عرض مشاركة واحدة
قديم 31/07/2009   #1
صبيّة و ست الصبايا Nay
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ Nay
Nay is offline
 
نورنا ب:
Sep 2007
المطرح:
هون مو بعيد كتير
مشاركات:
1,334

افتراضي وليد معماري فشة خلق


يا شجر الخابور كتبت فيما سبق من الأيام عن شاب مجاز أوفد لتفوقه من قبل وزارة الصحة إلى دولة أوروبية، وعاد الرجل وهو يحمل دكتوراه في الأمن الغذائي.. وهذا اختصاص نادر في بلدنا.. واحتارت الجهة الموفدة في أمره.. ثم أمرت بتعيينه مشرفاً على مطبخ مشفى مدينة سلمية!...
وأوفدت وزارة التعليم العالي، لصالح المؤسسة العامة للاتصالات، المهندس (ع. خ) من محافظة درعا إلى جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية عام 2007، وحاز المهندس على درجة الماجستير في هندسة الاتصالات والإلكترونيات.. وعاد، فعُيّن في قسم عادي، وكعنصر عادي، يداوم في عمله، ولكن من دون عمل.. مثله مثل أي حامل لشهادة محو الأمية..
والأمثلة كثيرة.. والسؤال، أو الأسئلة كثيرة، فإذا كان مستقبل الحاصلين على شهادات عليا هو التهميش، ووضعهم في أماكن لا تمت إلى اختصاصاتهم الدراسية بصلة، فلماذا تخسر الدولة الأموال الطائلة، وبالعملة الصعبة، على تعليم هؤلاء؟!...

والحكاية ليست جديدة، فثمة حكايات، وحكايات كثيرة تروى، وبعض أبطالها ما زالوا أحياء يرزقون.. ومنهم شاب من صافيتا استطاع أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، اختراع إذاعة تبث على الموجة المتوسطة.. وكانت استطاعة إذاعته لا تتعدى حدود بلدته.. والمستمعون إليها لا يزيدون عن العشرة.. ومع ذلك دوهم بيته، وصودرت أجهزته، واقتيد إلى التحقيق، ثم القضاء، وربما حكم عليه بالسجن.. بتهمة امتلاك وسيلة إعلام غير مرخصة!...

وأذكر شاباً من دير الزور، استطاع تجميع طائرة من مواد محلية متوفرة حوله، بما في ذلك محرك سيارة قديم.. وحين اكتمل عمله تقدم بطلب إلى إدارة مطار دير الزور، من أجل تجربة طائرته على مدرجها، وكان المطار يستقبل طائرة ركاب واحدة كل أسبوع.. وقد رفض طلبه.. وقيل أنه من باب اليأس، جرّب طائرته على طريق دير الزور/ الميادين.. بعد منتصف الليل، حيث لا سيارات تعبر الطريق ليلاً في ذلك الزمن... وبشهادة شهود، فإن الطائرة طارت مسافة ثلاث كيلو مترات.. وهبطت في حقل للقمح.. وخرج منها مخترعها وهو يصيح: "طارت.. طارت"!.. ومنذ ذلك الوقت صار صبية المدينة يلحقون الشاب المخترع، ويصرخون خلفه: "طارت.. طارت!.. وظل الاسم لصيقاً به حتى ساعة رحيله عن دنيانا..
وأعرف شاباً كان شديد النبوغ أثناء دراسته الرياضيات في جامعة دمشق، وطالما أقدم هذا الشاب على تصحيح أخطاء رياضية لأساتذه، واستطاع ابتكار سلاسل رياضية لم تكن معروفة على مستوى العالم.. وللأسف، طرد الشاب من الكلية.. بسبب معارضته العلمية لأساتذته.. وهاجر الشاب إلى الشمال الأمريكي، وأنجز هناك العديد من المخترعات.. وحين عاد إلى الوطن، أنجز مخترعات تتلاءم مع حاجة الوطن إليها.. وقد عاينت الكثير منها.. وأعجب مخترعاته، تصميمه لمصيدة رياح، يمكن أن تشاد في جهة ما من حمص، وتولد طاقة كهربائية تعادل الطاقة المولدة من سد الفرات... وقدم اختراعه قبل ما يقرب من خمس عشرة سنة، إلى جهة ما، فأثنت على الابتكار. ومن باب التشيع على الأفكار المبتكرة، صرفوا له مبلغ خمسة آلاف ليرة، خاضعة للخصم الضريبي، وفق الأنظمة المالية المعمول بها!..

وها قد عدنا، والعَوْدُ أحمدُ.. إلى تقنين الكهرباء.. ونحن نقنن الكهرباء (فولوكلورياً) شتاء حين يشتد البرد، وتبدأ مليونا مدفأة كهربائية، على الأقل بالعمل في وقت واحد، فنلجأ إلى معاقبة المتدفئين بقطع التيار عنهم... وأما في ذروة الصيف حين تصل الحرارة إلى أربعين درجة مئوية، ويلجأ الناس إلى تشغيل المراوح والمكيفات دفعة واحدة.. فالحل يكمن في قطع التيار عن نصف البلاد في ساعات الذروة الحرارية... ناهيك من أناس (وأنا منهم) يستخدمون الكومبيوتر كجزء أساس من عملهم.. وتعطل الكهرباء يعني ضياع ساعتين من وقتهم...

.. ثم يظهر (الفهاولة) على شاشات التلفزيون (وعذراً لاقتباسي المصطلح من صديقي نضال معلوف) ليبرروا أزمة التقنين، ويستعيرون قميص عثمان، ويعزونها إلى التكاثر السكاني.. والتعدي على الشبكة عن طريق السرقة غير المشروعة للتيار... متناسين أن التكاثر السكاني أمر يمكن حسابه بيسر، ويمكن لأية هيئة تخطيط معرفة العدد الذي سيصل إليه سكان سورية عام 2050 ، وبالتالي كان على المخططين أخذ نسب التزايد قبل خمسين سنة على الأقل..

أتذكر هنا، من باب الطرفة، أنه حين حلّت عام 1996 الذكرى الخمسون لعيد الجلاء، قدم التلفزيون العربي السوري برنامجاً مفبركاً، وهابطاً وغير لائق بالذكرى... وحين صارت فضيحة الضحالة فضيحة.. برر معدو البرامج تقصيرهم بأنهم فوجئوا بالحدث!!!..
..أزمة التقنين ليست ابنة ساعتها بل نتيجة النتائج من تمديد شبكات للتيار العالي، يصل الفاقد فيها إلى 36%.. بينما الفاقد النظامي المسموح به هو 12%.. وقد بقي أصحاب الصفقات دون مساءلة.. وبقيت آلاف المزارع، بفيللاتها الفخمة، ومسابحها، وآبارها، خارج بنود دفع الفاتورة، لأن أصحابها من صنف الملائكة!.. أولئك الذين يفيضون بنورياتهم نوراً مقنناً على المساكين..
لا تقولوا لي أن نبع بردى قد جف.. هو لم يجف.. ولكن ثمة مئتي وألف بئر غير مرخص تنضح من مياههه... ولا تقولوا أن نهر الخابور جف.. فثمة ألفي بئر غير مرخص تنضح الدم من عروقه..

وعلى قول الفارعة بنت طريف:
أيا شجر الخابور مالك مورقاً
كأنك لم تحزن على ابن طريفِ
ولو عاشت الفارعة بنت طريف في زماننا، لرثت دجلة وبردى والنيل...




طائر واحد يكفي لكي لا تسقط السماء
فرج بيرقدار
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.06525 seconds with 11 queries