عرض مشاركة واحدة
قديم 10/06/2006   #119
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


فصل في فضل التوبة والاستغفار والدعاء

وأعلم يا اخي- أيدك الله وإيانا بروح منه- بأن الله- عز وجل- لم يذكر ذنوب أنبيائه وخطاياهم في القرآن، شنعة عليهم، ولا تقبيحاً لآثارهم، ولا لسوء الثناء عليهم، ولكن ليكون للباقين قدوة بهم في التوبة والندامة، والرجوع عن الذنوب، والاستغفار لله- عز وجل- والإنابة إليه، كما أمر الله بقوله:" توبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون" وقال الله تعالى:" إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين" يعني الذين لم يدنبوا، وقال لنبيه محمد- صلى الله عليه وسلم-:" قل يا عبادي الذين أسرفوا" الآية، وآيات كثيرة في القرآن في هذا المعنى.
ويروى عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: لولا أن بني آدم إذا أدنبوا تابوا واستغفروا، فيغفر الله لهم، لخلق الله خلقاً يذنبون فيتوبون ويستغفرون، فيغفر لهم. وإنما ذكرنا هذه الحكايات لكيما تتفكر فيها وتعتبر، وما ذكر الله من أخبار رسوله وقصص أوليائه، فلا تيأس من روح الله ولا تقنط من رحمته، إذا سمعت قول الذين لا يعلمون، وذلك أن قوماً من أهل الحشوية؛ والجدل يتعصبون في الورع من غير حقيقة، ولا معرفة بأحكام الدين، فيكفرون المؤمنين بالذنوب، ويفسقونهم ويحكمون لهم بالخلود في النار بغير علم ولا بيان، بل بقياسات لفقوها لهم وسولوها بعقولهم الناقصة، وحكموا بها بزعمهم، فلا جرم أنهم انقطعوا عن الله ويئسوا من روحه وقنطوا من رحمته.
وأعلم يا أخي- ايدك الله وإيانا بروح منه- بأن لكل طائفة من المؤمنين وجماعة من المتدينين صناعة ينفردون بها عن غيرهم، أوحرفة يمتازون بها عمن سواهم، وأن من صنعة أولياء الله وعباده الصالحين الدعاء إلى الله بالتزهيد في الدنيا، والترغيب في الآخرة، على بصيرة ومعرفة ويقين وحقيقة كما ذكر الله تعالى وأخبر عنهم واحداً واحداً.
من ذلك حكاية عن رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه قوله:" أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم" إلى قوله:" فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب" ومن ذلك قوله:" يا ليت قومي يعلمون" الآية، وقوله حكاية عن نفر من الجن قولهم: " يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم" إلى آخر الآية. ومن ذلك قوله:" إنهم فتية آمنوا بربهم" الآية. ومن ذلك قوله حكاية عن أحد الأخوين في الدنيا:" أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلاً" إلى قوله:" فلن تستطيع له طلباً"، وقوله عن أخ مؤمن في الآخرة قوله لأهل الجنة:" إنه كان لي قرين يقول أإنك لمن المصدقين" إلى آخر الآية. ومن ذلك قوله حكاية عن لقمان:" يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أوفي السموات أوفي الأرض يأت بها الله" الآية.
ومن ذلك قوله حكاية عن السحرة لفرعون:" إنما تقضي هذه الحياة الدنيا" إلى آخر الآيات ومن ذلك قوله حكاية عن العلماء المستبصرين في أمر الآخرة إذ قالوا لقومهم المريدين الحياة الدنيا، إذ قالوا:" يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون، إنه لذوحظ عظيم. وقال الذين أوتوا العلم: ويلكم ثواب الله خير لمن آمن" إلى آخر الآية. ومن ذلك قول أصحاب طالوت؛ وقال الذين لا يعلمون:" لا طاقة لنا اليوم بجالوت؛ وجنوده. وقال الذين يظنون أنهم ملاقوالله: كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، والله مع الصابرين" ومن ذلك قول أتباع المسيح: إذ قال المسيح:" من أنصاري إلى الله، قال الحواريون: نحن أنصار الله" وقول أتباعه أيضاً لما سمعوا القرآن:" وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق" الآية، ومن ذلك قول المؤمنين العارفين المستبصرين:" ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة، أنك أنت الوهاب" وآيات كثيرة في القرآن في صفات المؤمنين، وعلامات أولياء الله، وكلام عباد الله الصالحين.
فهذه الكلمات والأقاويل وأمثالها من كلام أولياء الله وعباده الصالحين المستبصرين تدل على أنهم يعرفون حقيقة المعاد وحقيقة أمر الآخرة، وهؤلاء العلماء بأسرار النبوات والمتخرجون بالرياضات الفلسفية، وهم ورثة الأنبياء، وصناعتهم الدعاء إلى الله وإلى الدار الآخرة التي هي دار الحيوان لوكانوا يعلمون، يعني أبناء الدنيا.
ومن صناعتهم أيضاً التزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة بضروب الأمثال، والوصف البليغ، والمواعظ الحسنة، والحكمة البالغة، والتذكار والبشارة والإنذار، بمعرفة واستبصار ويقين ودراية، بلا شك ولا ريبة. وقال الله تعالى في مدحهم:" ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً، وقال إنني من المسلمين".
ومن علامات أولياء الله أيضاً وصفات عباده الصالحين أنهم لا يذكرون في مجالسهم وخلواتهم أحداً إلا الله، ولا يتفكرون إلا في مصنوعاته، ولا ينظرون إلا إلى فنون إحسانه وعظيم إنعامه وجميل آلائه، ولا يعلمون إلا لله، ولا يخدمون إلا إياه، ولا يرغبون إلا إليه، ولا يرجون إلا منه، ولا يسألون إلا هو، ولا يخافون غيره، وهم من خشيته مشفقون. كل ذلك لصحة آرائهم وتحقق اعتقادهم في ربهم، وشدة استبصارهم أنه لا يقدر على ذلك بالحقيقة إلا الله تعالى. وهذا الاعتقاد الحق والرأي الصحيح الجميل، ينتج لهم من صحة معرفتهم بربهم وتيقن علمهم به، وذلك أنهم يرونه رؤية الحق في جميع متصرفاتهم، ويشاهدونه في كل حالاتهم، لا يسمعون إلا منه، ولا ينظرون إلا إليه، ولا يرون غيره على الحقيقة، فمن أجل ذلك انقطعوا إليه عن الخلق، واشتغلوا بالخالق عن المخلوق، وبالرب عن المربوب، وبالصانع عن المصنوع، وبالمسبب عن السبب، وتساوت عندهم الأماكن والأزمان، وانمحقت الأغيار؛ عند رؤيتهم حقيقته، فتركوا الشك وأخذوا باليقين، وباعوا الدنيا بالدين، وربحوا السلامة من التعب والعناء، وعاشوا في الدنيا آمنين، ورحلوا عنها سالمين، ووصلوا إلى الآخرة غانمين، لأنهم كانوا في الدنيا محسنين، وما على المحسنين من سبيل.
وقد ذكر الله تعالى نعت هؤلاء القوم في القرآن في آيات كثيرة، وأثنى عليهم ومدحهم.

عندما تتأجج نار التحششيش .. تنأى الحشائش بالحشيش الحشحشش ..
وحشيشة التحشيش .. عمر أحشش ..
حش الحشائش في حشيش محشش ..
حشاش يا أخا الحشيش ..
حشش على تحشيش محششنا القديم ..
سوريا الله حاميا
jesus i trust in you
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05140 seconds with 11 queries