عرض مشاركة واحدة
قديم 19/08/2008   #45
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


1.ك. س. ب.



»أياً كان سوى بوش« (ا. ك. س. ب). هذا هو الشعار الذي يحفّز الناخبين الديموقراطيين الأميركيين على التوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع. وهذا، أيضاً، هو الشعار اللاعب دوراً حاسماً في اختيارهم جون كيري لمنافسة الرئيس الحالي.
لم تنته الانتخابات الفرعية بعد ولكن نتيجتها باتت شبه محسومة. إن سناتور ماساشوستس هو خصم جورج بوش بعد أشهر.
إن »ا. ك. س. ب« هو، إلى حد بعيد، شعار دولي وعربي أيضاً. يمكن، دون خشية المبالغة، القول إن المزاج الأوروبي العام معه. وكذلك الروسي والصيني والأميركي اللاتيني والآسيوي. لا بل ليس مستبعداً أن يكون طوني بلير نفسه يفضل، في العمق، فوز كيري ويحلم أن يستعيد معه العلاقة التي بناها، ذات مرة، مع بيل كلينتون والتي تجاوزت الالتحاق الاستراتيجي لتتضمن أفكاراً، مهما كان الرأي فيها، عن »الطريق الثالث«، ودور الدولة، واليسار »الحديث«، والليبرالية الاجتماعية، وموقع المؤسسات الدولية، والتعاطي مع أزمات الشرق الأوسط، وتأثيرات تحرير التجارة على العلاقات في العالم، إلخ...
إن مواجهة بين بوش وكيري هي، بمعنى ما، مواجهة بين بوش وبلير. لا أكثر من ذلك. ولكن، أيضاً، لا أقل. علماً أن رئيساً أميركياً مثل كيري يدفع بلير إلى إبراز أفضل ما عنده (وهو قليل)، في حين أن رئيساً مثل بوش يدفع بلير إلى إبراز أسوأ ما عنده (وهو كثير).
تدل المعطيات الأولى على أن المقترعين من أصول عربية في الولايات المتحدة تبنوا الشعار الآنف الذكر (ديترويت). ومن دون امتلاك مؤشرات حاسمة يبدو أن المزاج الشعبي العربي يغلّب التخلص من بوش على ما سواه من اعتبارات. وليس مستبعداً أن يكون المزاج الرسمي كذلك خوفاً من الإحراجات الكثيرة التي تسبّبها السياسات القصوى للإدارة الحالية.
إذا كان ما تقدم صحيحاً، وهو صحيح على الأرجح، سنكون أمام بداية ابتعاد عن وعي عربي تقليدي يعتبر أن الجمهوريين أقرب إلى العرب (لمصالح نفطية وغيرها)، وأن الديموقراطيين أقرب إلى إسرائيل (لعلاقة إيديولوجية حميمة، فضلاً عن
المصالح). أي أن هناك من يأخذ العلم بما استجد من تطورات في الولايات المتحدة وإسرائيل والعالم. وأبرز هذه التطورات أن دعم المشروع الصهيوني في طوره التوسعي الراهن يأتي من أوساط اليمين وأقصى اليمين في حين يميل يسار البلدان الغربية إلى التلاقي مع التوجه العربي المعبّر عنه بعرض التسوية بشروط الحد الأدنى.
تدلّل وقائع السياسة الأميركية في المرحلة الأخيرة، بما في ذلك الحملة الانتخابية، تدلّل على هذا التحول. فبوش، الرئيس، يخوض معركته بسياسة شرق أوسطية موغلة في العداء للمصالح العربية: من تهميش القضية الفلسطينية، إلى إلحاقها بالتغيير في العراق، إلى ربطها بمكافحة الإرهاب، إلى إسقاطها لصالح إطلاق يد شارون، إلى تمويت خريطة الطريق، إلى إغفال »رؤية« الدولتين، إلى تأييد فك الارتباط الذي يمكنه أن يعني انتقالاً حاسماً إلى موقع المحافظين الجدد الذين يعتبرون أن قيام دولة فلسطينية عنصر تأجيج للإرهاب لا إخماد له. وإذا كانت الإدارة، تلوّح بالديموقراطية أفقاً انطلاقاً من العراق فإنها لا تعني بذلك إلا التأشير إلى مدى جذرية التطويع الذي تود قيادة المنطقة إليه.
مقابل ذلك عبّر المرشحون الديموقراطيون كلهم (باستثناء جوزف ليبرمان إلى حد ما) عن وجهة مختلفة بعض الشيء. ثمة تنويعات عديدة لديهم ولكن يمكن الدفاع عن الفرضية القائلة إن جون كيري يمثل خطاً وسطاً بين ليبرمان »اليميني« وهوارد دين »اليساري« (فضلاً عن من هم أكثر جذرية من دين).
يقوم هذا الخط الوسط على مجموعة من المحاور: دور أكبر للأمم المتحدة وللحلفاء، تسريع تسليم السلطة للعراقيين بالتراضي، رفض الانسحاب السريع إذا كانت الفوضى بديلاً، التركيز على دور أميركي فعال في الصراع العربي الإسرائيلي يترجم السعي إلى حل »الدولتين« ولا يلقي التبعات كلها على جانب واحد، الدعوة إلى إعطاء الدبلوماسية والمفاوضات فرصة قبل اللجوء إلى العنف...
إن هذه المحاور هي اقتباسات من القليل الذي قاله كيري عن الشرق الأوسط وعن تصوره للسياسة الخارجية الأميركية. غير أنه، بالطبع، قال أشياء أخرى. فهو عبّر عن دعمه الكامل لإسرائيل، وتعاطفه معها، وتمييزه العلاقة الأميركية معها عن أي علاقة مع دولة أخرى في الشرق الأوسط. وهو اعتبر مكافحة الإرهاب واجباً فلسطينياً يسمح بالانضمام إلى الحرب العالمية ضد الإرهاب التي يعتزم المضي فيها بما لا يسمح لبوش الطعن في تراخيه. ومن المقدّر، في الأسابيع القادمة، أن يشدد كيري على كل ما هو مجز في الانتخابات فيزيد من وسطيته الاجتماعية والاقتصادية، ويزداد تقرّباً من مجموعات الضغط القادرة على تجيير أصوات، ويستعيد مرتكزات السياسة الأميركية في الشرق الأوسط (والعالم) وهي مرتكزات يمكن قول الكثير فيها خاصة لجهة تعارضها مع ما يمكن للعرب أن يعتبروه مصالح حيوية لهم.
... ومع ذلك سيبقى »أياً كان سوى بوش« هو الموقف الأنسب والأقدر على أن يشكل مرشداً لكل من يريد التدخل في انتخابات تهم العالم بأسره وتسمح للولايات المتحدة بتقديم أجوبة أخرى على التحديات الراهنة بما فيها تحديات ما بعد تفجيرات 11 أيلول واحتلال العراق.

12/2/2004

قم واضرب المستحيل بقبضتك اليسرى
انت تستطيع ذلك
http://themanofpapers.wordpress.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.15011 seconds with 11 queries