عرض مشاركة واحدة
قديم 09/09/2004   #1
شب و شيخ الشباب yass
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ yass
yass is offline
 
نورنا ب:
Jul 2004
المطرح:
الآن... هنا
مشاركات:
9,461

افتراضي المحاكم الأستثنائية....روتين في دولة (استثنائية)


رزان زيتونة


قاعة المحكمة الصغيرة تعج بالحضور، لكن من الصعوبة بمكان التفريق بين المحامين وموظفي المحكمة وعناصر الامن، جميعهم يحملون “مفكرات” واقلاما لتدوين ما يجب تدوينه، كلٌ حسب اختصاصه!!

اثناء جلسة المحاكمة يتدافع عناصر الامن بين المحامين متخذين لهم مكانا بين هيئة الدفاع، متكئين على قوس المحكمة للتدوين، حتى انهم يدونون قرار المحكمة وما يصدر عنها من اقوال!!!

طبعا لا المحامون ولا هيئة المحكمة يرتدون الرداء الرسمي، فالقضاء في سوريا، خاصة الاستثنائي، يتصف برفع الكلفة. مثلا، في محاكمة الناشط اكثم نعيسة، السيد رئيس المحكمة يسهب في الحديث امام هيئة الدفاع، عن “امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة” و”نحن في حزب البعث”، وهو على قوس المحكمة، وهذا وحده كاف لفهم طبيعة المحكمة التي نحن بصددها، والذي يستدعي – لو كانت هيئة الدفاع تمتلك موقفا واضحا تجاه هذا القضاء – طلب رد القاضي وفقا للقانون.

في محاكمة معتقلي تظاهرة الاكراد التي جرت في يوم الطفل العالمي، حكم على بعض هؤلاء “بجناية” بالسجن سنة واحدة، على عبد الرحمن الشاغوري، “مجرم” الانترنت، “بجنحة”، بالسجن سنتين ونصف.

يجبر المحامون في احدى الجلسات التي جرت اخيرا، على الوقوف على درج المحكمة، ولا يسمح لهم بالدخول الى القاعة الا بعد التهديد بالانسحاب. رئيس المحكمة متقاعد، لا بأس، فهي محكمة سياسية وفق ما عبر احد اعضائها.

الانكى من ذلك كله، ان رئيس المحكمة في الجلسة الماضية من محاكمة الناشط اكثم نعيسة، اخذ “يعنف” هيئة الدفاع بغضب، عقب تقديمها مذكرة حول “عدم اختصاص المحكمة لعدم دستوريتها”، بحجة ان رئيس هيئة الدفاع، قدم مذكرة مماثلة “عشرين مرة” في دعاوى سابقة!! وان المحكمة كانت في كل مرة ترفض المذكرة وتعلن اختصاصها، متهماً رئيس هيئة الدفاع بأنه “يقرأ سورة البقرة!”، ويعني بهذا التشبيه البليغ، ان هناك هدفا لاطالة امد المحاكمة بغير مبرر، هذا رغم تأكيد رئيس الدفاع المتكرر بأنه “غير مسؤول وحده عن اعداد هذه المذكرة وبأنها نتيجة اجماع هيئة الدفاع بأكملها!”. مع العلم طبعا انه لا يحق للقاضي مناقشة المحامي في ما قدمه في دعاوى سابقة منفصلة تماما عن الدعوى المنظورة امامه.

نقطة الذروة كانت عندما قامت المحكمة تأكيدا على موقفها “بتصوير” ردها في دعوى سابقة، على موضوع الاختصاص المثار في مذكرة هيئة الدفاع، وتوزيعه على الموجودين في قاعة المحكمة، محامين ومراقبين... وعناصر امن.

في تلك اللحظات كان احد المراقبين العرب ممن حضروا المحاكمة، يهمس متسائلا في ما اذا كان من الاجدى الانسحاب من هذه “المهزلة” كما سماها.

