الموضوع: حوارات
عرض مشاركة واحدة
قديم 26/01/2008   #248
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


حوار مع نائب رئيس اتحاد الكتاب التونسي الأديب ابراهيم درغوثي

حاوره / شجاع الصفدي

/: أستاذ ابراهيم
امتزاج الحضارات على مدار العصور كان له الفضل في خلق عوالم جديدة وآفاق فكرية للبناء والتقدم والتطور في كل الحقب التاريخية حسب معطيات كل حقبة
ولقد شهد العالم الإسلامي والعالم العربي ثورات فكرية عديدة عبر تاريخه الطويل ,بعضها كان يصب في الجانب الإيجابي وبعضها كان يسبب التآكل للجسد الحضاري العربي والإسلامي .
وقد شهدنا في العصر الحديث تغيرات في الجسد الثقافي قد يمكن القول أن بعضها شوّه الكيان المشرق الذي حمله تاريخنا العرب
ي

فمن وجهة نظرك هل يمكن النهوض بحضارة عربية إسلامية جديدة تعيد أمجادا قد يراها الكثيرون قد ولّت وأدارت لنا ظهرها كأمة عربية ؟
وإن كان النهوض بالحضارة والفكر الإسلامي والعربي ممكنا فما هي السبل التي تراها مجدية في هذا الأمر وكيف نعيد تشكيل الصورة الفكرية والحضارية للعالم العربي في شتى المحافل ؟

من أين أبدأ ؟

هل أعود إلى البدايات أم أنطلق من الحاضر ؟

و بما أن البدايات تغري فإنني سأعود إليها لأنها تمثل حسب ظني واعتقادي منارة يزدهي بها كل عربي و يفخر من خلالها بالانتماء إلى شعب قدم الإضافة للحضارة الإنسانية .
لقد امتزجت الحضارة العربية الإسلامية في بداياتها بثقافات العالم القديم

الفارسية و الإغريقية و السريانية و اللاتينية و غيرها من ثقافات الشرق و الغرب . ولا ينكر إلا جاحدا فضل العرب والمسلمين في إيصال ذاك المخزون إلى الزمن الحاضر ، إن بالترجمة والاستنساخ أو بالإضافة والتجويد .
فلولا مدارس الترجمة التي استحدثها العرب في بغداد وقرطبة و القيروان و القاهرة و دمشق و غيرها من حواضر العالم القديم لضاع كثير من الفكر الإنساني خاصة الفلسفة اليونانية و شيء من الآداب الفارسية واللاتينية .
هذا الامتزاج بآداب سابقة و فكر مغاير لما عايشه العرب في جاهليتهم أو في عصر التنوير العربي ( بدايات العصر العباسي ) كان له شأن في تغيير الذهنية العربية . إذ أخرجها من الساكن إلى المتحرك ، من الفكر الدوغمائي
إلى الفكر الذي يسائل الله و الإنسان عن ماهية الحياة وما بعد الحياة .

فالفلسفة اليونانية و آداب الشرق القديم مثلا كان لها دور كبير في تحرير الذهنية العربية من الغيبيات و جعلها إن قليلا أو كثيرا تجانب المسلمات الدينية و تنقدها و لا تكتفي بالتلقي السلبي لما جاء من وراء السماء . مما حدا بكثير من الفقهاء إلى تكفير المشتغلين بها ورميهم بالكفر والزندقة والمروق على الناموس .
و الأمثلة كثيرة على ذلك لعل أشهرها ابن الراوندي والرازي و أبو نواس و الجاحظ و ابن المقفع و غيرهم كثير ...
أما الوافد على الفكر العربي في العصر الحديث فغربي و شرقي :

من باب الغرب الذي دق على أسوارنا مع حملة بونابارت على مصر ثم ما تلاه من استعمار مباشر عم كل بلاد العرب تقريبا ما عدا جزء من الجزيرة العربية . هذا الاستعمار العسكري والاقتصادي كان له جانبا فكريا جعلنا ننبهر به و هو ما يهمنا في هذه المداخلة.

