أصوات القصف أيقظتني مذعورة....
الغبار خنق أنفاسي...
ركضت وزوجي أبحث عن طفلنا.. وسقف المنزل ينهار فتاتا مع أحلامنا..
كنا نتبع صدى البكاء... أذكر أني حملت يوسف
ونظرت الى زوجي..
كان يحاول أن يجمع شيئا من تفاصيل حياتنا وآلامنا .. شيئا من أفراحنا.. من ذكرياتنا
شيئا من هذا المنزل الذي يذوب بنار عدوِّ غاشم..
أذكر أني ناديته...
-أحمد... أسرع..
كنا نركض بحثا عن الباب .. بحثا عن الحياة..كنا نتسابق والحجارة المتساقطة ..
وكنا نسبقها بخطوة واحدة فقط..
تعثر أحمد... وسبقته الحجارة ... وأدمته...
أما أنا فقد أدمتني الحرقة...
وأُطلقت الدمعة من عيني كرصاصة ...
لم يكن هناك وقت للحزن..
وللحظة طويلة فكرت... هل أعود.. خطوة..وأودعه...
كانت لحظة الوداع قد تكلفني حياتي...
لكن ليست حياتي من كانت مهمة... بل حياة يوسف..
قال لي كلمة أخيرة..
-أمل لا تتوقفي....
كان القرار صعبا وموجعا في نفس اللحظة..
لكني اخترت المضي... فلم تكن دمعتي أو الوداع حلاً..
أردت ليوسف أن يعيش .. أردت له أن يكبر...أردت له أن يكون مناضلا..
يعيد ذكرى أبيه..
يعيد شيئا من كرامة الوطن..
أردت له أن يستخدم حجارة بيتي الذي هدم في وجه العدو..
لقد اعتدنا الألم... لم يكن الحزن مهما.. بل كان المهم أن نخلق الأمل
وها أنا.. الآن...
أجلس فوق قطع القرميد المحطمة مثل حياتي...
مكللة بالسواد والبكاء...
لا أملك شيئا الا الانتظار والأمل...
لا أملك الا النضال ..