هكذا، ينبغي ان يكون كل شي استثنائيا، حتى تفكير هؤلاء القائمين على هذه المحكمة، كي تتأكد انك امام قضاء استثنائي؟

يكون من حسن الحظ، ان الدعاية الحكومية التي تعمل على نشر فكرة ان اصلاحا ما يجري على مختلف الصعد في البلاد، تصطدم بمثل هذه المظاهر، التي تؤكد ان هناك عجزا حتى عن اصلاح شكلي بحت يتلافى هذه المظاهر الغرائبية ويحاول اعطاءها صبغة خفيفة من العقلانية، وهو ما لا يتطلب جهدا استثنائيا بالطبع.

من ناحية اخرى، يبدو ان العجز الحكومي عن التغيير في الشكل والمضمون، يقابله عجز الطيف الديموقراطي السوري عن التعامل مع هذه المظاهر واستثمارها لخدمة المصلحة العامة.

تصر هيئة الدفاع في كل مرة تجري فيها محاكمة معتقل رأي، على ان هذه المحاكمة ستكون محاكمة “تاريخية”، وبالتالي لا بد من السير فيها حتى النهاية، ومتابعة جميع اجراءاتها كما لو كانت قضية عادية امام قضاء عادي. على الرغم من اعتراف الجميع بأنها محاكمة سياسية، الحكم فيها معد مسبقا، ولا اثر لمذكرة الدفاع “التاريخية” في الحكم الصادر - بما في ذلك قرار اخلاء سبيل الناشط اكتم نعيسة بتاريخ 16-8-2004 بسند كفالة.

تحتج هيئة الدفاع (وهي مشكلة اساسا من محامين اعضاء في احزاب المعارضة، ونشطاء حقوق الانسان والمجتمع المدني) بأن اطالة امد المحاكمة، من شأنه ان يعطي زخما اعلاميا للقضية، ويتيح فرصة “للتجمع” الاحتجاجي امام مقر المحكمة، وهو بحد ذاته “مكسب” للحرا ك الديموقراطي السوري.

وقد تكرر استعمال هذه الادوات (الاعلام – التجمع) في مختلف محاكمات الرأي بدءا من محاكمة معتقلي خريف دمشق حتى اليوم بدون اي تجديد في الآليات او التفكير في التقدم خطوة الى الامام، علما ان الاعلام اعتاد مثل هذه الاخبار، وان الوجوه المشاركة في التجمع لم تشهد جديدا. كما لم توضع استراتيجيا واضحة لتكريس عدم قانونية هذه المحاكم وعدم دستوريتها على الاقل عبر رفض الخوض في التهم والدفوع المساقة ضد معتقلي الرأي والاكتفاء بالتأكيد على عدم شرعية القضاء الاستثنائي، وهو ما كان من الممكن ان يتم جنبا الى جنب مع حملة حقوقية واعلامية مستمرة لرفض هذا القضاء، بدل الوقوف عند حدود المطالبة في البيانات المتواترة عن احزاب المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني، بـ”الغاء القضاء الاستثنائي” لعدم شرعيته ودستوريته وعدم عدالة احكامه، بدون ان يشكل ذلك مانعا من الترافع امامه!

في البيان الرقم 1 العام 1978، اتخذت الهيئة العامة لمحامي فرع نقابة المحامين بدمشق، قرارا لها تضمن في احدى فقراته:

...سادسا – الطلب الى الاساتذة المحامين عدم المثول والمرافعة امام المحاكم الاستثنائية ومقاطعتها مقاطعة تامة تحت طائلة المساءلة المسلكية امام مجلس التأديب، ذلك حتى لا تكون مؤسسة المحاماة المقدسة ستارا يضفي الشرعية على اعمال تلك المحاكم...

قد تكون اطياف المعارضة السورية حاليا غير مقتنعة بخيار كهذا في ما يتعلق بمحاكمات الرأي والتعامل مع القضاء الاستثنائي، مع تغير الظروف واللحظة التاريخية في صيغ ذلك القرار فيها، لكن الا يتطلب ذلك ابداع آلية جديدة للعمل يكون لها تأثير تراكمي بعيد المدى بدلا من التأثير “التاريخي” الذي ينتهي تاريخه بصدور الحكم وانتهاء المحاكمة؟

أبو مـــــــــ1984ـــــــارال
خبز,, سلم,, حرّية

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04618 seconds with 11 queries