عرض مشاركة واحدة
قديم 07/08/2009   #32
صبيّة و ست الصبايا ritka
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ ritka
ritka is offline
 
نورنا ب:
Sep 2008
المطرح:
canada
مشاركات:
485

افتراضي


اليادادا العربية
__________________________________________________ ______________________




في أغنية قديمة لسميرة توفيق تم إنتاجها وتصويرها في التلفزيون الأردني ، بالأبيض والأسود، أيام زمان ،نشاهد سميرة وهي تتهزهز مثل مصاب بالتهاب القولون العصبي وتغني قائلة :
رف الحمام مغرب ……………………….!

فيما تنهمك مفرزة من الرجال المتجهمين بياقات منشأة وبذلات رسمية بالغة الوقار ووجوه متقززة، تنهمك بالصراخ بكلمة واحدة ،بعد كل مقطع تنشده أم السماسم ،… إذ كان عليهم أن يقولوا فقط كلمة :" يا دادا" ويكررونها بلا هوادة، حتى تنهي سميرة وصلتها الغنائية . وفي أغنية أخرى ــ مع نفس المطربة البدوية السمراء - المراهقة آنذاك ــ يكرر أولئك الثلة من العتاولة كلمة :" أيوه أه".
لما كبرت وترعرعت أدركت بأن هذه الكلمات – اليادادا وما يشابهها من أوضاع التكرار ــ هي أهم الكلمات التي يمكن أن تقال في العالم العربي ، وإنها أسهل طريقة لكسب العيش، ليس في الأردن فحسب، بل في الوطن العربي بأكمله بلا منازع ولا محتضر ولا مدافع.

المسؤول يقرر .. يحكي… يسرق … يهلفت… ينام… يسكر ، وأنت ما عليك سوى أن تقول : يا دادا أو ايوه أه … طبعا لا داعي لتنفيذ التعليمات أو الأوامر … المهم طاعة المسؤول لفظيا وأمام الناس . وبعدين كل شي بتدبّر.

وإذا لم تكن من منشدي اليادادا العربية تلك ، أو حتى لمجرد أن صوتك يشكل نشازا في الفيلق، فان عليك أن تتحمل النتائج ،أنت وعائلتك وأقاربك ، حتى الجد الخامس بعد الألف .
كبرت واكتشفت إن هذه اليادادا الأردنية هي يادادا عربية بالضرورة .وهي بالنسبة للعرب في مكانة " الألياذة" للشاعر الإغريقي العظيم هوميروس التي يحترمها العالم اجمع وهي تجسد ملحمة حرب طروادة.

كبرت واكتشفت بأن إلياذتنا هذه موجودة في كل مكان ….في البيت والمدرسة والشارع والمكتب وفي علاقة الأب والأم في الأبناء … وهي موجودة في الجامعة وفي المصنع والدائرة الحكومية وأجهزة الاستخبارات والأمن والمطافئ ومديريات مكافحة القوارض … وفي العمل الحزبي المؤيد والمعارض والمغناج في جميع اتجاهاته.

إذا لم تكن من أصحاب اليادادا يتعامل معك المجتمع لكأنك من أصحاب الأخدود .. أنت كافر ملحد زنديق خارج عن نمط المجتمع وعاداته وتقاليده وقيمه …..
القرارات الكبرى تؤخذ عندنا على طريقة اليادادا وتنفذ على طريقة اليادادا.
إنها أغنية عظيمة تعبر عن وعي سياسي مبكر لدى كاتبها ومنتجها ومغنيتها… إنها " مانفستو: المجتمع العربي .

بسبب ذلك فإننا ندور في ذات الدائرة .. لا نتقدم ولا نتأخر .. لا نصحو ولا ننام لا نبتسم ولا نتجهم … لا نكسل ولا نعمل.. لا نحيا ولا نموت.
راح الجد وأجا المزح:
إذا لم نكبّ نظرية اليادادا في سلة المهملات فورا وإلا .. فعلينا السلام !!!!

سأكتب جملة أغلى من الشهداء و القبّل:
"فلسطينية كانت.. و لم تزل!"

طلقة حب و طلقة نار و نسّم يا هوا بلادي :)

you are unique, just like every one else !
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03824 seconds with 11 queries