الموضوع: حوارات
عرض مشاركة واحدة
قديم 27/12/2007   #37
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


كيف ترد على من يقولون بتراجع الشعر لصالح الرواية؟
والعالم يذهب للتسطيح والتبسيط أكثر، فبدهي أن يتجه الناس للحكي والسرد أكثر من العمق، الشعراء جميعا يتشبثون بعدة مقولات نافلة تؤكد أهمية الشعر وشرف الميزة الأدبية، والبعض يتحدث عن أزمة الشعر، وانحسار جمهور الشعر، وكل ذلك صحيح، لكنني شخصيا لست معنيا بالكثير بتوزيع الكتب، ومقاييس سوق الكتب، سأظل أكتب كأني اكتب لكل الناس، وكأني لا أكتب لأحد، وحين أطبع كتابا من كتبي، لا أطمح ان ينافس أي كتاب آخر، وأستغرب لو قال لي أحدهم أنه اشترى كتابا لي، او تكبد عناء البحث عنه وشرائه.
اعرف كل ذلك، وأعرف أن سوق الرواية اليوم أفضل، لكني ومن باب العناد، سأظل أدرك في داخلي، أن ما أفعله هو الصواب، يمكن لي أن أنخرط في لعبة الكتابة، وشروط السوق، ولكني ما زلت أعيش حالة جمود عقلي، تتمسك وتبرهن لي أن الشعر وحده السيد، ولا مجال لمقارنته مع أي نمط كتابي آخر. هذه قناعاتي وأنا مدرك أنها غير عملية وليست مقبولة. لكن لا بأس من الخسارة والهزيمة، إن كان الامر يتعلق بكتابة القصيدة، التي أحبها وأجد نفسي مهووسا بها. ولا آبه بتراجع دور الشعر، وأزمته وانكفاء الناس عن قراءته، وانكفاء النقاد عنه، لكن ليس لدي حاليا خيارات بديلة.

*في تجربتك الشعرية الكثير من التكثيف هل هناك من مبررات لهذا الاختيار؟

-العالم مكثف، صحيح أننا نشعر بطول الزمن والكثير من الوقت الزائد والفراغ الهائل، لكن اللحظات المؤثرة والخطيرة في الحياة، دائما تكون لمحات سريعة، من هنا أميل للتكثيف لأنه يختزل الكون والحياة في ومضات، ولأن أرواحنا صارت قلقة وسريعة الإشتعال، فإن ومضة سريعة تكفي لتحطيم أو بناء أو تدمير عالم بكامله، الحروب التقليدية والسفر التقليدي، وطرق التعابير القديمة انتهت، ونحن مقبلون على زمن أسرع مما نحن فيه، ولا يجوز أن تظل خطاباتنا السياسية والأدبية والحزبية والفكرية مطولات لا تنتهي، كأننا ما زلنا نقيم في العصور الحجرية، ولم ندخل عصرا جديدا.
هذا جانب ام الجانب الآخر، فهو سبب ذاتي وشخصي، فانا دائما على عجلة من امري في الكتابة، لذا ألخص الأشياء بسرعة كي لا امل من مواصلة الكتابة، لا أنفع للكتابة المسهبة والمطولة، وأجد روحي تهرب مني بسرعة، وتريد تفريغ كل ما لديها بشكل سريع أيضا.
هل تعتقد أنه مازال هناك قارئ وفي للكتاب في زمن الانترنت؟
*
- نعم القارئ موجود والكتاب سيظل سيداً، مهما تراجع مستوى القراءة ودور الورق، وحتى لو تحول الناس كلهم إلى شاشات الكمبيوتر، سيظل للكتاب سحر خاص، وسيبقى هناك من يحمل هذا السحر، وسوف ينتقل الناس قريباً إلى الكتاب من جديد، بعد أن يثبت الانترنت فشله في التثقيف، ويثبت أن متعة القراءة الورقية لا تضاهيها متعة. ولعل الجامعات اليوم منخرطة، في هذه اللعبة لعبة الانترنت لكن الناس سيعودون مستقبلا للكتاب، لأن الحياة والثقافة، لا يمكن أن تختصر في شاشة صغيرة، فهناك فضاء للكتب وللمكتبات، لم تعوض عنها كل هذه المعلومات السطحية الضخمة المتاحة عبر التكنولوجيا الحديثة.
ما جدوى الكتابة ؟
*
- ليس لها جدوى إلا احتراق صاحبها، ولا يسلم أي مشتغل حقيقي في الكتابة من المس،الذي يشبه الجنون، لكن لا جدوى مباشرة من الكتابة، وسط هذا المحيط الهائل من الأمية. لكن لا يملك المبدع الحقيقي بدائل عن الاشتعال في جمر الحروف.
*ماذا عن التجارب الشعرية الجديدة؟