ففكر رجال التنوير في فرنسا مثلا كان له امتدادا في بلاد المغرب العربي خاصة والمشرق عموما .
و التيارات الفلسفية والأدبية الجديدة في الحداثة وما بعدها و جدت في بلاد العرب محاضن لها .

حتى الفكر الماركسي الذي يتعارض مع الدين الإسلامي وجد من يعتنقه و يبشر به في كل بلاد العرب .
و في المقابل كانت أفكار أبي الأعلى المودودي المبشر بفكر آخر تجد من يحتضنها و يفرش لها السبل لتمر إلى الذهنية العربية المسلمة بسهولة ويسر خاصة و هي تضرب على وتر الدين و العودة به إلى منابعه الأولى
فازدهر فكر " الإخوان المسلمين " حتى أصبح من ثوابت الفكر لدى الكثير من المثقفين العرب. هذا الفكر الذي تفرع إلى مذاهب فيها من غالى في التطرف فما يعادي الآخر فقط / الغرب المسيحي مثلا بل وجد حتى في بلاد الإسلام من يكفر و يعلن عليه الجهاد .

أمتنا العربية وعالمنا الإسلامي يعيشان في مفترق طرق في هذا الزمن الصعب الذي فقد فيه الإنسان إنسانيته و تغولت فيه بعض الدول / الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، على كل بلاد العالم وخاصة على وطننا العربي للاستئثار ببتروله. و لا خلاص لنا إلا في العودة إلى العقل المستنير .
يقول المعري في إحدى لزومياته : " ... لا إله سوى العقل مشيرا في صبحه و المساء ".
هذا العقل الذي يستلهم من الماضي ما هو صالح لزماننا و يطرح في عالم النسيان ما لم يعد كذلك
.

/: ألا تلاحظ أن الترويج الإعلامي للأدب في الدول العربية منقوص , حيث أن بعض الدول التي تذخر بالأدباء والمفكرين نجدها تهمل أدباءها ولا تعينهم على المضي قدما في إنجازات أدبية وثقافية تعود بالنفع على المجتمع , بل ويعتبر المسؤولون في بعض هذه الدول أن الأدب والشعر وخلافه من الأمور الهامشية التي لا تسمن ولا تغني من جوع , بل ويعمل الأمن على تقليص أعمال الأدباء ومحاصرتها بفرض رقابة مشددة على نتاجهم الأدبي وكتاباتهم التي تحمل أهدافا سياسية ...
فهل يمكن رغم هذه الظروف المعقدة في العالم العربي النهوض بفكر وأدب جديد نستطيع مقارنته بالأدب العربي


حين كان المستشرقون ومترجمو العالم يتهافتون لترجمة الكتب العربية والآداب العربية في عصر سابق ؟


في زمن سابق ، منذ بدايات العشرينات من القرن الماضي شهد الأدب العربي في كل فنونه ازدهارا لا مثيل له رغم وجود الاستعمار المباشر الذي كانت ترزح تحت نيره أغلب الشعوب العربية مشرقا ومغربا .
فأغلب الشعراء و الروائيين المفكرين الذين تتلمذنا على أياديهم كانوا نتاج ذلك الزمن الجميل .
و كان الكتاب رغم كل الصعوبات المادية والمعنوية التي كان يتعرض لها يصل بلاد العرب المختلفة .
يصل في أعداد قليلة . ولكنه مع ذلك يصل و يتلقفه المهتمون بالشأن الأدبي لينتقل من يد إلى يد لأن في ذلك الزمن كان هناك احترام للكاتب والكتاب .

احترام معنوي فقدناه هذه السنين لأن الأضواء تحولت من الكتاب إلى الراقصات و المغنيات في الكباريهات من جهة والى لاعبي كرة الكرم و مذيعي ومذيعات البرامج التلفزيونية من جهة أخرى .

