن بوينس ايرس العشرينيات والثلاثينيات، ومن العزيزة على قلبه جينيفا، ومن حقبة التعبيرية الالمانية، ومن سنوات حكم بيرون الكريهة، ومن صيفيات مدريد وماجوركا...>.
ويقول مضيفا (مانغويل)، ان هذه كانت تاريخه وجغرافيته، ونادراً ما كان الحاضر يقيم في حياته. وعندما كان يتكلم عن اماكن غريبة لا يعرفها ولم يرها يوما، ويتكلم عنها بشغف وإجلال، فتلك كانت اماكن قادمة من صفحات قراءاته!
ويعترف مانغويل من جهة اخرى انه لم يدوّن اي شيء مما سمعه من بورخيس، وكان هذا خطأه الفادح، الا انه لم يفعل <لأني كنت اشعر في تلك اللقاءات المسائية باكتفاء كبير>. وما فأجا مانغويل في بيت بورخيس هو ان البيت خال تقريباً من الكتب، وخصوصا من كتبه هو! وكأن هذا القارئ العظيم حفظ كتب العالم في رأسه. ويقول مانغويل ان بورخيس يتكلم عن عماه على اساس انه موضوع أدبي اولا وآخراً. فيقول انه من حيث الشهرة، وكبرهان على <سخرية الله>، اعطاه القدر <الكتب والليل> معاً. ومن حيث التاريخ، علينا ان نتذكر شعراء مكفوفين كباراً امثال هوميروس وميلتون. ومن حيث التطيّر، يمكننا الربط بينه وهو الرئيس الثالث للمكتبة الوطنية، وبين رئيسيها ممن سبقاه وكانا ايضا مكفوفين، هما خوسيه مارمول وبول غروساك. في اي حال، وعلى حد تعبير مانغويل، فقدان بصره دفع بورخيس الى الانعزال طويلاً في حجرة حيث الف اعماله الاخيرة. والتأليف كان يتم عن طريق حفظ صفحات بأكملها، سطراً سطراً، الى ان يجد احداً يملي عليه ما في رأسه.
وعودة الى انطباع مانغويل حول شقته: <في شقته، كما في مكتبه، كان يبحث بورخيس عن راحة الروتين. كنت اصل الى بيته، فأقف وراء ستار حيث كانت تتراءى لي كل الغرف مع اثاثها. الى اليمين، ثمة طاولة قاتمة اللون وحولها اربعة كراسي وهذا كان بمثابة غرفة الطعام. الى اليسار، تحت نافذة، ثمة كنبة مريحة تحيط بها ثلاثة مقاعد (فوتوي). كان يجلس بورخيس على الكنبة وكنت أنا اجلس على احد المقاعد، قبالته. كانت عيناه الكفيفتان (تحملان دائما نظرة كئيبة، حتى عندما كان يضحك) تحدّق في نقطة ما في الفراغ بينما يتكلم، في حين كانت عيناي تجولان في الغرفة، متعرفا اكثر فأكثر، ومرة اخرى، على الاشياء التي باتت أليفة لي، واعني بها اشياء حياته اليومية: طاولة صغيرة عليها كوب فضي وكوب مائية كانا لجده، ومكتب صغير يعود تاريخه الى المناولة الاولى لأمه، مكتبتان بيضاوان معلقتان الى الحائط وتحملان الموسوعات الخ>. كان يقول ابن اخته عنه، انه قبل ان ينام كان يتلو عاليا، وبالانكليزية، صلاة <الأبانا الذي في السماوا
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03435 seconds with 11 queries