الموضوع: حوارات
عرض مشاركة واحدة
قديم 04/01/2008   #177
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


س: قيل عنك أنك كنت تقطع نهر دجلة سباحة من أجل اللقاء مع الكاتب الراحل جبرا ابراهيم جبرا.

"يضحك" إن جبرا كان بالنسبة لي ولشباب آخرين أبا حقيقيا. وكنت أسبح وأعبر جسر الجمهورية كل يومين أو ثلاثة من الأسبوع، كان بالنسبة لنا أيضا مصدر رزق حيث كان ينشر لي ولرهط من الشعراء المفلسين من بينهم جان دمو الذين كانوا يتوافدون يوميا على مكتب جبرا ابراهيم جبرا في مجلة "العاملون بالنفط".
وكان جبرا أبا روحيا بالنسبة لي وكنت أتحدث معه لأنه كان واحدا من العقول النيرة التي أستطيع أن أتحدث معها عن اكتشافاتي في الأدب العالمي التي كنت أقرأه بنهم وكنت مذهولا بالأدب الغربي. وكان جبرا ابراهيم جبرا الكاتب والمترجم والشاعر شخصية فذة، كأنه واحد من شخصيات النهضة الأوروبية العظيمة كدافنشي، التي لها إحاطة بالعلم والأدب والفن والتيارات الفكرية الأخرى، إنه ليس شاعرا أو كاتبا فقط وإنما هو بالنسبة لي كان شخصية عالمية. وأنا عرفته عندما اكتشفت أنه يحرر مجلة «العاملون بالنفط» وكنت آنذاك في كركوك وعرفت أن المجلة تدفع مكافأة مالية كانت متواضعة غير أنها بالنسبة لي آنذاك غير متواضعة، فالدنانير الثلاثة أو الخمسة التي تدفعها كانت كافية لليلتين أو ثلاث في حانة مع عشرة شعراء مفلسين.
س: هل ساهمت تلك العلاقة مع جبرا في ترسيخ عملية الترجمة لديك؟

ج: كان جبرا بالنسبة لي المثال العظيم وهو الذي قام بترجمة شكسبير وآخرين وكنت معجبا بترجماته لشكسبير فهو كان مثالا للمترجم الحق. وأقول لك قصة أنه عندما تركت بغداد للذهاب إلى بيروت والتقيت بجبرا ابراهيم جبرا في مكتبه ببغداد في كرادة مريم أعطاني مخطوطة الملك لير مطبوعة على الآلة الكاتبة كي أوصلها إلى يوسف الخال ببيروت لغرض نشرها في دار النهار. وكان جبرا لا يعرف وأقول هذا للمرة الأولى بأنني كنت ماشيا عبر الصحراء على الأقدام وكان يعتقد بأني ذاهب كأي مسافر بالطائرة أو بالسيارة إلى بيروت، ولم يدر بخاطره هذا الأمر حتى وفاته. ولم أقل له بأني حملت مخطوطة الملك لير معي في حقيبتي عبر الصحراء وفي أحقر الفنادق بحلب وحمص ودمشق وعبر الحدود السورية اللبنانية ومع مهربين مغامرين حتى وصلت بيروت وسلمت مخطوطة الملك لير إلى يوسف الخال ونشرتها دار النهار.

س: أنت تقول انك تكاد تمارس الترجمة يوميا وترجمت العديد من النصوص، ما هو اثر الترجمة على نصك الشعري؟

ج: التأثير كان كبيرا جدا. والترجمة فن قائم بذاته وأنا عندما أترجم -خصوصا الشعر- أقوم بكتابة النص من جديد باللغة العربية محاولا أن أجد الصوت الكافل كما ينبغي أن يكون بالعربية لذلك الشاعر المترجم. وهذا امتحان قاس جدا، والترجمة اليومية المستمرة هي نوع من التمرين بالنسبة لي. وهذا التمرين هو ممارسة اللغة لكي أجد البدائل في العربية لأقصى وأدق التعابير في اللغة الانجليزية. والتحدي هو أن تجد في اللغة العربية التعابير الدقيقة والتراكيب المعقدة التي تجدها أحيانا عند كبار الشعراء. فمثلا أحيانا أقوم بترجمة أبيات من جحيم دانتي لأني أحب أن أترجم لنفسي المقاطع الصعبة لأمتحن اللغة العربية وأتساءل هل يمكن لهذه اللغة أن تعبر عن هذا الشيء أو ذاك كما أجده باللغة الانجليزية لأحد أعظم شعراء اللغة الايطالية. ويقود هذا التمرين أحيانا إلى تجاوز نفسك واللغة لاختراع نوع جديد من التراكيب الشعرية وكل هذا طبعا يؤثر في النهاية علي كشاعر عندما أكتب.
س: الشاعر الامريكي ميروين مهووس بالترجمة، وقد تلقي نصيحة من الشاعر عزرا باوند في بداياته الشعرية الذي حثه على الترجمة، واكتشف الشاعر ميروين أن لغته قبل القيام بالترجمة كان فقيرة وخالية من الدلالات، فهل توفر لديك نفس الاكتشاف بعد ممارسة الترجمة؟

ج: عندما ترجم عزرا باوند للشعر الصيني أحدث ثورة كبيرة في اللغة الانجليزية على الاطلاق وما زالت أصداؤها تتردد حتى الآن، وفي كتابه "Cathay" الذي ترجم فيه لأربع عشرة قصيدة صينية معروفة، عن الحرب وظهر في عام 1915 حين كانت الحرب العالمية الأولى جارية أثر في الشعر الانجليزي بعمق، لأنه قدم التراكيب أو "Ideographs" الصينية، أي وحدات الفكر والتعبير بها في اللغة الصينية. وعندما وجد لها باوند البديل باللغة الانجليزية أحدث ثورة ومن هذه الثورة خرج شعراء مثل غيري سنايدر، الذي لولا تأثره بالشعر الصيني والياباني لما كتب كما يكتب الآن وغيره من الشعراء من بينهم ميروين الذي هو مترجم عظيم، وعاش طوال حياته من الترجمة، وقدم العديد من شعراء الأسبانية والفرنسية والبروفانسية إلى قراء اللغة الإنجليزية. فالترجمة هي نوع من التلقيح، وهي نوع من الجسور التي تمتد عبر اللغات، وتجعل جميع اللغات والكتابات في النهاية تتشارك وتتداخل وتتلاحم لتخلق شيئا جديدا.

س: هل تنصح الشعراء الشباب بالترجمة ؟

أنا أنصح كل شاعر أن يعرف لغة أخرى بشكل جيد وممتاز إذا أمكن وأن يحاول الترجمة حتى لو كان ذلك من أجل لذته الخاصة كتمرين.

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04422 seconds with 11 queries