عرض مشاركة واحدة
قديم 26/09/2006   #4
شب و شيخ الشباب skipy
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ skipy
skipy is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
مشاركات:
660

افتراضي 4


في التريبيتاكا (قانون بالي) نجد أن النيرفانا هي الموازية للنعيم الأبدي، في حين قد يظل مستعصيّاً على المقارنة بالنسبة للشخص غير البوذي كيف يمكن الوصول إلى حالة النعيم الأبدي حين تتوقّف المشاعر عن إنتاج ردّات فعل. لهذا السبب، من المبسّّّط وصف النيرفانا على أنّها "السلام الأبدي" أو "الراحة الدائمة".
حين ينظر المرء إلى النيرفانا باعتبارها وسيلة خلاص، كتحرّر لابدّ من البحث عنه بالفعل، على المرء أن يلاحظ أيضاً أن هذا ليس غير تحرّر مطلق. من هنا، من الضروري الوصول إلى كارمات طيّبة كثيرة من أجل إحراز الخلاص البوذي. وبعد وصول المرء إلى حالة النيرفانا، لا يعود وجود للكارما. فالنيرفانا تقبع عند نهاية الكارمات كلّها.
حين يصل المرء إلى حالة في حياته حيث العواطف والمشاعر أحرزت وضعيّة راحة، حيث غادرت كل الرغبات، فمن الممكن بالتالي أن يدخل حالة النيرفانا حتى قبل الموت. لقد تم التغلّب على منبع الرغبة، الكارما أُبطلت، وانكسرت دورة الموت والولادة الثانية. الموت المحايث هو الحدث الأخير.
البوذيّة كممارسة:
كما ذكرنا آنفاً، فالأخويّة البوذيّة، أو السانغا، يمكن مقارنتها بأحد النظم الرهبانيّة. وفي ضوء المعنى المقصود في تعاليم المستنير مع التطبيق الأكثر صرامة لتعريف المصطلح " بوذيّة "، فسوف نجد أن المعنيين بالأمر هم الرهبان فحسب، حيث أنهم وحدهم في موقع يؤهلهم لأداء المهمّات الدينيّة التي يطلبها منهم المستنير. وهكذا فالرهبان وحدهم يصلون إلى حالة السعادة الفائقة ذات الطابع الديني بكماليتها الكاملة، مع أنه باستطاعة أي علماني الانضمام إلى الأخويّة كي يصبح راهباً.
كل كفاحات الراهب نحو الخلاص سوف تُعاق وسوف يُطرد الراهب من السانغا إذا لم يركّز الانتباه على الوصايا الأربع الرئيسة. فالعلاقات الجنسيّة، السرقة، القتل والتعجرف الديني محرّمة. وهنالك 13 وصيّة أخرى زيادة على الأربع السابقة. وحالات تجاهل هذه الوصايا منوطة بالهيئة الحاكمة للمنظومة الرهبانيّة.
لم تعرف السانغا البوذيّة يوماً أي نوع من العوائق الطبقيّة. من هنا، فالطريق إلى الخلاص متاحة للجميع، بغضّ النظر عن الأصول الاجتماعيّة. ولا بدّ هنا من التأكيد مجدّداً أن بوذا لم يكن حتماً مصلحاً اجتماعيّاً. لقد كانت أفكاره مركّزة على السعادة الفائقة وبالتالي فالفوارق في المكانة الاجتماعية لم تعن له شيئاً. لا بدّ أن نلاحظ أيضاً في هذا السياق أن تعاليم المستنير برسالة خلاصها الفرديّة والمتطلبة إلى الحد الأقصى يمكن اعتبارها في سياق محدّد للغاية ديانة جماهيريّة، بسبب الطريقة التي فُهمت بها في الماضي.
العلماني البوذي الممارس لدينه يؤمن "بالجواهر الثلاث":
بوذا
تعاليم بوذا
الأخويّة البوذيّة (سانغا).
