عرض مشاركة واحدة
قديم 02/11/2006   #3
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


المحاكم الدولية الخاصة لم تسلم من الانتقاد لأسباب عدة منها أن الدوافع لإنشائها يغلب عليها الطابع السياسي. لذلك اللجوء الى «محكمة الجنايات الدولية» هو الخيار الأفضل لإبعاد تهمة التسيّس عن المحكمة التي تقام لأسباب خاصة وأهداف معينة. ولكن جريمة اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه لا يمكن إحالتها على محكمة الجنايات الدولية لا لأن لبنان ليس عضواً موقّعاً على الاتفاقية المنشئة للمحكمة، فهذا أمر لحظه النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية ونصّ على وسائل عدة لتجاوزه. لكن العائق الأساسي هو أن العمل الجرمي المرتبط باغتيال الرئيس الحريري لا يدخل ضمن الجرائم التي هي من اختصاص المحكمة الدولية، وهذا دليل إضافي على أن المحكمة الخاصة التي يجري إنشاؤها يصعب تجريدها من مآرب سياسية.
هناك أسباب عدة تدفع إلى الاعتقاد بأن الدوافع وراء إنشاء المحكمة «ذات الطابع الدولي» الخاصة بلبنان لا تعكس استجابة للرأي العام العالمي من أجل وضع حدّ لجرائم ضد الانسانية وإنزال العقاب بمرتكبيها، كما هو الوضع بالنسبة إلى كل المحاكم الجنائية الدولية الخاصة والعامة، ولا تعكس رغبة صادقة في إحقاق الحق وبلوغ العدالة كما يتمنى العديد من اللبنانيين. وسوف أقتصر من هذه الأسباب وأصحاب الأهداف السياسية على موقف الولايات المتحدة الأميركية.
مما لا شك فيه أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ليس لها أن ترى النور لولا إرادة الولايات المتحدة وعملها ونفوذها في مجلس الأمن. ففيما تسعى معظم دول العالم وشعوبه الى إعطاء محكمة الجنايات الدولية، لمَا تتمتع به من كفاءة وصدقية ونزاهة القدرة على ممارسة سلطات فعلية في تطبيق القانون الدولي الانساني وفرض حكم القانون على مرتكبي كبرىات الجرائم، الشرعية في القانون الدولي، تمتنع الولايات المتحدة عن التوقيع على الاتفاقية المنشئة لمحكمة الجنايات الدولية وتفرض عقوبات على كل دولة تنضمّ الى المحكمة الدولية ما لم توقّع مع الولايات المتحدة تعهّداً بأنها لن تلجأ الى محكمة الجنايات الدولية في شأن أية جريمة أو مخالفة قد يرتكبها جنود أو مواطنون أميركيون أو من حالفهم.
أما في شأن المحاكم الجنائية الخاصة فتكفي لتقويم موقف الولايات المتحدة لجهة التجرد والحرص على أن تأخذ العدالة مجراها وتبلغ هدفها، مقارنة موقفها في شأن محاكمة ومعاقبة من تعتبر أنهم ارتكبوا جرائم جسيمة وخطرة في العراق وفي لبنان. ففي العراق تعتبر الولايات المتحدة، وقد أعلن رسميّوها مراراً، أن صدّام حسين وشركاه في الحكم مسؤولون عن جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية، إضافة الى أصناف عدة من الجرائم ضد الإنسانية، لكنها ترفض إنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة صدّام ورفاقه. فمن أجل بلوغ العدالة بالنسبة إلى جرائم دولية بامتياز تلجأ الولايات المتحدة، وبصورة مخالفة للقانون الدولي الذي لا يجيز للمحتل إقامة مثل هذه المحكمة، الى إنشاء محكمة عراقية خاصة، في بلد مسلوب السيادة وفي حالة تمزّق داخلي، تعمل في الإطار العراقي وفي منأى من كل رقابة دولية وتعكس في تكوينها كل الأحقاد والخلافات الداخلية، مما يحول دون بلوغ محاكمة عادلة ولا يضمن سوى الانقسام الدخلي العراقي وارتياب الرأي العام العالمي بعدالة أي حكم يمكن أن يصدر عنها.
أمّا بالنسبة الى لبنان حيث الجريمة هي من دون أي شك من اختصاص القضاء اللبناني ولا يوجد قانون دولي يطبّق في شأنها وليست هناك قرارات سابقة لمحاكم دولية يمكن العودة إليها، فتعمل الولايات المتحدة مع فرنسا وبمساعدة أطراف لبنانية على انشاء محكمة دولية حتى لو كان القانون اللبناني هو وحده القانون الواجب التطبيق.
المهمّ، بعد التنازل عن جزء مهم من السيادة الوطنية والمخاوف التي أثارها موضوع المحكمة الدولية، أن تأخذ العدالة مجراها وألا يصبح دم الرئيس الحريري وآخرين من قادة الرأي الذين قضوا في ظروف مماثلة موضوع متاجرة سياسية وأن تصبح المحكمة الدولية الخاصة وسيلة لمزيد من التصدّع الداخلي يمتدّ ويتفاقم مع امتداد فترة التحقيق وبطء المحاكمة. فما الذي يمكن توقّعه بعد اكتمال الخطوات اللازمة لإنشاء المحكمة وملء الوظائف الضرورية لبدء عملها؟

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03638 seconds with 11 queries