[مجنون يحكي وعاقل يسمع]

وقف السيد الدكتور في منتصف الصالة الواسعة وبدأت قذائفه تنهال على الفن المعماري الخالي من التناسق والجمال والفن ، ويستخدم جميع أنواع الأسلحة بما فيها الدمار الشامل ، متناسياً أنه في المكتب الإستشاري و لا يتفقّه أمام تلامذته على مقاعد الدراسة ، حيث أن المطلوب منهم أن يهزوا رؤوسهم لأي مقطع موسيقي يعزفه على أسماعهم ،كمرحلة أولى للتقييم الدراسي ، وحين لمح الإبتسامة الخبيثة على شفتي ، انتبه إلى نفسه وقال مغيراً إيقاع اللحن وطبقته محاولاً التودد .
-أليس كذلك ؟ أم لديك كلام مختلف
سيطر السكون بانتظار الجواب ، ولما كان شريكه مواجهاً لي بدأ يغمز ويعض على شفتيه خوفاً من تصعيد الموقف وإثارة غضب شريكه ورب عملي ، وهنا تنطبق كلمة رب العمل بالفعل أو ربما هذا المكان الوحيد الذي يكون رب العمل فيه ربّا بكل معنى الربوبية
طال صمتي وطال انتظارهم
ولما تبسمت ظن الجميع أن المعركة ستبدأ الآن وأن كل ماحدث ما هو قصف تمهيدي لبدء المعركة ، إلى أن قلت
-- طبعاً يادكتور إنك لم تبتعد في كل ما قلته عن الحقيقة قيد أنملة
فشد ظهره ورفع رأسه حتى ظننت أنه كان ينتظر ختمي وتوقيعي قبل أن أضيف
- الناس أذواق يادكتور ، فما يمتّعك ربما كان ما يسبب الإزعاج لغيرك
- ولكن هناك معايير عامة للجمال في كل أنحاء العالم
- لا يا سيدي هناك معايير عامة لكل ثقافة من الثقافات ولكن عقلك تلوث بثقافة الغرب الذي تعلمت عنده , ولذلك فإن قيامة العرب قائمة على سباق ملكة جمال المزايين ربما نحن قادمون على داحس وغبراء جديدة وأنت لاتتحرك شعرة من شعورك ياسيدي ، لقد لوثك الغرب بأفكاره وجمالياته فصرت تستمتع بالوجه المليح والقد الرشيق واللحظ الفاتك فكيف سيشعر مثلك بجمال الجمل سفينة الصحراء ، وتناسقه الغريب البديع العجيب ، فعن أي فن وعن أي جمال تبحث ياسيدي في ىبلد أجمل ما يراه هو الجمل , وأسوء مايراه هو آية الخالق في خلقه للجمال ، وجه المرأة , عورة الخلق أمام جمالكم ونوقكم وبعيركم