- جميلة جدا، وأحبها وأحب دائما العناصر الطازجة فيها، فهي متسرعة أكثر منا، وتنظر للعالم بمنظار جديد نحتاجه لا شك، كما ان التجديد في الشعر، وفي أي فن من الفنون يتم دائما بالعناصر والمواهب الإبداعية الجديدة. لكن للأسف ومع زحمة النشر، تختلط الامور على البعض، ويظن كل من يكتب أنه يقدم شيئا جديدا، لكن يمكن تمييز بعض التجارب الجيدة، وفي الكثير من التجمعات العربية بلا تحديد، بل لم تعد القصيدة والشعر، مربوطين بعاصمة معينة أو مجلة محددة، صار العالم أرحب من أن يحشر في نمط محدد، ومكان معين، وتجربة واحدة.
متى تتملكك اللحظة الشعرية؟
لا توجد وصفة للحالة الشعرية ولا يمكن وضع برنامج لكتابة القصيدة كما هو الحال في كتابة الرواية او القصة القصيرة او الدراسة، لكنني ضد ضرورة الكتابة اليومية كي لا يفقد الشاعر قدرته على الكتابة كما يقول البعض، ولا أملك بحرا أغرف منه يوميا، لأن اللحظة الشعرية مرتبطة بمزيج من التوترات والقلق والدوافع التي ربما تجتاحني في معينة أحبها، أكثر من بقية الحالات، وبعد شعوري بالذروة الجنسية، دائما أجد في نفسي رغبة بالكتابة، لكنها لا تتبلور ولا تظهر إلا حينما تشاء هي وبطريقتها، تظل مهمتي حينها إفساح المجال لها للظهور والتعبير.
*هل تتحمل القصيدة أدوارا في الحياة؟

كما تتحمل الشمس دورها، والأغنية دورها، والصبايا الذاهبات إلى موعد العشق الاول دورهن، كذلك تتحمل القصيدة حكمة الخروج دائما على نمط البيت العمودي والقصيدة المتفعلة وحتى تقليدية قصيدة النثر، وهي تركض دائما باتجاه تثوير اللغة، وإحيائها من جديد، ورغم القداسة التي تتمتع بها لغتنا لكنك ترى معي كيف استطاعت القصيدة إنزال اللغة من السماء إلى المقاهي ودفاتر الطالبات وشفاه المغنين. مهمة القصيدة في الدرجة الأولى، التعبير عن رؤية الشاعر للوجود، فلسفته السرية لصياغة الحياة، وفق نمط شعري غير تقليدي، وهي في هذه السيرورة ترسل شراراتها للأرض الرطبة، والباردة لكي تسخن وتدفأ، وتتحرك البذور في باطن التربة، وبالمقابل تساهم في تخضير نبات المعنى وخضرة اللغة، وتحاول إعادة صياغة الطين من جديد.
ما الذي يمنح قصيدة ما خلودا في وجدان القارئ ونحن في زمن متسارع؟

