الموضوع: أسبوع وكاتب - 3
عرض مشاركة واحدة
قديم 16/03/2009   #63
شب و شيخ الشباب ..AHMAD
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ ..AHMAD
..AHMAD is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
مشاركات:
4,906

افتراضي


الحرز: الماغوط كتب الشعر لإرضاء ذاته.. وعاش على هامش التجربة الشعرية


عبدالوهاب أبوزيد ، منال العويبيل - الدمام ، الرياض


في انتصار لوهن جسده على جأش روحه.. مضى محمد الماغوط مورثاً الشعر الحديث ثروة جمة من الغيوم الإبداعية الملونة ، والتي أجاد زخها حتى الرمق الأخير الذي سبق فيه سيف الموت عذل يراعه. موت الماغوط أرخى ظله كثقب في صدر سماء المشهد الثقافي العربي، والذي قُضَّ في السنوات الأخيرة مهجعه بأكثر من فقد.
لقد خسرت قصيدة النثر أحد أبرز أعلامها، والذي يتكل على مثل تميزه مؤيدو هذا النوع من الأدب كشعرة فارقة بين الثرثرة الجوفاء وباسق النثر.

يقول الشاعر الناقد محمد الحرز: تأتي تجربة الماغوط في سياق التجريب الشعري في الوطن العربي فمنذ ديوانه الأول ( حزن في ضوء القمر) سجل موقفا يحمل الكثير من السمات اللافتة للنظر إذ إنه جاء من الهامش؛ هامش الحياة، وكان منصتا تماما لحركة التحول الشعري في العالم العربي بخلاف شعراء مجلة شعر الذين كانوا مهووسين بالترجمة والفارق بين التجربتين هو أن تجربة الماغوط حملت هاجس التأثر المباشر بسياق التحولات الشعرية والثقافية بعيدا عن التنظير وبصوت هادئ جدا وإن لم تخل كتابته من الملمح السياسي فما لم يقله في الشعر قاله في المسرح إذ لا يخفى الحس السياسي والأيديولوجي في مسرحه وفي بعض جوانب شعره ولا شك في أن التحولات السياسية والاجتماعية والأيدلوجية في الخمسينات والستينات قد تركت انطباعا على كل الشعراء بصفة عامة ولكن الماغوط ضمن مجموعة اخرى من الشعراء مثل فؤاد رفقة وأنسي الحاج ، كتب الشعر لإرضاء ذاته قبل كل شيء وكان يعيش على هامش التجربة الشعرية.

ويستحضر الشاعر محمد خضر دهشته بوقع نبأ رحيل الماغوط حيث يقول: فاجأني خبر رحيل محمد الماغوط , أذكر أني قرأت (غرفة بملايين الجدران ) ولم أكن قد كتبت شعرا يومها، كان الماغوط يشكّل طوال مسيرته وقعاً جميلاً في عالم الشعر، وتحولاً كبيرا على صعيد القصيدة العربية, ودوما كان الدلالة والإشارة القوية والمثيرة، كأصلح رد على معارضي ذلك النوع الذي يكتبه الماغوط , رحل الماغوط وهو الذي طالما غرّد (خارج السرب )، وطالما كان شجنه ممتدا إلى وطنه العربي الكبير.. الماغوط شاعر استطاع أن يقيس مواجع الشعراء بمشرط حاد.. ومضى نحو قصيدته أبداً تاركاً لنا أن نصاب بدهشة أبدية.
أعتقد أن أهمية الماغوط تكمن في كونه من الشعراء الملتزمين بما يكتبون ، فدوماً كانت قصيدة النثر - وإلى آخر أعماله - هي إيمانه الوحيد.. لم يكن الماغوط يتنقل هنا وهناك كالبقية.. كتب قصيدته، وحافظ على وجودها حتى آخر رمق، وبقي الآخرون يتخبطون هنا وهناك بينما هو ينتج ويظل يلامس أوجاعنا ودهشتنا.