يمكن للعلماني أن يخلق الظروف الضروريّة (كارما) من أجل تناسخ مرغوب. الخلاص مرجأ حتى تاريخ لاحق. يجب الالتزام بقواعد السلوك الخمس: لا تقتل،لا تسرق، لا تزن، لا تكذب ولا تشرب المسكرات.
إن العلاقة بين السانغا والمؤمن تبادليّة ومتعدّدة الأوجه. والعلماني يعطى فرصاً كثيرة لعيش التقوى. وهذه الفرص تتضمّن تقديم الصدقات للرهبان الذين يعتاشون عليها والمساهمة في بناء الأديرة وصيانتها. وفي الصورة الأماميّة للديانة البوذيّة نجد كمال السلام، التسامح، النضال من أجل عيش أخلاقي، التواضع والصبر. ثمّة إجلال عظيم يقرّ به البوذيّون جميعاً للمستنير، حيث لا يجب أن يُخلط هذا الاحترام التقوي مع الصلاة لإله أو لآلهة. بوذا هو حالة نيرفانا وهو بالتالي الشكل البشري الأوحد لفكرة مهيمنة أبديّة. لكن هذا لا يعني أن البوذيين لا يصلّون لبوذا إذا كانوا بحاجة روحيّة لذلك أو يأملون بمساعدة منه. وإذا أراد المرء أن يكون دقيقاً في منطقيّته، لا يمكن لبوذا أن يكون أبداً هدفاً للإجلال من قبل طائفة دينيّة ما، كونه توقّف كليّاً عن الوجود. مع ذلك، يمكن للمرء إظهار الإجلال لذكراه باعتبارها تجسيداً لمبدأ الاستنارة. ولا يبدو هذا متناقضاً مع معنى التعاليم.
من الجدير بالملاحظة هنا أن القربان العبادي غير موجود على الإطلاق في البوذيّة. والاستعداد الموجود بالفعل لأن يضحّي المرء بذاته موجّه بالكامل نحو دعم الأخويّة ومساعدة أولئك الذين يعانون.
البوذيّة منفتحة تماماً على الآلهة، وهكذا فالصلاة لآلهة عديدة – طلباً للعون أو تقديماً للشكر – لها فيها مكان منفرد. ويتمّ هذا إلى درجة أنه يمكن معه تنمية خرافات كثيرة، مثلما يمكن للمرء أن يلاحظ من المعابد أو المنازل المشغولة بدقّة المكرّسة للعالم الروحاني في تايلند، والتي يمكن أن نحظى بها حيث يممنا وجهنا. والروح الخيّر المحليّ، تشاو تاي، يُبجّل بنوع من الحب عبر تقدمات من الفواكه والطعام والماء. بل إنه يكلّل بالزهور ويُرتجى استحسانه وحمايته من الأرواح الشريّرة.
هذا يُظهر أن بوذيّة عقيمة شيء لا وجود له. فتعاليم المستنير تُكيّف مع احتياجات الناس. وبهذه الطريقة صارت التعاليم البوذيّة ديانة جماهيريّة وحركة جماهيريّة بمرور القرون.
يصبح منطق تعاليم بوذا واضحاً على نحو خاص حين ينظر المرء إلى طريق الخلاص بشكل كلّي. فخلال حياته، يمتلك البوذي الممارس لدينه الفرصة لجمع الكارما والتطوّر أخلاقيّاً، معتقداً أن هذه الأمور سوف تعمل لصالحه خلال حياته على الأرض. فهو يؤمن برسوخ أنه سيولد من جديد وأن الكارما التي جمعها سيكون لها تأثير ما على حياته الجديدة. من هنا فكلّ بوذي لديه أسبابه لأن يناضل من أجل كمال أخلاقي كي يجمع أكثر ما يمكن من الكارما الإيجابيّة. أكثر من ذلك، فبقدر ما ينظر إلى الحياة من منحى إيجابي، فالخوف من الموت لا أهميّة له، كون البوذي سيولد من جديد دون شك.
وحين يرغب البوذي في كسر سلسلة الموت والولادة الجديدة كي يجد لذاته مكاناً أبديّاً، يمكنه النضال من أجل تحرّر النيرفانا.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.12070 seconds with 11 queries