يعني بصريح العبارة أن مفاهيم القيمة تحولت من مسارها الصحيح إلى مسار مغلوط . وليس الأمر مجرد صدفة و إنما هو مخطط له ومدروس من قبل جهات مختلفة داخلية وخارجية .
ففي الداخل مثلا يسعد الأنظمة الحاكمة في الدول العربية أن يهتم الجمهور بمقابلات في كرة أو بمهرجان غنائي راقص أكثر من الاهتمام بكتاب قد يجر على هذه الأنظمة ويلات.

فهم الآن في حاجة إلى ترقيص الأبدان بطونا و أرجل لا إلى عقول نفكر و تنقد و تعبر عن السخط والرضا.
فيصير ميسرا على لجان الرقابة أن تحظر عملا إبداعيا في المسرح والسينما و أن تصادر كتبا في المعرض التي يتجرأ أصحابها على عرض المختلف و الخارج على القانون المسطر من وزارات الثقافة .
و كم هي الكتب التي صودرت دون وجه حق سوى أن أصحابها عبروا عن إرادة مقهورة لدى شعوبهم بطرق فنية بعيدة عن الغوغائية و العياط

إننا لن نصل بأدبنا العربي إلى العالمية طالما ترجنا رجال لجان الرقابة تتحكم في مصير الكاتب والكتاب لأن أعضاء هذه اللجان حالهم كحال رجال محاكم التفتيش في أوروبا القديمة يبحثون عن أصغر الأسباب ليجهزوا على عمل إبداعي كبير تجرأ على الممنوعات العربية في الدين والسياسة والجنس .
أما خارجيا فالفكر المهيمن اليوم على الساحة العالمية هو فكر رجعي متخلف يقوده مفكرون هم في الأصل صنيعة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية همهم الوحيد تأكيد نهاية التاريخ و الحديث عن صراع الحضارات
و يعزون بذلك الصراع بين الغرب المسيحي و الشرق الإسلامي مما زاد في إلهاب الشعور الديني لدى المواطن البسيط الذي تحول كل شيء لديه الى صراع بين الأيمان والكفر متناسيا أن حقيقة الصراع هو صراع اقتصادي بين الأغنياء و الفقراء ، داخليا وخارجيا .


/: كثير من الدول العربية تكبح جماح أي انتشار لأدب من دولة عربية أخرى , فمثلا نجد أن الأدب التونسي قد يقلّص في بلد ما , وأدب دولة عربية أخرى نجد التعاطي معه ضعيفا ولا يخلق امتزاجا إيجابيا فما هي الدوافع وراء ذلك برأيك ؟



انتشار الكتاب بين الدول العربية و فيما بينها شبه معدوم فالتونسي يكاد لا يعرف من كتاب أقرب بلدين إليه : ليبيا والجزائر إلا النزر اليسير فما بالك ببقية الدول و آدابها في الأطراف خاصة .
فنحن لا نكاد نعرف شيئا عن أدب اليمن ودول الخليج .

و ما هو متداول في المكتبات و المدارس هو الأدب المكرس الذي اشتهر أصحابه بعامل السن أو الشهرة .
أما البقية فما من يعلم عنها شيئا تقريبا .

و هنا أنا أحدث عمن يجري وراء المعرفة والحصول على الكتاب لا عن عامة الشعب . لأن الشعب الكريم في أي بلد من بلدان العرب هو مغيب حتى عن أدباء بلده .
فهو يعرف الفنانين و لاعبي كرة القدم و المهرجين الصغار و لا يعرف أديبا أبلى فكره وعقله في الكتابة على مدى عشرات السنين .

كل هذا راجع كما أسلفت القول إلى تهميش الأدب والأدباء لأنهم بالنسبة للحكام رأس الفتنة النائمة تحت الرماد .
فمن يحمل النار إلى خزان قمحه يا ترى ؟؟؟

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة

آخر تعديل اسبيرانزا يوم 26/01/2008 في 02:36.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04358 seconds with 11 queries