* ليس بالضرورة أن تخلد أجمل القصائد، ربما يساهم الوجدان الشعبي في لحظة ما بتخليد قصيدة ركيكة او بيت شعر سطحي، في العمق لا يُحتفظ بالقصائد العميقة إلا في الكتب، وفي الثقافة الشفاهية يردد الناس ما يصلح للحكم البسيطة أكثر مما يصلح لتثوير الوعي، ويتناقل المتناقلون ما يساهم في تثبيت اليقين اكثر وما يقلل من شقاء الحياة وشر الوجود، أما الشعر الحقيقي فهو يشبه النار المقدسة، والشعر الوجودي ثقيل على العامة لهذا تحتفظ الأساطير ببعض الديمومة فيما يساهم الدين في تكريس بعض المفاهيم الشعرية، لكن الغيوم العابرة لا تتوقف بثقلها في السماء بل تترك ماءً يحيي الأرض وهذا هو الشعر.
كيف ترى موسى حوامدة في عيون القصيدة القادمة؟

*ربما تحررني القصائد الجديدة دائما من عقدة الطمأنينة، والركون إلى منصة الثقة، دائما تذهب رياحي باتجاه آخر، عما توصلت إليه، ولذا لا أعرف كيف سأرى نفسي بعد لحظة او عمر معين، ولا أملك تصورا لما سيتبلور من قصائد، تحملني إلى أفق جديد، أو مناخات جديدة، أو منزلقات أبعد، لكنني لا أفضل الاستقرار، وأرفض التنميط ، وأفرُّ دائما إلى جهة أبعد.
ألا تخشى قصيدتك الزمن؟
* بالتأكيد كل أدب مهدد بالزوال، كما كل الثقافات والبشر، ولكل أثر في الوجود عمر افتراضي سيعيشه، ولا أفكر كثيرا في أهمية الزمن، ولست من الذين يعولون على الاجيال القادمة، فلها حين تجيء، آفاقها وأمزجتها ونظرتها لكل شئ، وربما تتخلى عن كثير من هذا الإرث الثقيل عليها، وتجد لنفسها لغة متطورة، أكثر منا، وآفاقا شعرية أعلى مما وصلنا، هذا شيء بديهي وطبيعي، وربما تنساق وراء موضات وعصرنة وتكنولوجيا تبعدها عن الجوهر الحقيقي لثقافتها، لا شيء مضمونا غدا، والأرجح ان العودة لنا قد تكون كنموذج لدراسة التراث الغابر، وشكل الإنجازات الأدبية والثقافية في عصر العولمة المدمر هذا.
تركت مجموعاتك الشعرية صدى طيبا ، هل أنت منحاز اليها الان بنفس الرضى؟

- على الإطلاق، لدي دائما هاجس التغيير وعدم الرضا، ودائما أفكر بالتخلي عما كتبت والهروب إلى لغة جديدة وعوالم أحدث، وتجتاحني رغبة أحيانا بحرق الكثير من القصائد، لكني أتردد لحظات حينما أجد أن البعض أحب حتى تلك القصائد الاولى، فأقول ربما ساهمت في بلِّ شفاه البعض، أو في منحه بعض الشعور باللذة، كما أنه لا يجوز لي بعد الخلاص من الكتابة والنشر، أن أنقلب على مؤلف غيري، لان ذاك الذي كتبها لم يعد “أنا” لأني لا أحس اليوم بمثل ما كان يحس “هو” من قبل، ولا أرى العالم كما كان يراه، ولا أفكر بطريقته، وربما كان يرى أفضل مني، ويفكر بحكمة أكثر مني، أو بجنون أقرب شعريا مني، لكني اليوم لست “هو”، فلا أترك الحكم على ما اقترف لمن لا يجد وصلا به، ربما تقطعت بيني وبينه السبل، ولا بد من احترام تجارب الآخرين

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة

آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 11:46.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04971 seconds with 11 queries