الشاعرة ضياء يوسف تخضب بوحها للماغوط في رحيله بما يتقاطع والشعر نفسه:
نريد أن نرثي رحيلك يا محمد.. يا شلال النرجس البري .. يا سحابة من العصافير.. يا طعم الخبز في تسكع الطريق .. ورائحة الطفولة العتيقة.. نريد ولكن كلماتنا مطفأة مثلما قلت أنت ( بعض الكلمات زرقاء أكثر مما يجب, صعبة وجامحة, وترويضها كترويض وحش). تماما مثل الكلمات الأخيرة التي قلت إنها ستقال في ليلة ما (لأن يدك سفينة مطفأة بين دربين من النجوم). هجرت المطر والريح إذن! تركت الجوع يتراكم لا على أسنانك بل على أسنان هذا العالم أجمع.. كما يتراكم الثلج على أجنحة العصافير!.
قلت إنك لن ترحل تحت النجوم ولن تطأ الأمواج الصافية بحذائك، وأنك ستظل في مؤخرة السفينة تنهش خشبها كاللحم.. تعبرها موجة موجة على رؤوس الأظافر. لكنك رحلت.. قدمك صافية وقلوبنا تنهشها الخسارة.
استسلمت للذهاب أخيرا فهل هناك حيث ذهبت أخت صغيرة كنت تشتهيها ذات عيون فستقية وجدائل مربوطة بالقنب لتبتلع يديها الصغيرتين كالنعناع! هل ثمة ضحكة كنت تشتهيها عالية علو النجوم تخلخل ملايين الجدران وتطحنها أمام عينيك كالرمل! هل ثمة شيء يستحق هذه الفاجعة!.
كنت الصبح الذاهب لأغصان السنابل .. وكنت الصبح الذي كلما جاع شعشع.. سلام طويل يا محمد مقصود تماما مثلما تجيد حفر النهد والتنهد في أشعارك كلها.. سلام الأغنية والهتاف والدمع الأبي .

من ركن آخر ، وقبل عامين مضيا كتب الشاعر محمد الفوز مقالة أعلن فيها وفاة محمد الماغوط على شبكة الانترنت سببت ضجة كبيرة في الوسط الإعلامي، لدرجة تقصي عدد من الصحف والمهتمين لصحة الخبر من مقربين للماغوط. ويخبرنا محمد الفوز عن إعلانه هذا الخبر متقدماً على حقيقته بقوله: نعم أنا من أعلن وفاة محمد الماغوط قبل الموت.. هو رجل تحدّى كل شيء لكنه لم يقهر الموت.
لقد مات الماغوط منذ زمن بعيد.. لقد مات الماغوط و لم تبق سوى عينيه محلقتين في مرايا الضباب .

ويرى الشاعر خالد العنزي في رحيل الماغوط من الفقد بما لا يلؤم ..........خسارته، يقول: كان محمد الماغوط بالإضافة لكونه أحد رواد الشعر والحركة الثقافية صاحب طرح إبداعي متميز، وطليعة لجيل من الشعراء الملتزمين بمشروع حضاري ناصع الهوية أسس لمفاهيم وقيم ذوقية وجمالية جعلت الشعر رديفا للرغيف في حياة الإنسان العربي. لا يمكن لشاعر كبير وعملاق مثل الماغوط أن يكون محسوبا على مدرسة أو طرح محدد، بل على العكس تماما كان محسوبا فقط على حالة إبداعية صنعت من الشعر رقيبا على حركة تشكل اللغة في قصيدة النثر ودمجها ضمن سياق قوالب شعرية حديثة متجددة.
مر الماغوط بعدد من المراحل في بداياته قبل تشكل هويته الأدبية متأثرا بالظرف العام للمجتمعات العربية ورافقها في رحلة تحقيق الذات والبحث عن الهوية ردحا من الزمن ، إلى أن وجد في قصيدة النثر إطارا يمكن من خلاله الدمج بين الشعر كحالة إبداعية وكممارسة أدبية .

ويجد الشاعر طلال الطويرقي في إرباك غياب الماغوط خروجاً من باب أخير للشعر والحياة، يقول: هل يظل الجمال نهبا للموت هكذا؟ راحل باتجاه القصيدة تحمله قدماه!، نشعر بربكة عارمة حين ينتشل الموت مبدعا ليخرجه خارج الشعر/ خارج الحياة ، برحيل هذا العملاق الذي دخل ( المزة ) بحذاء ضيق ليكتب عنه ، ويهرّب النصوص بملابسه الداخلية لتصبح أكثر واقعية ودهشة وجنونا.
هذا الراحل باتجاه القصيدة تحمله قدماه.. عاش حياته بواقعيته المنهكة بين مرض السرطان وقلق النص المدهش. بقامة شبه مرتجلة وقف شاعرا ومبدعا من (المزة)، حتى مجلة ( شعر ) التي تشكّلت قامته هناك فوق صفحاتها.
هذا الراحل الكبير ينحاز بواقعيته المعهودة للموت.. هكذا وحيدا كغصن.. عاليا كوردة.. عميقا كسبات مفاجئ

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04288 seconds with 11 queries