عرض مشاركة واحدة
قديم 29/09/2009   #251
صبيّة و ست الصبايا الأندلسية
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ الأندلسية
الأندلسية is offline
 
نورنا ب:
Jan 2009
المطرح:
بلد المليون و نصف المليون شهيد
مشاركات:
1,147

افتراضي




الشريعة : غابات على مد النظر







عندما تبدأ السيارة تعرج بك ذات اليمين وذات الشمال حتى تصاب بالدوار تعلم علم اليقين أنك تتسلق جبالا هائلة، سرعان ما تدخلك الى عالم آخر من الخضرة والمناظر الخلابة الساحرة. ما تكاد تنتهي العمارات والفيللات، حتى تنتصب أمامك أشجار باسقة غامقة الاخضرار لامعة الأوراق، تصنع لك غابة تجعلك كالطفل يتأمل لوحة جميلة أبدع صانعها في تنميق المناظر، وتنسيق الألوان، وتوزيع الأشجار والأعشاب من مختلف الأنواع. انك في منطقة «الشريعة».
الغابة كثيفة، وأشجار الصنوبر والأرز عالية شامخة تجعل الطريق تتلوى داخلها كالثعبان يزحف تحت العشب، لكن بين الفينة والأخرى تتراءى لك على يسارك (صعودا) مدن المتيجة البليدة وبوفاريك والعفرون، وحتى العاصمة مستلقية على مرتفعات تغازل سهل المتيجة، وسواحل تيبازة، جاثمة في السفح يداعبها البحر شمالا وتسندها جبال الأطلس البليدي جنوبا، وتحدها جبال الونشريس من هناك غربا تشير لك بنهاية مرمى النظر.

طبيعة عذراء
بعد بضعة كيلومترات تبدأ الرؤية تنخفض ويبدأ الضباب يملأ الدنيا، وبياض الثلوج ينافس الخضرة الفاقعة، لقد دخلت بلدية الشريعة أو الحظيرة الوطنية للشريعة التي تقع في تراب ولاية البليدة التي تبعد عن العاصمة حوالي أربعين كيلومترا. انها الغابة الأكثر تنوعا بيئيا وثراء في منطقة الوسط. فالشريعة تزخر بأكثر من 380 نوعا نباتيا، وأكثر من 800 فصيل من الحيوانات.
الحظيرة الوطنية للشريعة هي واحدة من الحظائر الوطنية محمية بقوة القانون من حيث ثرواتها النباتية او الحيوانية خاصة النادرة منها، وتمتد على مساحة تفوق 26 ألف هكتار .. حظائر تختلف وتتنوع من حيث الطبيعة والجو والسمات وحتى من حيث ما تكتنزه من تراث ومحيط بيئي خاص، وثروات حيوانية نادرة.
عندما تدخل مدينة الشريعة، اذا كتب لك الوصول اليها بالسيارة، ما لم تكن الثلوج قد قطعت الطرق وسدت المنافذ، أو بالتلفريك ما لم يكن المكان يغص بالناس في أيام العطل، ونهاية الأسبوع، فانك تكتشف حقا أنك في مكان سياحي بامتياز، يسمو بك فوق سطح البحر بأكثر من 1600 متر يجعلك تتنفس بشكل جيد، تستنشق هواء تشعر وكأنك لم تتذوقه في حياتك، انها احدى المزايا الطبية التي تنفرد بها مرتفعات الشريعة ولعلك لا تتساءل كثيرا اذا اكتشفت أن أحد أهم معالم وبنايات المدينة الصغيرة هو ذلك المستشفى المخصص لأمراض الربو والأمراض التنفسية.

عشرة آلاف سيارة في اليوم
تمنحك الشريعة فرصا للمتعة والاستجمام لا يتصورها الا من كلف نفسه الانتقال اليها. ورغم العدد الهائل من السيارات التي تقصد المكان والتي قد تفوق في بعض المناسبات أكثر من 10 آلاف سيارة في اليوم، وعشرات الآلاف من الزوار فان قلب الشريعة يسع الجميع ولا يضيق ذرعا بمرتاديها. شاليهات خشبية، ومقاه ومطاعم ومساحات ومقاعد وطاولات من الطبيعة المحيطة بك نفسها. منتشرة في الهواء الطلق أعدت للزائرين، بعضها بعود الى الحقبة الاستعمارية وبعضها شيدته الجزائر المستقلة.
في أيام الثلج الكثيف يجب عليك أن تتسلح بالحيطة والحذر ورحابة الصدر أيضا فاذا نجوت من السقوط على وجهك أو ظهرك متزحلقا، فانك قد تتلقى كرة ثلج من أحد العابثين لأن اللعبة الأكثر انتشارا في فصل الثلوج، والأكثر متعة للشباب الذين لا يحسنون التزلج هي التقاذف بالثلوج. فيصطفون على جنبات الطريق وفي الساحة المركزية للمدينة، وحول ساحة نادي التزحلق ليقذف الناس بعضهم بعضا بكريات من الثلج قد يكون بعضها ناعما لكنها لا تخلو من كريات صلبة مؤلمة.

سياحية على مدار العام

المنطقة سياحية طيلة أيام السنة وليس في فصل الشتاء فحسب، ويؤمها الناس من مختلف الفئات والشرائح وحتى الجنسيات يقصدها الكثير من الوزراء والمسؤولين وحتى السفراء خصوصاً الأوروبيين منهم، والسياح الأجانب وعلى رأسهم الفرنسيون. فاذا كانت الثلوج والأمطار والبرد القارس تصنع متعة السياحة الشتوية، فان أشعة الشمس والخضرة والأشجار والأزهار وما يرى من الحيوانات البرية خاصة قرد الشفة الشهير، وزقزقة العصافير المتعددة الألوان والأصناف، يصنع الفرجة والمتعة في فصل الربيع، وظلال الأشجار الفارهة، والنسيم العليل، ورائحة الغابة المنعشة تصنع تفاصيل رحلة الصيف السياحية.

ثروة تنتظر الاستغلال
يدور الحديث عن الكثير من المشاريع السياحية التي ستحظى بها بلدة الشريعة، لاعادة بعث السياحة فيها كما كانت عليه قبل الأزمة الأمنية وأحسن، غير أن السلطات المحلية تنتظر مستثمرين حقيقيين لا مجرد أدعياء ومشاريع وهمية، فتجربتها مع أحد الخواض الذي منحته السلطات حقوق اعادة ترميم واستغلال فندق الأرز وهو من أقدم وأشهر فنادق الشريعة، والنتيجة أنه ظل يتلكأ حتى التهمت النيران بقايا الفندق عن آخره.
ما عدا استثمارات الدولة أو مستثمرين أجانب فان سكان البلدة ومسؤوليها لا يحلمون بغد سياحي أكثر اشراقا لمنطقتهم الأخاذةالجمال والتي تنافس أحسن المناظر الطبيعية في أوروبا كما اعترف أحد السياح الفرنسيين العائد للجزائر الأسبوع الماضي بعد انقطاع فاق فترة العشرية الحمراء.














كتب رولاند رايس عن الموسيقى الأندلسية قائلا: (... لا أحد سمع وأحس لغة مماثلة كما هي في الغناء الأندلسي, ولا أحد شعر بنشوة أكثر عمقًا منها ...)
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.15670 seconds with 11 queries